يقول السائل: ما الرد على شبهة: كيف تقول إن الله في السماء والله موجود قبل خلق الجهات؟
الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن القائل بأن الله في السماء هو الله نفسه، كما قال سبحانه: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [الملك: 16].
والقائل لذلك الجارية وقد أقرَّها النبي -صلى الله عليه وسلم- أخرج مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل الجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء. قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
وأخرج البخاري من حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟» …إلى غير ذلك من الأحاديث.
فإذن القائل بأن الله في السماء هو الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فإذا كان كذلك فلا يُعترض عليه، بل يُتفهَّم ويُعرف المراد.
فلفظ “السماء” يحتمل أحد أمرين:
إما السماء المخلوقة، فيكون (في) بمعنى (على) كقوله تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ﴾ [النمل: 11]، وكقوله: ﴿ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ [طه: 17] أي: على جذوع النخل.
والمعنى الثاني: أن السماء لغةً: كل ما علاك يُقال له سماك، والله عز وجل قد علا جميع المخلوقات، فهو في السماء أي فوقها جميعها سبحانه.
فقول القائل: “كيف تقول في السماء وهو موجود سبحانه قبل خلق السماء والجهات؟” يُقال: هو فوقها، وأقرب هذا بمثال يُعرف به المراد:
لنفرض أنك في مكان مرتفع، فجاء تحتك واحد، وأنت في هذا المكان المرتفع قبل أن يأتي تحتك من أتى، فأنت فوقه وإن كنت في هذا المكان قبل أن يأتي، أي أنك في المكان الذي فوقه سواء جاء أحد تحتك أو لم يأت أحد تحتك، فلما أتى أحد تحتك فإذا بك فوقه.
ولله المثل الأعلى، فالله فوق المخلوقات، فخلق السماوات وهي تحته، فهو إذن فوق جميع المخلوقات التي خُلقت بعد أن كان في السماء قبلُ سبحانه وتعالى.
فالواجب في هذه المسائل وأمثالها التسليم والتفهُّم لا الاعتراض، كما قال تعالى: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [النساء: 65].
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.