أخي المُحتفل بيوم المولد النبويِّ : سلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وبعد : اعلم وفقني اللهُ وإياك لهُداه ، واتباع نبيِّه ومُصطفاه … أنه :
١) لا خلافَ بين أهل العلم في أن الواجبَ على كل مسلمٍ ومسلمةٍ تعظيمُ النبي ﷺ ، وتوقيرُه ومحبتُه ؛ بل وتقديم محبتِه على الوالد والولد والنفْس ، والناس أجمعين .
٢) ولا خلافَ بينهم من كونِهم يفرحونَ بولادة النبي ﷺ ، وبعثته وهجرته وجهاده … ، وأن اللهَ أرسلَه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ، وداعيًا إلى اللهِ بإذنه ، وسراجًا منيرًا …
٣) ولا خلاَف بينهم أن اللهَ أنزلَ قولَه : { اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينا } والكاملُ : هو الذي لا يَقبل الزيادة .
٤) ولا خلافَ بينهم أن وحيَ السماء انقطعَ بموت رسول الله ﷺ ؛ فلا دِينَ إلا ما شرعه ، ولا إسلامَ إلا ما جاء به .
٥) ولا خلافَ بينهم أن جيلَ الصحابة والتابعين وتابعيهم ، وحتى الأئمةَ الأربعةَ المتبوعين … لا يَعرفون هذا الاحتفالَ الذي يفعله الناسُ اليوم .
٦) ولا خلافَ بينهم أن النيةَ الطيبةَ ، والقصد الحَسن .. غير كافٍ لتكون العبادةُ مقبولًة عند اللهِ ؛ فإن اللهَ بعثَ محمدًا ﷺ دليلًا على ما يُحب ويَرضى ؛ فما جاء من غير طريقِ الرسول ؛ فليسَ له إلى اللهِ وصول !
٧) ولا خلافَ بينهم أن الجمعَ بين محبةِ النبي ﷺ ، وبين اتباعِ سُنته ، خيرٌ وأبقى من محبتِه ، ومخالفةِ سُنته وطريقته !
٨) ولا خلافَ بينهم أن الرافضةَ هم أول مَن احتفلَ بيوم المولد النبويِّ ، اقتداءً منهم بفعلِ النصارى الذين جعلوا الإله آلهةً عِدَّة !
٩) اللهمَّ إلا روايةً عند بعض المتصوفة : أن أول من احتفلَ بالمولد النبوي هو أبو لهب ؛ الذي أنزلَ اللهُ فيه قرآنًا يُتلى إلى قيام الساعة ؛ فقال تعالى : { تبَّتْ يَدا أبي لهب وتَبَّ * ما أغنى عنهُ مالُه وما كسب * سيَصلى نارًا ذاتَ لهب } (!)
١٠) ولا خلافَ بينهم أن قراءةَ سيرة الرسول الكريم ﷺ ، وحفظها وتعلُّمها ، والاستضاءةَ بنُورها في كل وقتٍ وحين ، من سُنن الصالحين ، وطُرق المُهتدين ، وسُبُل الموفَّقين …
١١) ولا خلافَ بينهم أن الصلاةَ على النبي ﷺ مشروعةٌ على الدوام ، مُستحبةٌ كلَّ الأيام ؛ بل مهما أكثرَ العبدُ منها ؛ فإنَّ اللهَ أكثرُ .
١٢) فإذا وفَّقكَ اللهُ لفَهم ما سبق من إشاراتٍ ؛ ستعلمُ وقتئذٍ أن أهلَ السُّنةِ والجماعةِ يحتفلونَ في كل ساعةٍ برسول الله ﷺ ؛ فيتبعونَ ما به أمَر ، ويَنتهونَ عما عنه زَجر ، ويُصدقونَ الغيبَ الذي حدَّثَ به والخَبر …
ومَن اقتصرَ -في محبته لنبيه ﷺ- على الاحتفالِ بمولده يومًا واحدًا في السَّنة ، وجعلَه يومَ طعامٍ وشرابٍ ، وغناءٍ ورقصٍ ، ومكاءٍ وتَصديةٍ … فلا -واللهِ- ما أحبَّ نبيَّه ؛ وإنما أحبَّ شهوتَه ؛ فأرادَ أن يجعلَها شريعة شرعية !
مَن يدَّعي حُبَّ النبي ولم يَفِدْ
مِن هدْيِهِ فَسَفَاهَةٌ وهُراءُ
الحُبَّ أوَّلُ شرطِهِ و فُرُوضِهِ
-إن كان صِدْقًا- طاعةٌ ووَفاءُ
💡 أخي المُحتفل بيوم المولد النبوي : أسألُ اللهَ أن يهديَني وإياكَ صراطَه المستقيم ، وأن يُجنبنا مخالفةَ هدي سيد المرسلين ، وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيدنا وحبيبنا … نبينا محمدٍ ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين .
أخوكم فراس الرفاعي
11 ربيع الأول 1438