الحمد لله المحمود في عليائه، وهو الإله الحق في أرضه وسمائه، مايز بين خلقه بموجب قضائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعالى بعزته وكبريائه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من أنبيائه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ؛ فإن تقواه أفضل مُكتَسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
أمة الإسلام : لقد أكرم الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن هداها ليوم الجمعة ، وأضل اليهود والنصارى عنه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلمفيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد». فهذا يومكم يوم الجمعة من مواسم الخيرات الأسبوعية ، لَهُ من الفَضَائِل ما جعل له السيادة على سائرِ الْأَيَّامِ روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله : «إن سيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الشهور رمضان» فهو خير الأيام ، روى مسلم عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها»
لهذا كان من مزاياه أَنَّ الْوَفَاةَ فِيهِ مِنْ عَلامَاتِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ ، روى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلاَّ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ”
ومن مزاياه عظم فضل صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ فِي يَوْمِه َ
روى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ”
ومما تميز به هذا اليوم استحباب الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رواه أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ عن أوس بن أوس الثقفي – رضي الله- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي»
ومما تميز به أَنَّ فِيهِ سَاعَةً يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ، فَفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: “فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي, يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ” وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا” وثبت في سعيد بن منصور عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فتذاكروا في ساعة يوم الجمعة، فاتفقوا على أنها الساعة الأخيرة في يوم الجمعة.
ومن مزايا هذا اليوم استحباب قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ لما روى الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “من قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ مَا بَيْنَ الْجُمْعَتَيْنِ”
ومما تميز به يوم الجمعة استحباب قراءة الْإِمَام فِي صَلَاةِ فَجْرِ الْجُمْعَةِ بِسُورَتَيِ السَّجْدَةِ وَالْإِنْسَانِ كَامِلَتَيْنِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ،ومن العبث كما قال الشيخ ابن عثيمين الإقتصار على احداهما في الركعتين أو قراءة جزء منها .
فلمزية هذا اليوم عظم أجره روى مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من اغتسل؟ ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام»
ومع هذا الفضل والعطاء الجزيل إلا وترى تساهل الكثير بتفويته بنزهة او تجول ، وآخرين بترك الاغتسال أو التأخر بنوم اوجلوس في السيارة الى حين دخول الخطيب.
ومن فَضَائِلِهِ ما رواه الخْمَسْةَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ أَنَّ مَنْ بَكَّرَ إِلَى الْجُمْعَةِ مَاشِياً فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرُ سَنَّةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا, فعن أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ
الْإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ،
أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا”
عبدالله إذا مشيت مائة خطوة فزت بأجر صيام وقيام مائة سنة .، مائة خطوة لما بكّرت ، وفعلت باقي ما ذكر في الحديث َبكل خطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا” فكم فرطنا في تلك الأجور العظيمة .
والخطر الكبير تهَاوُنُ الكثير بِهَا، فَروى مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: “لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ, أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ, ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ”
وفقنا الله لفعل الخيرات، واغتنام الساعات فيما يحب ويرضى .
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي .
الخطبة الثانية :
الحمد لله عظيم الإحسان ، واسع الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد – عباد الله – اتقوا الله تعالى فإن العاقل الكيس الفطن يترقب مواسم الخيرات، وأزمان المضاعفات ليقابلها بكثرة الطاعات والأعمال الصالحات .
وإياكم والسهر المؤدي إِلَى النَّوْمِ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيَكُونَ الْإِنْسَانُ بَادِئًا يَوْمَ الْجُمْعَةِ بِكَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَهِيَ النَّوْمِ عَنِ صَلَاةِ الْفَجْرِ.
ومن المحزن ظن كثيرين أن مِنْ كَمَالِ النَّظَافَةِ يوم الجمعة حلق لحاهم وَمَا عَرَفُوا أَنَّهُمْ خَالَفُوا شَرْعَهُمْ وَعَصَوْا نَبِيَّهُمْ صلى الله عليه وسلم.
هذا وصلُّوا – رحمكم الله – على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأَ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائِكتِه المُسبِّحة بقُدسِه، وأيَّه بكم – أيها المؤمنون -، فقال – جل وعلا -:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، ونفِّس كربَ المكرُوبِين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينِهم في سائر الأوطان،
اللهم كُن لهم ولا تكُن عليهم، اللهم انصُرهم على من بغَى عليهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل شأنَ عدوِّهم في سِفال، وأمرَه في وَبال يا حي يا قيوم .
اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا و ولاة أمورنا و اجعل ولايتنا في من خافك و اتقاك و اتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم من أرادنا و علمائنا و ولاة أمرنا و جنودنا بسوء اللهم رد كيده فينحره و اجعل تدبيره تدميرا عليه يا سميع الدعاء اللهم اهتك ستره اللهم اهتك ستره اللهم مكن منه جنود الإسلام .
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين .. اللهم مغيث .
، ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار .
اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .