“السلفية” ليست مسؤولة عن إخفاقات الإخوان المسلمين
إن الفساد والعبث الذي خلفه الإخوان المسلمين وحلفاؤهم في البلدان العربية والديار المسلمة، قد بلغ الذروة، وصَعُبت معه مَهَمَّة حجبه عن العيان، ونفيه عن عقلاء البشر، مما أفقد جماعة الاخوان وأنصارها التوازن، فهل حانت ساعة البحث عن مخارج للمأزق الذي وجد الاخوان أنفسهم فيه؟ وهل ما نراه من محاولات الاخوان يميناً وشمالاً بحثاً عن ضحية جديدة، لتُعَلَّقَ عليها انحرافات الحزب وأتباعه، فتلصق به الاخفاقات التي لحقت بالجماعة وحلفائها، مما سبب معاناة للدول والشعوب في مصر وتونس واليمن وغيرها، ولقد خلفت مغامرات الاخوان المسلمين والأنصار الدهماء، والحلفاء المغامرين دماراً وآثاراً سيئة تشيب لها الولدان، فلن تنسى الشعوب ما حل بها من خراب مع تقادم الأزمان في هذه البلدان، فقد كانت يوما ما ميدان مرحلة تجارب، ومدرسة لطموحات جماعة الاخوان المسلمين وأنصار التغيير والتنوير.
عودة دعاة الربيع العربي (الاخواني) والخليجي.. بمنشور مجموعة شاركها د.عجيل النشمي
لقد اطلعت على ما ذكره الدكتور عجيل النشمي وفقه الله، ومجموعة توافقه المقالة المنشورة في بعض الصحف، ومنها صحيفة الوطن في عدد يوم 2013/2/1. ولذا سأبدي بعض الملاحظات، وقد أتبعها ببعض الوقفات اذا لزم المقام:
أولا: أبعد كل الدماء التي سفكت، والأعراض التي انتهكت والأموال التي نهبت، وما لحق ذلك من تعطيل مصالح المسلمين والذميين وأهل العهد، في ليبيا وتونس ومصر واليمن وغيرها من شعوب المنطقة، بفعل الاخوان المسلمين وحلفائهم من الأحزاب والجماعات المنحرفة، أقول: أبعد كل ما فعلتموه، تخرجون علينا أمام العامة والخاصة ببيان معلناً عداءه على من خالفكم؟!
هل تحاربون من لا يرى إراقة الدماء وقتل الأبرياء؟! هل تعادون من لا يرى تكفير المجتمعات وانتهاك الحرمات سبيلا للنجاة؟!.
لقد أعلنتموها صريحة في البيان الموتور هذا، وذكرتم ان الخطر يأتي من قبل مخالفيكم، أعني أهل السنة والجماعة في كل مكان، وكل من لا يرى ما ترون، ولا يسلك السبيل المعوج الذي تسلكون،، فان أهل السنة والجماعة (المنهج السلفي) لا يرون التكفير والتفجير والتدمير طريقاً للاصلاح، ولا يرون السير مع هوس المظاهرات والاعتصامات والاضرابات البدعية منهجاً للفلاح.
ثانيا: ان البيان وما فيه، يُعَدُّ دورة جديدة يعلن فيها أصحابه مناصبة العداء لأهل السنة، ومحاولة التلبيس على المسلمين بوصف أهل الحق وحراس العقيدة بالأمر المشين، زوراً وبهتاناً، لأنهم لا يوافقونهم مطلقاً على ما يعتقدون، وما هم فيه واقعون.
ثالثا: أُذَكِّر نفسي واياكم واخواننا المسلمين، كيف هان عليكم أمر الدين، وتجاسر القلب ليقول في اخوانه المسلمين ما ليس فيهم؟! وأُذَكّر تحذيراً بما رواه الامام أحمد في «المسند»(70/2)، وأبو داود في «سننه» (3597) باسناد صحيح من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله، حتى ينزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال». فتنبه! لأمر أعراض المسلمين، وكن على حيطة وحذر، فانكم قد آذيتم أنفسكم قبل ان تؤذوا الآخرين، ألا تعلمون ان الأمر تقوى وديانة؟! وأن فيه وعيد، والخطب جدُّ شديد، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب: 58]، وقال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ الاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ} [ق: 18]، وقد روى البخاري (6477)، ومسلم (2988) في «صحيحيهما» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب».
(لا غرابة من بيان الطعن في الشيخين، فالإخوان المسلمون عرفوا بمخالفة العلم والعلماء والطعن فيهم)
رابعا: من الذي يطعن في العلماء، ومن الذي عرف قيمة العلم وأهله؟!
-1 اما ان يكون العلم الذي تعنيه علم الكتاب والسنة، او تعني علماً آخر.
فان كان ليس المراد العلم بالكتاب والسنة، فلا شأن لنا بهذا، وان كان المراد العلم بشريعة الله، العلم بالكتاب والسنة، فمن العلماء؟! وما موقف حسن البنا وسيد قطب والقرضاوي والغنوشي وسلمان العودة والقرني والعريفي من الكتاب والسنة؟
وسأمثل بسيد قطب والغنوشي، فالأول اعتدى على مقام الأنبياء وسَبَّ الصحابة واتَّهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، والثاني (الغنوشي) يكفيه ان جعل من الخميني مثله الأعلى الذي يقتدي به.
-2 فأيهم أحق بالنقد واصدار البيانات فيه، من بَيَّنَ طعن من طعن في الصحابة (سيد قطب وغيره) ودافع عن الصحابة حملة الشريعة، كالشيخ ربيع بن هادي المدخلي وسلفه في الرد على سيد قطب محمود شاكر وعبدالله الدويش رحم الله الجميع، فبدل ان تشكروه وتناصروه، يخرج بيانكم لتعادوه! ان لم تكن هذه العصبية الجاهلية، فلا أعرف هوى وعصبية تفوق فعلكم، أم ان لكم موقفاً من الصحابة!!
-3 ان أكثر الناس طعناً ولمزاً في العلماء، لمن تأَمَّل أقرب الفرق والجماعات والأحزاب لأهل السنة، نجد ان الاخوان المسلمين أشدّهم في ذلك، بل لا تقوم لهم ولما يدعون اليه قائمة، دون النيل من العلم والعلماء، فاذا عَرَف المسلمون طريق العلم الحقيقي، فلن تجد جماعة الاخوان مُتَنَفساً، فالعلم بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، يقضي على منهجها وطريقتها منذ النشأة حتى زماننا، فلازم البقاء لهذه السبل المنحرفة، يُحَتِّم عليها محاربة العلم والطعن في حملته، وحينئذٍ فلا غرابة من انشاء ذلك البيان للطعن في العالم الجليل محمد أمان الجامي وتلميذه العالم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي.وقد قال أبوحاتم الرازي في شرح اعتقاد أهل السنة (179/1): «وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر».
-4 وكيف سيكون أمر وحال أهل السنة والجماعة، وقد ظهرت للاخوان المسلمين دولة، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (144/8): كانت الأهواء والبدع خاملةً في زمن الليث، ومالك، والأوزاعي، والسُّنَنُ ظاهرةٌ عزيزة، فأما في زمن أحمد بن حنبل، واسحاق، وأبي عبيد، فظهرت البدعة، وامتُحن أئمَّة الأثر، ورفع أهل الأهواء رُؤُوسهم بدخول الدولة معهم، فاحتاج العلماء الى مجادلتهم بالكتاب والسنة.اه.
خامساً: ليست السلفية مسؤولة عن انحراف من انحرف من الطوائف والفرق، كـ(جماعة الإخوان المسلمين) ومفارقتها لمنهاج أهل السنة والجماعة. قال تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَانَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَانَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الاسراء:15].ومسؤولية السلفيين من العلماء والدعاة هي دعوة الطوائف والفرق للعودة الى الصراط المستقيم ومنهج أهل السنة ومفارقة السبل المنحرفة.
-1 ان السلفية ليست مسؤولة عن انحراف جماعة الاخوان المسلمين منذ نشأتها.
-2 وليست السلفية مسؤولة عن اخفاقات الجماعة وحلفائها في كل العقود السابقة حتى يومنا هذا.
-3 وليست السلفية مسؤولة عن الفشل الذريع في الربيع العربي الاخوني، ولا تلقى تبعاته فتحمل على المنهج السلفي الذي يظهر الاسلام بنقائه وصفائه.
-4 وليست السلفية مسؤولة عن الدماء والأعراض والأموال التي أهدرت بآراء وفتاوى الأحزاب كـ(جماعة الاخوان المسلمين) وغيرها من الجماعات المنخرفة عن الصراط المستقيم والطريق القويم.قال تعالى: {وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ الا بِأَهْلِهِ}[فاطر: 43]. والحمد لله رب العالمين.
د. عبد العزيز بن ندى العتيبي