الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وادى الأمانة .
أما بعد : اتقوا الله عباد الله (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
عباد الله : تأملوا أحوالكم، وتذكروا مصيركم، وانظروا في أعمالكم ، واعلموا أن ذم الدنيا لا ينصرف إلى ما خلق الله فيها من المنافع والمآكل والمشارب والأموال وإنما ينصرف الذم والوعيد إلى تصرفات بني آدم فيها، فمن افتخر بها وأعجب بها فكانت شغله الشاغل .
وإن من الاغترار بالدُّنيا السعيُ خلف الشُّهرة وبريقها، فكثيرٌ من الناس تَتُوق نفسه إلى أن يُشار إليه بالبنان أو أن يكون هو حديثَ المَجالس، أو أن يُسمع قولُه، أو يُكتب؛ لذا قد يَسعى بعضُهم بكلِّ سبيلٍ إلى تحقيق ذلك، فحب الشهرة والظهور هو من نداء النفوس المريضة حينما تشعر بالنقص والدون، فيضيع مقياس القناعة، ويغيب عن البال قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: “ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس”.
وطلب الشهرة مذموم مطلقا حتى في أمور الدنيا من غير
الطاعات ، ولنقف على ما استجد في عصرنا من وسائلها ، ألا وهو موقع من مواقع التواصل الاجتماعي بل هو من أشهرها ، ألا وهو السناب، وهو كغيره سلبا وايجابا ، لكن لننظر إلى مكمن السلبية لمدافعتها ، كم تلاحظ ما يصحب كثيرا من أهله من هوس الشهرة وبيع الوهم واختراق حصون الأسرة ، حتى وصلت الحال ليكون صناعة المهرجين وتحويلهم إلى قدوات ولا غرابة إن ردد البعض أن طريق النجومية السخف والتهريج ، فهو مصداق حديث المصطفى ﷺ في السنون التي تسبق الدجال فيما رواه الحاكم وصححه الألباني، قال:( وينطق فيها الرويبضة) قيل: (وما الرويبضة؟ قال: المرء التافه) أي الخسيس الحقير بحثا عن الشهرة والظهور.
بل وأصبح الضرب على أوتار قلوب الفقراء مادة دسمة
لإظهار المشهور بالقالب الإنساني، وأصبح الاستغلال
الدعائي الكاذب مادةً تسويقيةً عندهم وشطارةً في التجارة، وقد جاء نهيُ النبي ﷺ عن لباسِ الشهرة كما عند أحمد وأبي داود عنه ﷺ أنه قال:( من لبس ثوب شهرةٍ في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلّةٍ يوم القيامة) وفي لفظ عند أبي داود ( مَنْ لبس ثياب شهرة ألبسه الله ثياب مذلة تلتهب عليه نارا )
والشهرة بمثابة السبع الذي يفترس الإنسان إذا لم يتفطن لها ، كيف ؟ قال النبي ﷺ كما في المسند وعند الترمذي من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه 🙁 مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ )
بل إن هذه التواصل أصبَحت وسيلةً لنشرِ خُصوصياتِ
الأُسرِ والجلسات والرحلات وما يصاحبُ ذلك من التباهي والتفاخرِ وإظهار أن عنده وله ما ليس لغيره ، مما يثير حفيظة الآخرين ويكسر قلوب العاجزين ، بل ويهيجهم مما ينفرهم عن منهم تحت ولايته من أب أو أم لعدم مسايرة أولئك المترفين أو السفهاء في ترفهم وسفههم ، وهذا باب عظيم من أبواب الكبائر، وصاحبها مطرود من رحمة الله تعالى، وتبرأ منه نبينا محمد ﷺ ، وتوعده بعدم دخوله الجنة، روى أبوداود وصححه الألباني عنه ﷺ قال: « لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ »
فطلب الشهرة مذموم مطلقا ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : كَثِيرًا مَا يُخَالِطُ النُّفُوسَ مِنْ الشَّهَوَاتِ الْخَفِيَّةِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهَا تَحْقِيقَ مَحَبَّتِهَا لِلَّهِ وَعُبُودِيَّتِهَا لَهُ وَإِخْلَاصِ دِينِهَا لَهُ كَمَا قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ : يَا بَقَايَا الْعَرَبِ إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ، قِيلَ لِأَبِي دَاوُد
السجستاني : وَمَا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ؟ قَالَ : حُبُّ الرِّئَاسَةِ )
حتى جاء نهيُ النبي عن لباسِ الشهرة كما عند أحمد
وأبي داود عنه أنه قال:( من لبس ثوب شهرةٍ في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلّةٍ يوم القيامة) وفي لفظ عند أبي داود ( مَنْ لبس ثياب شهرة ألبسه الله ثياب مذلة تلتهب عليه نارا )
والشهرة بمثابة السبع الذي يفترس الإنسان إذا لم يتفطن
لها ، كيف ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وعند الترمذي من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه 🙁 مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ )
فليس كلُّ مشهور ناجحًا أو ناجيًا عند الله تعالى، وليس كلُّ مغمور فاشلاً أو متأخِّرًا ، فعاشقُ الشهرة لا ينظُر إلا إلى رضا الناس،وما يطلبه المستمعون لا ما يحتاجونه .
رزقنا الله البصيرة والسداد ، وكفانا مآلات الفساد .
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، اما بعد :إن حب الظهور والشهرة مظنة الغرور والعجب بالنفس ، قال إبراهيمُ بن أدهم: “ما صدَقَ اللهَ عبدٌ أحبَّ الشُّهرة “.
هكذا مضى السَّلف الصالِح على هذا المنهاج، وكان هذا دِينَهم ودَيدنَهم، فأين هذا من أقوامٍ غلبَهم حبُّ الشهرة.
قال إبراهيم بن أدهم 🙁 كانوا يكرهون أن توطأ أعقابهم ) أي أن يكون هناك أناس من خلفهم ، بهرجا وتزينا .
قال الذهبيُّ: ينبغي للعالِم أن يتكلَّم بنِيَّة وحُسْن قصد، فإنْ أعجبَه كلامُه فلْيَصمت، فإن أعجبه الصَّمت فلينطق، ولا يفتُرْ عن محاسبة نفسه؛ فإنَّها تحبُّ الظهور والثَّناء.
وقال إمامُ أهل السُّنَّة أحمدُ بن حنبل: أُريد أن أكون في شِعبٍ بمكَّة؛ حتَّى لا أُعرَف، قد بُلِيتُ بالشُّهرة، إنِّّي أتَمنَّى
الموت صباحًا ومساءً”
عباد الله : إن من الصالحين من طلبته الشهرة مع فراره منها الا أنها لم تكن له هدفًا ، فعلى مَن ابتُلِي بها الصَّبرُ والمجاهدة، ومدافعَتُها قدر الإمكان دون الإخلال بوظيفته الصالحة في الحياة، قال المروذيُّ: قال لي أحمد: قل لعبدالوهاب: أخمل ذِكْرَك؛ فإنِّي أنا قد بُلِيت بالشُّهرة )ولعلها إن شاء الله من عاجل بشرى المؤمن .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ،
، اللَّهُمَّ إنا نَسْأَلُكَ فَرَجًا مِنْ عِنْدِكَ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ
فِي سَائِر بلاد المسلمين. اللَّهُمَّ فَرِّجْ كَرْبَهُمْ، وَارْحَمْ ضَعْفَهُمْ
اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْبَاطِنِيِّينَ وَالصَّلِيبِيِّينَ وَمَنْ عَاوَنَهُمْ عَلَى
ظُلْمِهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى ،اللهم انصر عبادك المرابطين على ثغور بلاد الحرمين , اللهم انصر جنودنا عسكر الإسلام والسنة ، ومنَّ عليهم بفتح مبين .
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله زاداً للحاضر والباد يا ذا الجلال والإكرام
سبحان ربك …..