وجدت من يقول: إن الكفر المعرَّف بالألف واللام، إذا أتى في أصول الشريعة فإنما يراد به الكفر الأكبر، وإذا جاء لفظ الكفر منكّرًا، غير معرَّف بالألف واللام فإنما يدل على أنها تلك الخصلة من شُعَب الكفر، ومن خصال الكفر، علماً أن قائل هذا ينسبه لشيخ الإسلام ابن تيمية؟
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم” أن الكفر المعرَّف يراد به الكفر الأكبر، وفيما أذكر أنه ذكر نحوًا من ذلك في “شرحه العمدة”، قسم الصلاة، واستقراء شيخ الإسلام حقٌّ، ومما ذكر مثالاً على ذلك ما أخرجه مسلم من حديث جابر أن النبيr قال: «بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة».
لكن ينبغي أن يعلم ما يلي:
– الأمر الأول: أن كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الكفر المعرَّف المصدر، أي: في لفظ الكفر، لا في لفظ الكافر، فلا يستفاد من كلام ابن تيمية أنه يرى أن قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44] أن المراد به الكفر الأكبر لأنه معرَّف، هذا غير صحيح؛ فإن كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على لفظ الكُفْر، وقد ذكر ذلك شيخنا العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.
ومما ينبغي أن يعلم أن هناك فرقًا بين دلالة المصدر ودلالة اسم الفاعل؛ فإن المصدر يدل على الحَدَث فقط، أما اسم الفاعل فيدل على فاعله وعلى الحدث، وكلام شيخ الإسلام على المصدر.
– الأمر الثاني:أن كلام شيخ الإسلام هو في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا في الكلام الذي جاء عن الصحابة والتابعين.
فلا يصح لأحدٍ أن يعترض على مثل هذا بأن يأتي بكلمة لابن عباس أو غيره بأن يُطلِق على غير الكفر الأكبر الكفر، لأن كلامه متعلق بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وجزاكم الله خيرًا.