أثر الدفاع عن سيّد قطب على ثوابت الأمّة
الحمدلله
{الاسلوب الأدبي والعقيدة}
أو
أثر الدفاع عن سيد قطب على
ثوابت الأمة
-
من العجائب عند الحزبيين وأخص منهم السروريين الإستماتة في الدفاع عن سيد قطب مع وجود الإنحراف الواضح البيّن عنده و اعتذارهم له بإعتذارات لاتمت للعقيدة بصلة أبدا كأن يعتذرون له بأنه أديب مما يدل على اقتناعهم بأنّه منحرف عقديا لكن حزبيتهم تجعلهم يكابرون في ذلك وهذه الحاله من الدفاع بهذه الطريقة عن سيد تعد في حد ذاتها إنحراف عقدي عندهم.
بل إنّ إنحرافه العقدي عندهم لا يشكل أهميّة عندهم في ما يسمونه بالعمل الإسلامي مادامت كتاباته تسبح في مصلحتهم و تغرد في سربهم،
و كون سيد قطب-يعده من يعده- أديبا من أدباء اللغة فإنّ هذا لا يضيف شيئ الى حال سيد قطب و الحكم عليه عند أهل السنة إذا كان النظر يدور حول كلامه وتعبيراته بشأن العقيدة و أصول الدين، فأنّ أمور العقيدة و أصول الإيمان لا تدخل تأسيساتها وتوضيحاتها وتقريراتها في مجال الأدب و أساليبه وإدخالها في هذا المجال من المحال ولا ينمّ إلّا عن جهل أو إستجهال للمتلقي. فما يحصل من الاعتذار لسيد قطب في ضلالته في العقيدة واصول الايمان بان اسلوبه ادبي إنما هو من المغاطة الفادحه التي لا يمكن ان يغض عنها الطرف.
فلا يمكن ان تكون ضلالات الشخص في منبعها واساسها بسبب نزعته الادبيه في الكتابة
لأن هذا تأسيس غير صحيح ابدا للإعتذار له والسبب واضح وضوح الشمس في رابعة النهار وهو أنّ الفهم والوعي بالمعتقد لا ينبع من الاسلوب الادبي بل ينبع في الأصل من ذات معنى الكلمة والجملة بوجودها ودلالتها الحقيقية في النص الشرعي وليس بالأسلوب اللغوي وجمالياته ولتبيين الأمر في شأن سيد قطب نضرب لكم مثال واقعي تاريخي فمن منا لا يعرف أبا العلاء المعري فلا أحد يناكف في مدى قوة أبي العلاء المعرّي في الأدب فلا يَصُفُّ سيد قطب ولا غيره بجانب قوة أدب المعري ومع ذلك قال عنه ابن القيم المعري كلب معرّة بسبب إنحرافاته في العقيدة والتي كان سببها تعبيراته في أمر المعتقد فلم يعتذر لابي العلاء بأن أسلوبه أدبي و أن العيب في من رد عليه و ضلله لعدم معرفتهم بالاساليب الأدبيه و مع أنّ ضلالات سيد قطب لا تقل خطورة عن ضلالات أبي العلاء المعري ونعرف ونعلم علم اليقين أن علماء المسلمين من أهل السنة قد ردوا عليه وضللوه فما هو الشيئ الذي يجعلنا نستثني سيد قطب ونترك أبا العلاء المعري أو الجاحظ المعتزلي وغيرهم كثير، نقطة استفهام يجب على كل عاقل ليس مصاب بفصام علمي وليس بمؤدلج أن يتوقف عندها ليكون لها جواب ولكن ليس جوابا أدبيا كجوابات سيد قطب بل جواب تقريري وهي أن بدعة العصر وهي الحزبية قد تمكنت من أُناس يدّعون أنّهم سلفيون و من أهل السنة وليسوا كذلك فهم يعتقدون أنّهم على السنة كما يعتقد الأشاعرة توهماً أنّهم أهل السنة والجماعة و إنما هم حزبيون قدموا حزبيتهم على عقيدتهم وذلك لأنّ حزبيتهم صارت عقيدة من عقائدهم. و أما ردود علماء أهل السنة على سيد قطب و الذين لا تحزّب عندهم فيضيق المقام هنا عن بسطها ولكن أشير إلى بعض الردود كردّ الإمام ابن باز على سيد قطب في كلامه عن عقيدة الحلول والإتحاد في تفسيره لسورتي الحديد والاخلاص وبانه (ضايع) في التفسير وكذلك نبي الله موسى عليه السلام وقول الشيخ ابن باز بان كلامه وكذلك رد الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ في آخر تسجيل له أنّ كلام سيد هذا لا يصدر الا من رافضي خبيث ولا ننسى رد العلامة الشيخ عبدالله الدويش رحمه الله هو من الردود التفصيلة ومن افضل الردود التفصيلية على سيد قطب ردود الشيخ العلامة ربيع حفظه الله حيث إشادة الشيخ ابن عثيمين بردوده وكذلك الشيخ ناصر الدين الالباني رحمهما الله
-
• و مُراد القول أنّ الإعتذار لسيد قطب في إنحرافاته بأنّه أديب و أنّ هذا أسلوب أدبي يجب أن يطبق على جميع الأدباء الذين هم عند علماء أهل السنة منحرفين وضالين سواء من السالفين أو الحاضرين خصوصا أصحاب الروايات كصاحب الرواية التي عبر فيها كاتبها عن مكانة الله جل جلاله و عن مكانة الشيطان بأنّهما (وجهان لعملة واحدة) فهذا أيضا أسلوب أدبي كما ثلب سيد قطب بأسلوبه الأدبي في الذات الإلهية وكما ثلب موسى عليه السلام و كإتهامه لعقمان رضي الله عنه بأنّ حكمه فجوة بين حكم عمر و علي رضي الله عنهم وكإتهامه لعمرو بن العاص ومعاوية رضي الله عنهما بالنفاق والكفر و هلمّ جر نسأل الله العافية فهل هذا يُعقل ويؤخذُ به في ميزان اهل السنة السلفيين ؟.
إن الحزبية في دفاعها عن رموزها ولو وقعوا في الضلال والكفر يجرّ الويلات على أصول الدين و يعرضها للخطر من أجل مصلحة حزب باطني ضال،
فإذا تفكرت في هذا الدفاع المقيت ومدى خطورته على الدين والأمة وبالأخصّ النشئ عرفت من أين يأتي الإنحراف العَقَدي والإرهاب على أيدي أُناس هم أنفسهم يحاربون الإرهاب بعضهم كتاب و البعض الآخر محاضرين ولكنهم يحاربون الإرهاب الذي
لايأتي من طرفهم وطرف حزبهم، ولكن كيف ذلك!؟
إنّهم بدفاعهم ذا الصفة الحزبية يربون المتلقي عنهم على أنّ دفاعهم عن الإجراء العملي من طرف مَن كان منهم ولو كان إجرائه العملي هذا موافقا لوصف الإرهاب فإنما هي موافقة ظاهرية و أنّ هذا الإجراء العملي هو الصواب وهو الحق ولا أدلّ على ذلك من إنكارهم لإرهاب جماعات غرّدت خارج سِربهم و في المقابل تأييدهم لإرهاب جماعات تفعل ذات الفعل لكنها لازالت في سربهم.
وكذلك أيضا في حالة التقرير العلمي فإنّه إذا أتى من طرفهم ولو كان موافقا لأهل الإنحراف فإنّهم يصورون تأييدهم لهذا الإنحراف أو السكوت عنه بأنّه يصب في أصول أخرى فيها عز الإسلام والمسلمين ولا أدري كيف يَثْبُتُ الشيئ (الإسلام) ويقوم بنقض أصله فهذا لا يقوله إلا ضال أو مراوغ لا يرى عِزّة أبداً في قيام الشيئ (الإسلام) الذي سعى في ذهاب أصله.
والصحيح أنّه يرى العِزّة في قيام جماعته وحزبه و أنّ تقريرهم أو سكوتهم عن إنحراف متفق عليه يخدم جماعتهم و إذا أتى الإنحراف واضحا فيؤكدون على المتلقي والمريد أن لا يتوقف عند هذا الإنحراف بسبب جهود هذا المنحرف الدعوية زعموا وهي في الحقيقة بسبب جهوده لمصلحة التوجه الحزبي وجماعته المتمثل في واقعنا في السرورية او القطبية أو أنّ أسلوب هذا المنحرف (المفكر )او (الداعية) أسلوب أدبي فلا تقف أيّها المتلقي عنده.
-
•و هنا مربط الفرس وهي تربية للمتلقي والمريد على الإستهانة بثوابت الدين و الأمة و أصولها وبالتالي قيمها و ثقافتها في سبيل الإنتصار لمصلحة الحزب و لرموزه كسيد قطب و أمثاله من المعاصرين الذين يترجمون للمتلقين في الجامعات والقنوات الإعلامية بشكل عام فكر سيد ونظرته الحزبية و انحرافاته وانحرافات غيره من كُتّابهم ومفكريهم التي بدورها تخدم الإتجاه البناوي بشكل مباشر أو غير مباشر فيصبح لا ثابت عند المتلقي أو المريد إلا مصلحة الحزب وما يراه المُقرِر لذلك وهذه هي الأدلجة و هي مثلب عظيم له ما بعده من جرّ الويلات على المجتمع.
-
••يتضح مما سبق أنّ المواقف الحزبية سواء كانت صلبة أو متميعة الأمر سيّان فإنها تضر الأمة في ثوابتها ودينها وثقافتها وتجعلها تابعة للجماعة والإتجاه الحزبي ومتحركة على أساس مصلحته وهذا لا يقف عند الإخوانيين بل إنّ الليبراليين يدعمون وبقوة الإتجاه الحزبي أو الفلسفة الحزبية ويحاولون ترسيخها ثقافيا في الأمة وخصوصا عند النشئ بحجة الحرية الشخصية بل إن كثير من الليبراليين يُبجّل كثيرا من المفكرين الإخوانيين الذين يظهر عندهم بجلاء تبنّي الطرح الليبرالي خصوصا بوجهه السياسي أعني الطرح الديمقراطي ا.هـ
كتبه أخوكم
عبدالله بن محمد الشبانات
في يوم الثلاثاء الموافق
١٤٣٩/٦/١١هـ