يقول السائل: إذا لم أصلِّ على تارك الصلاة ولم آكل ذبيحته، هل يستلزم تكفير المعين؟ أو أقول مثلًا: لا أصلي عليه لأنه تارك للصلاة ولا آكل ذبيحته لكني لا أكفره حتى يتبيِّن لي إن كانت الحجة قائمةً عليه؟
الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن من وقع في مُكفِّر فلا يلزم من ذلك أن يُكفَّر، فليس كل من وقع في الكفر فإنه يُكفَّر، فلا يُنتقَل في تكفير الأعيان إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع، فمن ثبت تركه للصلاة فقد وقع في كفر، لكنه عينًا لا يُكفَّر إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع، كما قرر هذا أهل العلم وبسطوه، وممن بسط ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كما في (مجموع الفتاوى) وفي كثير من رسائله -رحمه الله تعالى- وقد دلت الأدلة على ذلك.
فإذا تبيَّن هذا فإنه لا يُكفَّر معيَّن إلا بما تقدم ذكره، ولا يُكفِّره إلا أهل العلم، والأصل إسلامه، وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية وقد دلت على ذلك الأدلة، أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج إلا بيقين مثله.
إذا تبيَّن هذا فإذا شُكَّ في تكفير رجلٍ تاركٍ للصلاة فمات، فإن للرجل أن يترك الصلاة عليه، فإن ترك الصلاة أشمل من تركها على كافر، فإنها قد تُترك تأديبًا وزجرًا حتى يرتدع الناس من هذا الفعل، وحتى يعلمه سوءه، لاسيما إذا كان التارك للصلاة عليه له مكانة، ويدل لذلك ما ثبت في البخاري من حديث سلمة بن الأكوع وما أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن الرجل من الصحابة إذا مات وأُتي به للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليصلي عليه، سأل: «هل كان عليه دين؟» فإن قالوا: نعم، قال: «هل ترك شيئًا لقضاء دينه؟» فإن قالوا: نعم، صلى عليه، وإن قالوا لا، قال: «صلوا على صاحبكم».
فدلَّ هذا على ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة على رجل مسلم من باب زجر التساهل في قضاء الدين، ومثل ذلك يُقال فيمن ترك الصلاة، قد لا يُكفِّره الرجل لكن قد يترك الصلاة عليه تأديبًا وزجرًا كما تقدم بيانه.
أما ترك أكل ذبيحته، فالأصل أنه مسلم كما تقدم ذكره، ومن دخل الإسلام بيقين فلا يخرج إلا بيقين مثله، فيجوز أكل ذبيحته ولا يُمتنع من أكل ذبيحته شكًا أن يكون غير مسلم، لما تقدم ذكره من أن من دخل الإسلام بيقين لم يخرج إلا بيقين مثله.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.