أطروحات حامد العلي الحماسية في موازين الضوابط الشرعية السلفية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …………. أما بعد:
فقد لا يعرف كثيرون حامداً العلي؛ لذا فإن حامداً العلي كويتي الجنسية ، ثوري المنهج، إن لم يكن سرورياً فهو إلى السرورية أقرب، أكثر جهوده في مناطحة الحكام وتهييج الشعوب عليهم، يرى أن الحكومات الإسلامية الموجودة تلبست بالردة، وله تأصيلات واضحة مؤداها تكفيرهم عيناً.
ومن أقواله: أن كل حاكم ارتد يجب الخروج عليه بالسلاح.
وفي المقابل إذا نظرت إلى آثاره العلمية وجدته سطحياً صحفياً في حماسة مفرطة؛ حتى يخيل إليك أحياناً وأنت تقرأ له أنك تقرأ لشاب صغير عديم الخبرة والتجربة .
وله عبارات وألفاظ قذرة يطلقها على من يخالفه؛ فله مقال بعنوان : (اللِّحى المستعـارة) قال فيه: والعجب والله كثرة هذه اللحى المستأجرة هذه الأيـَّام ، حتى تكاد تتشابك من كثرتـها فتسدَّ علينا الطرقـات ، وتحجب عنـَّا ضوء الشمس .
وله مقال بعنوان : (خصيان السلطان) .
ومن ألفاظه القذرة: قوله في مقال (حصاد الأنـام في الخروج على الحكّام) : فقـد خَـرِأت عليها الشعـوب العربية ، وهي في طريقها إلى التغييـر ، ولما رجعـت الشعوب من انتصارها على الطغـاة ، وجدتـها ولمـَّا تـزلْ في حفـرة خرائها فأكمـلت عليهـا تارة أخـرى ، حتى لا يخرج هذا الفكر من هذا المستنقع أبـد الدهـر ، فهذا هو مكانه الطبيعي أصـلاً ، ما كان ليغادره … ا.هـ
وقد دفعني للرد عليه أن كثيراً من أصحاب هذا الفكر أصيب بنكسة فانتقل من الحماسة والغلو المفرط إلى الجفاء المفرط، والتميع في دين الله، وبقي هو وقلة على هذا الفكر، وتعلق به بعض الشباب المتحمس؛ لأن هذا الفكر يروج عند الشباب المتحمس الذي لم يترب على العلماء، وسار على سيرهم ، أو لم يصاحب السلفيين فينجو من هذه الحماسات المفرطة المنكرة في نفسها وفيما تؤدي إليه .
وأنتقي مُلخِصاً بعض أطروحاته الحماسية لا كلها ولا أكثرها :
الأطروحة الأولى الحماسية/
الغلو في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله .
مما هو مسلم في الدين أن الحكم بما أنزل الله من أوجب الواجبات وأهم المهمات، وفيه صلاح الدنيا والفوز بالآخرة، ويكفي أن الله تعالى قال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
لكنه غلا غلواً شديداً في هذه المسألة، والغلو مذموم في الشرع مطلقاً قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ) وثبت عند الإمام أحمد والنسائي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو “
ويتمثل غلوه في عدة صور:
الصورة الأولى/ كفر بالتشريع العام، وجعل من لم يكفر به موافقاً للمرجئة . وهذا مع أن التكفير بالتشريع العام مرجوح ولا دليل مستقيم يدل عليه ، بل هو خلاف قول أهل السنة كما صرح بذلك الإمام ابن باز في شريط الدمعة البازية، إلا أن الأشد أن يتهم من وافق السلف في هذه المسألة بأنه موافق للمرجئة . قال حامد العلي في فتوى بموقعه : إنما أخذوا قولهم من فروع مذهب المرجئة الباطل، وقد زينوا بكلامهم استمرار هذا الكفر البواح في بلاد الإسلام ا.هـ
وقد قرر أنه ليس كفراً مجموعة من علمائنا : الإمام محمد بن إبراهيم، الإمام عبدالعزيز ابن باز، والإمام محمد ناصر الدين الألباني، والإمام محمد بن صالح العثيمين – رحمهم الله – وهو آخر كلامه مسجل بصوته قبل موته بسنة تقريباً، وموجود مفرغاً في كتاب (وجادلهم بالتي هي أحسن ) لأخينا الشيخ بندر العتيبي .
وقد نسب الإمام عبدالعزيز بن باز في مجموع فتاواه ومقالاته (28/271) لشيخه الإمام محمد بن إبراهيم أنه لا يكفر بالحكم بغير ما أنزل الله إلا إذا احتف به اعتقاد كفري ، فقد سئل شيخنا العلامة عبدالعزيز بن باز هل الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – يرى تكفير الحكام على الإطلاق؟
الجواب : يرى تكفير من استحل الحكم بغير ما أنزل الله فإنه يكون بذلك كافراً.هذه أقوال أهل العلم جميعاً: من استحل الحكم بغير ما أنزل الله كفر، أما من فعله لشبهة أو لأسباب أخرى لا يستحله، يكون كفراً دون كفر ا.هـ
تأمل كيف جعله قول أهل العلم جميعاً ، ومنهم شيخه العلامة محمد بن إبراهيم –رحمه الله- .
الصورة الثانية/ أن من شدة غلوه في هذه المسألة أنه لم يجعل التشريع العام كفراً فحسب، بل كفراً بواحاً – كما تقدم في النقل السابق -، فلا أدري هل العجب من التكفير به وموافقته للخوارج، كما يقول العلامة ابن باز ، أم رميه قول أهل السنة في هذه المسألة بأنه قول المرجئة، أم جعله من الكفر البواح ؟!!
الأطروحة الثانية الحماسية /
جوّز الخروج سلمياً على الحاكم المسلم لنزعه إذا فسق، بخلاف الخروج المسلح؛ فقد ذكر انعقاد إجماع السلف على عدم جوازه في فتوى بموقعه، وفي رسالة له بعنوان : (الحسبة على الحاكم )، وفي مقال ( الحكومة بين مذاهب خلع الحكومة ) بعد أن نقل النصوص من السنة وأقوال العلماء في الصبر على جور الحاكم قال: فتلك النصوص وكلام العلماء ، في شأن سلطة تستظلّ بظل الشريعة ، لم تستبدلها بغيرها ، تجمع الأمـّة تحت فسطاطها ، وتحمي ثغورها من أعدائها ،
ثم يقع منها بما في السلطة من دواعي التسلطّ المنطوية في طبيعتها ، أنواع من الظلم والتعـدّي على الرعيـّـة ، لم تتوفر وسائل سلمية لمحاربتها ، وفي غيرها من الوسائل عواقب تثمر مفاسد أشــد ضررا على الأمّة من تلك المظالم .
فالصبـر هنا ، إنما هـو على تحمل أخـفِّ المفسدتين ، خشية وقوع أشدهما ا.هـ
والعجيب أنه جمع في كلامه هذا عدة مزالق وفضائح علمية :
الفضيحة الأولى: خالف الأدلة الصريحة التي أمرت بالصبر مطلقاً، ولم تفرق بين الخروج لنزع الحاكم، سواء كان مسلحاً أو سلمياً ، وقد نقل هو طرفاً منها؛ كحديث ابن مسعود في الصحيحين :” ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها ” قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال:” تؤدون الحق الذي عليكم وتسـألون الله الذي لكم “
الفضيحة الثانية: أحدث قولاً في الخروج، فلا هو قال بقول بعض السلف قبل انعقاد الإجماع، ولا قول السلف المانعين مطلقاً والعلماء بعد انعقاد الإجماع .
الفضيحة الثالثة: خالف النقولات التي نقلها عن بعض أهل العلم في حرمة الخروج، وفيها نسبة هذا القول لأهل السنة كمثل قول الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (35/12) : وأما أهل العلم والدين والفضل؛ فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم : بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً ومن سيرة غيرهم ا.هـ
تأمل قول ابن تيمية فيما نقله عن أهل العلم والدين: فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم : بوجه من الوجوه – ثم قال – كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً ومن سيرة غيرهم ا.هـ ويدخل في هذا الخروج السلمي
الأطروحة الثالثة/
دعا إلى مناصحة الحكام علانية من ورائهم ، واستدل بأحاديث ” أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ” وأمثاله ، واستدل بما يستحى منه، ولولا أنه ذكره لما ذكرته وهو قياس الحاكم على الإمام للمصلين، فكما ينكر عليه علانية إذا أخطأ بأن يسبح له في الصلاة فكذلك الحاكم .
وإني لا أدري هل العجب من قياسه الفاسد، أو من استدلاله بما هو خارج مورد النزاع، وذلك أن الخلاف ليس في الإنكار أمام السلطان علانية، وإنما في الإنكار عليه وراءه؛ لذا أحاديث ” أفضل الجهاد ” – إن صحت لأن الإمام أحمد ضعفها – وأمثالها خارجة عن مورد النزاع لأنها في الإنكار أمامه ، ومثل هذا يقال – تنزلاً – في قياسه المضحك المبكي على تسبيح المصلين للإمام إذا أخطأ؛ لأن هذا – تجوزاً- من الإنكار أمامه ، وقد فصلت هذه المسألة في مقال بعنوان: الاحتساب بين الشرعية ( ابن باز وابن عثيمين ) والبدعية (يوسف الأحمد)
http://islamancient.com/mod_stand,item,87.html
الأطروحة الرابعة/
أشاد بهذه الثورات فقال في مقال له بعنوان: (قمع الفتـن بكشف تزويـر (عملاء) طاغيـة اليمن) فقال :
بينما هذه الثورات المباركة هي التي تقـرِّب الأمـَّة من توحِّدها ، وتـرفع عنهـا ذلهـّا ، وهوانهـا ، وتقرّبـها من إقامة العـدل ، وردّ الحقوق ، وإعادة الحكم الراشد في ديارها .ا.هـ
وله فتوى بموقعه رد فيها على سماحة المفتي فيما يتعلق بثورة مصر وتونس .
وهذا مما يستغرب منه غاية الاستغراب ، وذلك أن هذه الثورات لم تدع إلى دين ولم يكن دافعها دينياً فهي لم تناد بتحكيم الشريعة، بل بالديمقراطية والحرية غير المنضبطة .
فيا عجبي لماذا يشيد بها حامد العلي وهي ثورات على حكومة كفرية لصالح حكومة كفرية أخرى على مذهبه؛ لأنها ستُحكم الديمقراطية لا الشريعة المحمدية كما يصرحون بذلك ، فكيف بما ترتب على هذه الثورات من المفاسد الكثيرة التي حصلت من سفك الدماء الكثيرة، وإزهاق الأنفس البريئة، وانتهاك الأعراض المحرمة، لكن يزول هذا العجب إذا علمت أنه اجتمع في الرجل حماسة مفرطة وجهل .
ومن عجائب الرجل التي لا تكاد تنتهي أنه يشيد بحركة وحكومة حماس كما في مقال بعنوان ( قرة العينين في حصاد الثوريين ) مع أن حركة حماس تصرح أنها لم تحكم بالشريعة ، ولا تلزم الناس بترك الزنا والخمر، ولن تقفل الحانات، وتزعم هذا كله ديناً، افتراء على الله تاركة وراء ظهرها قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر )
وأيضاً لم يعرف عنها هدم لقباب أو أضرحة تعبد من دون الله، بل عرفت بالانبطاح الشديد للرافضة ووضع الورد على قبر الكافر الطاغوت الخميني ، وقول: إنه الأب الروحي لدعوتنا ، والقول بأن رأس الرافضة علي خامئني هو أمير المؤمنين وهكذا …كما ذكرت ذلك موثقاً في درس مسجل بعنوان : رسائل إلى حركة حماس الفلسطينية
http://islamancient.com/mktba/play.php?catsmktba=407
وفي المقابل دعا في المقال نفسه إلى الثورة في الدولة السعودية – حرسها الله –
وهذا من تناقضه وتلاعب الشيطان به، وإلا كيف يدعو للثورة في دولة التوحيد والسنة، وهي الدولة الوحيدة التي تنعم بتحكيم كتاب الله، والبيعة على ذلك .
ويشيد بحماس التي تعلن عدم تحكيم الشريعة!!
كيف يدعو للثورة في دولة السنة السعودية، وهي الدولة الوحيدة التي تمنع الأضرحة والمزارات وعبادة الأولياء والصالحين، بل الدولة الوحيدة التي تلزم أبناءها تعلم التوحيد من الصف الأول في الدراسة إلى التخرج من الثانوية .
ويشيد بحماس التي لم تعرف بالتوحيد !!
ولا أرى المقارنة بين الدولة السعودية وحماس إلا كقول القائل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره *** إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
ولا أعني بهذا أن الدولة السعودية دولة كاملة مبرأة من النقص والعيب ، كلا. بل فيها من العيب والنقص ما يقتضي من العاقل إصلاحه وتكميله لا إفساده وتدميره، إذ هي الدولة الوحيدة من قرون التي قامت ولا زالت على عقيدة السلف الصالح .
أيها المسلمون من السعوديين وغيرهم اتقوا الله واعرفوا قدر هذه الدولة المباركة دينياً، وناصروها ابتغاء ما عند الله ، فإن الولاء والحب في الدين لا في الدنيا الزائلة .
كم أتحسر وأتألم على أبناء هذه الدولة من الحزبيين الحركيين الذين تغلي صدورهم على دولة التوحيد والسنة، وفي مقدمهم الفيلسوف الدنيوي الحرباء : سلمان العودة . ومن يعاونه من الحركيين الحزبيين والرافضة الممقوتين .
علماً أن سلمان العودة خرج هذه الأيام بلون جديد، وهو تهييج الناس على الدولة بدافع الدنيا لا بدافع الدين ( مع أن التهييج كله محرم )، كما كان قبل السجن، فصار يتتبع كل ما يمكن أن يهيج الناس به على الدولة وفي المقابل يسعى لكسب عواطف الناس وإرجاع شعبيته وأنى له ذلك فقد فضح نفسه بمواقفه الكثيرة المخزية، وما جلسة سلمان بتويتر التي أقفلها لشدة الهجمات عليه بعد أن وعد بالاستمرار عليها أياماً إلا من البراهين الكثيرة على أن الرجل أفلس – رده الله إلى رشده – .
وعوداً إلى حامد العلي فإن له أطروحات أخرى كثيرة مضحكة مبكية لا يتسع المقام لذكرها وسردها ، وقد فصلت الرد عليه أكثر في درس مسجل بعنوان : أقوال حامد العلي عرض ونقد
http://islamancient.com/mktba/play.php?catsmktba=101549
وانظر مقالاً للشيخ الفاضل الدكتور عبدالعزيز السعيد بعنوان: التعقيب على حامد العلي في اعتراضه على فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بشأن الدعوة إلى المظاهرات
http://islamancient.com/mktba/play.php?catsmktba=2725
وتسجيلاً للشيخ الفاضل حمد العتيق بعنوان : تعالوا إلى كلمة سواء(مناقشة يوسف الأحمد وحامد العلي
http://islamancient.com/lectures,item,953.html
وكتاباً له بعنوان: سكرة الحركيين بخمرة الثوريين الشيخ حامد العلي كنموذج
http://islamancient.com/mktba/play.php?catsmktba=1390
وأخيراً ..
إني لأدعو شباب الإسلام ألا يسلموا أنفسهم وعقولهم لمن يدغدغ عواطفهم ، فإن العواطف إذا خالفت الشرع صارت من الهوى المذموم المهلك في الدنيا والمخزي في الآخرة قال تعالى (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) وقال (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
أسأل الله أن يستعملنا في طاعته، ويوفقنا لهداه، ويكفينا والمسلمين شر كل ذي شر .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. عبد العزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
http://islamancient.com /
17 / 12 / 1432هـ