أليس الأصل إقامة الحُجة والتنبيه على من أخطأ من المشايخ الذي أصوله سنية، كالشيخ مثلًا أبي إسحاق الحويني، أم عندما يُنقل عنه بأنه قال كذا وكذا، يطلق بأنه صاحب هوى قبل إقامة الحُجة عليه؟
يقال: أولًا: بعيدًا عمن ذُكر، الأظهر – والله أعلم- من صنيع أهل السنة، ومن تأصيلاتهم: أنهم يبدعون من استحق التبديع، بأن يكون وقع في أمر كليٍ أو في جزئي، اشتهر الخلاف فيه بين أهل السنة وأهل البدعة، ولا يتوقفون في التبديع على إقامة الحُجة، فإنه في التبديع لا يحتاج إلي إقامة حجة، وهذا يتبين بما يلي:
الأمر الأول: أن صنيع أهل السنة على هذا، وآثار السلف كثيرة في هذا، وقد ذكر الرازيان في عقيدتهما: أن من قال: بأن القرآن مخلوق، أو توقف، قالوا: فإنه يُكفَّر، فإنْ كان جاهلًا بدع، فأثبتوا التبديع مع وجود الجهل، أما إذا وُجد العلم فإنه يكون كافرًا.
ثم لو سألت أيَّ أحد من علماء أهل السنة، ما حكم عوام الصوفية؟ هل هم أهل سنة؟ أم مبتدعة؟ كل عالم فيما أعلم سيقول: إنهم مبتدعة؛ لارتكابهِم الموبقات العقدية وإن كانوا جُهالًا.
الأمر الثاني: وهذا بودي أن يتفطن إليه، هو أن الأصل في كل بدعة أنها قول على الله بغير علم، فإذن الأصل في كل بدعة أنها كفرٌ، أشار لهذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابهِ “الصارم المسلول”، والشاطبي في كتاب “الاعتصام”، فإنه لولا التأويل لكان المبتدع كافرًا.
فإذن بسبب العذر لم يكفَّر، وبدون العذر لو ارتكب البدعة بلا عذر فإنه يكون كافرًا؛ لأن المانع من التكفير، وهو قد قال على الله بغير علم، واستحل ما حرم الله …إلى آخره، والمانع من تكفيره أن الحجة لم تُقم عليه.
إذن من قال: إنه لابد من إقامة الحُجة على المبتدع فستكون قسمة ثنائية: ما بين رجل لم تقم الحُجة عليه فهو السُني، أو أقيمت الحُجة عليه فهو كافر، وذلك لما تقدم أن الأصل في كل بدعة أنها كفرٌ، وأن صاحبها لم يُكفَّر لأجل التأويل؛ فلذا الأظهر – والله أعلم – وهو الذي يدل عليه صنيع أهل السنة أن البدعة إذا كانت مما يُستَحق أن يُبَدَّع بها الواقعُ فيها، إن مثلها يُبَدَّع بها الرجل بدون إقامة حُجة.
أما ما يتعلق بأبي إسحاق الحويني فإن مما آسفني وآلمني كثيرًا، إني سمعت بصوتهِ كلامًا مؤلمًا، وهو أنه يقول في مناقشة: ((إن الحاكم الفاسق ليست له بيعة، ويجب الخروج عليه))، وهذا عندي مسجل بصوتهِ، ونشره بعض الإخوة في اليوتيوب، وعنده أمور أخرى، لكن هذا من أشد ما سمعت من كلامهِ.