الرد بالدليل والبرهان على من لم يكفر اليهود وعبدة الصلبان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد.
فإنه ما بين حين وآخر يخرجون علينا أناس يريدون أن يضربوا ثوابت الإسلام ويريدون زعزعة هذا الدين بما عندهم من الأفكار الضالة –والعياذ بالله- التي تناقض كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناقض هدي السلف الصالح وتناقض إجماع العلماء.
وكأن هؤلاء ليسوا من المسلمين فقد خرجوا علينا بدعوات باطلة منها: عدم تكفير الكفار وعدم إزدراء أديان الكفار واحترام هذه الأديان الباطلة -والعياذ بالله- والتسوية بينها وبين دين الإسلام الحق.
فدعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكل الناس بل للإنس والجن كما قال الله تبارك وتعالى : { قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158].
فهو -صلى الله عليه وسلم- رسول الى كل الناس فكل من لم يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وبالدين الذي بعث به فإنه كافر يجب معاداته وبغضه والبعد عنه والتبرؤ منه وجاء على ذلك كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل الخلفاء الراشدين وإجماع المسلمين.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ” قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبا نصرانيا قال: ما لك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51] ألا اتخذت حنيفا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله “.
وجاء على ذلك إجماع أهل العلم كما حكاه القاضي عياض في كتابه الشفا: (وَكَذَلِكَ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ دَافَعَ نَصَّ الْكِتَابِ … وَلِهَذَا نكفر من لم يكفر مَنْ دَانَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمِلَلِ.. أَوْ وَقَفَ فِيهِمْ، أَوْ شَكَّ، أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ.. وَإِنْ أَظْهَرَ مَعَ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَقَدَهُ وَاعْتَقَدَ إِبْطَالَ كُلِّ مَذْهَبٍ سِوَاهُ… فَهُوَ كَافِرٌ بِإِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ.
فهذا كافر مجمع على كفره.
فمن تدين بغير الإسلام كالنصارى واليهود أو شك في كفرهم أو صحح مذهبه فهو كافر لقوله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}
وقال أبو العباس القرطبي: “من وحَّد الله تعالى ولم يؤمنْ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، لم ينفعْهُ إيمانُهُ بالله تعالى ولا توحيدُهُ، وكان من الكافرين بالإجماعِ القطعيِّ”.
ولذلك نبه النووي رحمه الله تعالى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر اليهود والنصارى تنبيها على من سواهما فقال: وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْ من هُوَ مَوْجُودٌ فِي زَمَنِي وَبَعْدِي إِلَى يَوْمِ القيامة فكلهم يجب عليهم الدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ النصارى لَهُمْ كِتَابٌ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنَهُمْ مَعَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أي أولى بالكفر.
وعلى ذلك جاءت سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- العملية من دعوته الى الإسلام وتسفيهه دين المشركين وإبطاله كل دين غير دين محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وهذا الذي فهمه المشركون فضلا عن أن يفهمه هؤلاء السفهاء الذي يخرجون علينا بين وقت وآخر.
ففيه أن المشركين فهموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاب دينهم وسب آلهتم لأنها كفر وشرك.
ولذلك كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يدعو الى هذا الدين الحق ليلا ونهارا سرا وجهارا يدعو الصغار والكبار.
ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن غلامًا يهوديًّا كان يَخْدُمُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمرِض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فقعد عند رأسه، فقال له: “أسلِم”، فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له: أطِع أبا القاسم، فأسلَم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من عنده وهو يقول: “الحمد لله الذي أنقذه بي من النار”.
فلم يقر النبي -صلى الله عليه وسلم- الكفار على كفرهم ولا ترك دعوتهم ولا قال لا نزدري دينهم ا ونحترمه. بل إنه دعاهم إلى الإسلام وبين أن ما هم عليه هو الدين الباطل وأن الدين الحق هو دين محمد صلى الله عليه وسلم.
وبعث بذلك إلى الصغير والكبير فقد أرسل صلى الله عليه وسلم إلى كل ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام وممن أرسل إليه هرقل عظيم الروم فقال في رسالته : بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلِم تسلَم، يُؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأرِيسِيِّين، و﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾.
وأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الدعوة إلى كل ملوك الأرض وبلغهم دين الله وبين لهم أن ما هم عليه هو الدين الباطل وأن الدين الحق هو دين الإسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخيرا فإن هؤلاء السفهاء والأغمار والأغرار الذين يخرجون علينا من بين حين إلى آخر عليهم أن يرجعوا إلى كتاب الله فيقرؤوه وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى إجماع أهل العلم ولا يتكلموا في دين الله بجهل فيضلوا ويضلوا عن سواء السبيل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وكتبه
أبو البراء الأثري
الرياض:19 /9/ 1441هـ
الرد بالدليل والبرهان على من لم يكفر اليهود وعبدة الصلبان