إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد أيها الناس:
روى مسلم في صحيحه من حديث معاوية ابن أبي الحسن السلمي tقال{صليت مع النبي r فعطس رجل بجانبي فقلت يرحمك الله -وهم في الصلاة قال للرجل: لما عطس بجانبه وهم يصلون مع رسول اللهr قال: قلت: له يرحمك الله- قال: فرماني الناس بأبصارهم -صاروا ينظرون إليه بحدة فقال: واثُكل أمياه! مالكم تنظرون إلي؟ قال: فصار القوم يضربون على أفخاذهم يسكتونني فسكت فلما انقضت الصلاة قال النبيr: من المتكلم آنفاً -من الذي كان يتكلم في الصلاة- قال معاوية: فبأبي وأمي هو رسول الله r فو الله ما سبني ولا شتمني ولا كهرني ولكن قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيئ من كلام الآدميين إنما هي التسبيح والتكبير والتحميد وقراءة القران. فقلت يا رسول الله: إن منا أقواماً يتطيرون فقال النبيr: فلا يصدنكم -الذين يتشاءمون بالشهور والأيام أو بأصحاب العاهات أو برؤية الغراب أو البومة أو غير ذلك- قال النبيr فلا يصدنكم -إذا رأيتم شيئاً من ذلك أو وقع في أنفسكم شيئ من ذلك فلا يصدنكم عما عزمتم عليه- قال يا رسول الله فإن منا أقواماً يأتون الكهان، فقال النبي r: فلا تأتوهم. فقال يا رسول الله: إن لي جارية قبل الجوانية قرب المدينة ترعى غنماً لي فجئتها يوماً وقد سطا الذئب على واحدة من الغنم وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون فصككتها صكة -أي: ضربها رضي الله عنها وعنه مع أنها جارية مسكينة لا حول لها ولا قوة إذا عدا الذئب على الغنم- لكنه اعتذر لرسول الله r بغلبة الطبع البشري ثم سأل النبي r عن كفارة ذلك وقال: يا رسول الله هل أعتقها فقال النبيr: ائتني بها فجاء بها t فقال النبيr: أين الله؟ -قال النبيr: خاتم الأنبياء والمرسلين ومعلم الناس الخير وأعرف الناس برب العالمين يسأل الجارية ليختبرها في إيمانها أين الله؟ هذا السؤال الذي حار فيه كثير من الناس بل ربما بعض المنتسبين إلى العلم في هذا الزمان عندما يسأل أين الله ربما يحار في الجواب! فاسمع ماذا قالت الجارية بين يدي رسول الله r قالت: الله في السماء I فقال لها رسول الله r فمن أنا؟ قالت: أنت رسول الله r فقال:أعتقها فإنها مؤمنة.
اللهم أحينا على الإسلام وتوفنا على الإيمان يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد أيها الإخوة في الله:
هذه العقيدة عقيدة علو الله على خلقه يجهلها أو ينكرها كثيرٌ من المسلمين اليوم وللأسف وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تسأل بعضهم أين الله فيقول: لا يجوز أن يسأل عن الله بأين! ومن الذي سأل بأين عن الله أليس هو أعلم الخلق بالله أليس هو رسول الله r؟ بلى.
ومنهم من إذا سُئل أين الله قال: وبئس ما قال (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) قال لك الله في كل مكان نعوذ بالله من الضلال إن هذه الكلمة يتنزه عنها البشر لو قلت فلان من الناس يدخل في كل مكان وسمع ذلك بأذنه لقال لمن يقول ذلك: خسئت أنا لا أدخل البارات ولا الخمارات ولا المراقص فكيف يقال ذلك في حق الله تعالى, تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا
هذه العقيدة علو الله على خلقه ذكرها الله في كتابه في أماكن لا تعد ولا تحصى قالI:
]أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [فمن الذي يخسف الأرض يا عباد الله أليس هو الله I قالU:]سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى(ثم ماذا ثم عرج الله برسوله ارتقى رسول الله r إلى السماء لمن عرج به إلى السماء أليس من أجل أن يكلم الله تعالى أليس من أجل أن يفرض الله عليه الصلوات الخمس فلو لو لم يكن الله في السماء فلماذا عرج برسول الله r إلى السماء؟
لما أراد فرعون أن يدعي قتل الله تعالى لعنه الله ماذا قال: (يا هامان ابني لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى) , فقد علم من موسى عليه الصلاة والسلام أن رب موسى في السماءI .
قالU:)الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى( (طـه:5) الله U استوى على عرشه فوق مخلوقاتهI.
وقال U )إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ((فاطر: من الآية10)إلى أين إلى السماء I .
ولما خطب النبي r الناس في حجة الوداع ثم أوصاهم وبلغهم دين الله تعالى ختم خطبته فقال وهو يشير إلى السماء اللهم اشهد ثم ينكتها في الأرض اللهم اشهد ألا هل بلغت ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
لكن المخالفين لأهل السنة يشبهون على أهل السنة فيقولون: إذا قلتم أن الله في السماء يعني أن الله محتاج إلى المخلوقات أن الله داخل في السماء في وسط المخلوق تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
بل أهل السنة والجماعة حينما يقولون إن الله في السماء يعنون بذلك أن الله فوق السماوات فوق المخلوقات. كما قال تعالى:] قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ((الأنعام: من الآية11)( أي سيروا على الأرض فحينما نقول إن الله في السماء أي على السماء على جميع المخلوقات I.
عباد الله إن كل مسلم سليم الفطرة لم تفسد فطرته بكلام المخالفين لأهل السنة تجده عندما يدعوا الله تعالى يتعلق قلبه ويرفع بيديه إلى السماء
عبد الله حينما ترفع يديك إلى السماء تقول: يا رب يا رب ترفعها لمن؟ ترفعها لله وحده لا شريك له حينما تضع جبهتك على الأرض فتقول سبحان ربي الأعلى أي العالي على جميع مخلوقاته I علو ذاته وعلو قهره I
ولما ناظر عالم من أهل السنة أحد المخالفين في علو الله على خلقه وجاء العالم السني إلى المخالف بأدلة كتاب الله وسنة رسول اللهr لكن المخالف لم يأخذ بها وصار يلبس عليها فقال له: فماذا تقول في فطرة كل مسلم حينما يرفع يديه إلى السماء يدعوا الله تعالى لمن يرفعها فقال المخالف: حيرتني.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تلبسهما علينا فنظل ونشقى يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أحينا على التوحيد وأمتنا على التوحيد واحشرنا مع أهل التوحيد يا حي يا قيوم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين اللهم اجعل هذا البلد آمناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوءٍ فجعل كيده في نحره وشتت أمره واجعله غنيمتاً للمسلمين يا رب العالمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أرزقهم البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر يا سميع الدعاء اللهم انجي إخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم اجعل لعاقبة لإخواننا أهل السنة يا رب العالمين اللهم اجعل العاقبة لإخواننا أهل السنة في كل مكان في العراق، وفي فلسطين، وفي لبنان، وفي الشيشان، وفي أفغانستان وفي كل مكانٍ يا رب العالمين اللهم لا تجعل للكافرين عليهم سبيلا، ولا للمنافقين عليهم سبيلا، ولا للمبتدعة عليهم سبيلا، ولا للرافضة الشيعة عليهم سبيلا اللهم اجمع كلمتهم على التوحيد والسنة ولي عليهم خيارهم ولا تولي عليهم شرارهم يا سميع الدعاء اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم غيثاً مغيث سحاً غدقا طبقاً مجللا نافعاً غير ضار لتحي به البلاد والعباد وتجعله بلاغاً للحاضر والباد اللهم لا تعاملنا بأعمالنا ولا تعاملنا بذنوبنا ولا تعاملنا بما فعل السفهاء منا وعاملنا بفضلك، وجودك، وكرمك , و إحسانك يا أرحم الرحمين اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا اللهم إنا بالبلاد والعباد من الأواء والضنك ما لا نشكوه إلا إليك ولا يكشفه إلا أنت اللهم يا حي يا قيوم اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة وصلي اللهم وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.