فإن الناس مجمعون على نعمة الأمن وضرورته في الحياة ، وهذا ما قرره الشرع الحكيم، وجعله من مننه على خلقه فقال ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ، بل ودعا به إبراهيم عليه السلام لأهل مكة فقال ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ) ؛ لذا من حاول زعزعته أو خدشه ، فإن الكل يعاديه وهم في ذلك محقون وإدراكهم للمفسد ظاهر بلا نزاع بينهم ولو بعد إفساده ، لكن الإفساد الأعظم الذي لا يدركه كل أحد هو زعزعة الأمن الفكري ، فإن مزعزعه جامع بين كونه خفياً وكبيراً في إفساده ؛ لذا كانت خطورته بالغة وأضراره فاجعة ، والغالب أنه مقدمة لكل تخريب وتدمير حسي .
وثبات الأمن الفكري وتدعيمه يكون بما يلي :
1/ تجفيف منابع المفسدات للأمن كالكتب والمجلات والأشرطة المحتوية على فكر الثورة ، أو التكفير للمجتمعات ومن أكثر الكتب انتشاراً وتأثيراً في الشباب كتب سيد قطب ككتاب ” ظلال القرآن ” و ” العدالة الاجتماعية ” ومن كلماته في ظلال القرآن (2/1057 ): لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله . فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ، وإلى جور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله – ثم قال – إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية ، وارتدت عن لا إله إلا الله . فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية . ولم تعد توحد الله ، وتخلص له الولاء .. البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات ” لا إله إلا الله ” بلا مدلول ولا واقع .. وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد – من بعد ما تبين لهم الهدى – ومن بعد أن كانوا في دين الله ! ا.هـ .
ومن الكتب كتاب ” الثوابت والمتغيرات ” لصلاح الصاوي القائل وهو يؤصل لأتباعه المسمين دعاة !! ص264: عدم التورط في إدانة الفصائل الأخرى العاملة للإسلام إدانة علنية ، تحت شعار الغلو والتطرف ، مهما تورطت هذه الفصائل في أعمال تبدو منافية للاعتدال والقصد والنضج . فإن كان لابد من حديث للتعليق على بعض هذه الأعمال الفجة ، فليبدأ أولاً بإدانة الإرهاب الحكومي في قمع الإسلام ، والتنكيل بدعاته … ا.هـ وقال ص265: ولا يبعد القول بأن مصلحة العمل الإسلامي قد تقتضي أن يقوم فريق من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية ، ويظهر النكير عليها آخرون ، ولا يبعد تحقيق ذلك عملياً إذا بلغ العمل الإسلامي مرحلة من الرشد ، أمكنه معه أن يتفق على الترخص في شيء من ذلك ، ترجيحاً لمصلحة استمرار رسالة الإسلاميين في هذه المجالس بغير تشويش ولا إثارة ا.هـ
وكتاب التربية الجهادية لعبدالعزيز الجليل المصرح بأنه لا يعني الجهاد في أرض أفغانستان ولا الشيشان وإنما في بلاد المسلمين إذ قال ص46: ليس المعني في الموقف الثاني تلك الحركات الجهادية التي تدافع عن المسلمين في أفغانستان والشيشان وغيرها ، وإنما المعني هم أولئك الذين يرون مواجهة الأنظمة الطاغوتية في بلدان المسلمين دون الحصول على الحد الأدنى من الإعداد والقدرة ، وقبل وضوح راية الكفر في تلك البلدان للناس ، ودون وضوح راية أهل الإيمان في مقابل ذلك مما ينشأ عنه اللبس والتلبيس على الناس ، فتختلط الأوراق ويجد هؤلاء المجاهدون المستعجلون أنفسهم وجهاً لوجه أمام إخوانهم المسلمين الذين غرر بهم ولبس عليهم وقيل لهم بأن حكومتهم شرعية ، وأن الخارجين عليها متطرفون إرهابيون مفسدون ، ولم يجد الناس من يزيل عنهم هذا اللبس . فحينئذ تقع الفتنة بين المسلمين ، ويقتل بعضهم بعضاً . أما تلك الحركات الجهادية التي أعلنت جهادها على الكفار في مثل أفغانستان لمواجهة التحالف الصليبي أو في كشمير لمواجهة الهندوس الوثنيين ، أو في الشيشان لمواجهة الملاحدة الشيوعيين ، أو في فلسطين لمواجهة اليهود الغاشمين فإنها حركات مشروعة لوضوح الراية الكفرية ، وزوال اللبس عن المسلمين في تلك الأماكن ، كما أنه جهاد للدفاع عن الدين والعرض والمكان حتى لا ترتفع فيه راية الكفار ا.هـ
وللأسف هذه الكتب منتشرة في مكتبات بلادنا .
2/ تمكين أصحاب المناهج السليمة السلفية في الإعلام بشتى صوره ليبثوا ما عندهم من منهج رباني سلفي نقي من الأفكار الدخيلة المفسدة سواء المتأثرة بفكر الإخوان المسلمين والقطبيين والسروريين أو بفكر الغرب كالعلمانيين أو الليبراليين ، ومن أبرز هؤلاء المشائخ الأجلاء السائرين على طريقة السلف وما نشأت عليه البلاد معالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد والشيخ سعد الحصين والشيخ الدكتور ربيع المدخلي والشيخ أحمد النجمي والشيخ الدكتور صالح السحيمي والشيخ عبيد الجابري والشيخ عبدالله القصير والشيخ عبدالله العبيلان وآخرون كثيرون .
وقبل رفع القلم أناشد كل عقول وللحق سؤول أن يعتني بالأمن الفكري وألا يأخذه من كل متحدث وكاتب بل من الموثوقين ، وتقدم ذكر طرف منهم .
أسأل الله أن يمن علينا وعلى المسلمين أجمعين بالأمن الحسي والمعنوي .