يقول السائل: نريد توضيح صيغة التسبيح في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله في اليوم مائة مرة…» الحديث كيف؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: لا أعلم حديثًا صحيحًا في لفظ التسبيح مائة مرة، بأن يقال: من سبح الله مائة مرة فله كذا وكذا، وإنما أصح ما روي في الظاهر هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه النسائي في “الكبرى”: «من سَبَّح دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة، وهلل مائة تهليلة، غفر له ذنبه، ولو كان مثل زبد البحر».
وهذا الحديث ظاهره الصحة، لكنه حديث منكر ومعلول، كما أشار لذلك النسائي رحمه الله تعالى، فإنه لما رواه وروى بعده حديث يعقوب بن عطاء عن عطاء بن أبي علقمة بن الحارث بن نوفل عن أبي هريرة رضي الله عنه، فأشار إلى أن الحديث هو الحديث المحفوظ دون الذي قبله، ثم قال بعده: يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ضعيف، وقد أيضًا رجح هذا الوجه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه “تهذيب التهذيب”، فإنه قال: وعنه يعقوب بن عطاء، هو مكي، ورواه الحجاج بن الحجاج بن أبي الزبير عن أبي علقة الهاشمي عن أبي هريرة.
فكان الصواب يعقوب بن عطاء عن أبي علقمة، وأشار رحمه الله تعالى إلى أن الصواب هو رواية يعقوب بن عطاء، ورواية يعقوب بن عطاء ضعيفة؛ لأن يعقوب بن عطاء ضعيف كما تقدم بيان ذلك.
وقد رأيت بعض المعاصرين صحح هذا الحديث، ولم يتنبَّه إلى هذه العلة التي أشار إليها النسائي وذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه “تهذيب التهذيب”.
فعلى كل: حديث “من سبح الله” هكذا لم أره ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وثبت في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أيعجز أحدكم أن يكسب، كل يوم ألف حسنة؟» فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: «يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة»
وجاء التسبيح مع غيره كما أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثة وثلاثين، وحمده ثلاثًا وثلاثين، وكبره ثلاثًا وثلاثين»، فهذا حديث ثابت، أخرجه الإمام مسلم.
والمراد بالتسبيح: هو أن يقال: “سبحان الله” كما بين ذلك الشراح، ومنهم علي القاري في “شرحه على مشكاة المصابيح”.
فإذًا ما جاء من الأحاديث من ذكر التسبيح مع غيره المراد به: قول: سبحان الله على ما تقدم تقديره.