العمالة والاستقواء بالخارج
– الإخوان واللبراليون وجهان لخيانة واحدة –
ما انفك الخوارج على مر العصور والأزمان يبتكرون الوسيلة تلو الوسيلة من أجل الخروج على الحكام و تأليب الناس عليهم ، طلبا في قلب الحكم ، والوصول إلى السلطة ، لتحقيق أهدافهم السيئة وأغراضهم الخائبة و التي من أعظمها : مفارقة جماعة المسلمين ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى – : “الخوارج دينهم المعظم مفارقة جماعة المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم ” ] مجموع الفتاوى ، 13/209[.
وفي هذا العصر سار الخوارج – إخوانا ولبراليون –على نهج أسلافهم ، في السعي لمفارقة جماعة المسلمين وإمامهم ، في كل دولة وقطر يتواجدون فيه ، و بالأخص داخل المملكة العربية السعودية فهم ألد أعداء هذه البلاد المباركة التي كرمها الله عز وجل بأن قامت على الدعوة السلفية الصافية منذ العهد الميمون بين الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب –رحمهما الله رحمة واسعة – ، ومرورا بالدولة السعودية الثانية و الثالثة التي يقول موحدها الملك عبد العزيز – رحمه الله تعالى – :” إنني رجل سلفي وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة ” ]المصحف والسيف ، للقاسمي ، ص 135[ .
ومما تلبس به خوارج العصر عن أسالفهم ؛ بعض الأساليب و المسميات و الشبه التي زينتها لهم شياطين الإنس والجن ، وساروا في أثرها على ما سار عليه الغرب الكافر حذو القذة بالقذة ، من ممارسات خارجية تمر عبر قنطرة مسميات مزخرفة كالحقوقيين ، و الناشطين ، و دعاوى إنشاء منظمات تعنى بحقوق الإنسان ، وغيرها مما تم استيراده من الغرب لتفريق اجتماع المسلمين ، و استقواء بالخارج لإسقاط أنظمة الحكم ، وإمعانا في العمالة والخيانة ، يقول الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله تعالى – في تقديمه لكتاب الجناية على الإسلام في كتاب أسئلة الثورة ، متحدثا عن هذه الشبه وأمثالها : ” فإن الكفار في هذا الزمان قد تأهبوا على المسلمين ليدمروا بلادهم ويفرقوا جماعتهم ويقطعوا مواردهم بما يسمونه ( الربيع العربي ) وهو في الحقيقة التدمير الغربي ] إلى أن قال [… وبين أيدينا كتاب ظهر يسمى : ( أسئلة الثورة ) ، وهو في الحقيقة الدعوة إلى الثورة وشق عصا الطاعة وتفريق الجماعة ، معتمدا على شبهات يستقيها من مقالات أعداء الإسلام ” ] ص 7[ .
وتأتي مسألة العمالة للخارج ، والاستقواء به ، التي تمر عبر قنطرة الحقوق والحريات و النشطاء السياسيين ، وغيرها من هذه المسميات ، إحدى الأمور التي تشابه بها اللبراليون مع الإخوان المسلمين على حد سواء ، ولا غرابة في ذلك ؛ إذا ما علمنا أن كلا الطائفتين تنزع منزع الخوارج ودينها المعظم هو مفارقة جماعة المسلمين – كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله- .
ولست بصدد حصر كل أنواع هذه العمالة وشواهدها في هذا المقام المختصر ، وإنما أورد مثالا على ذلك حتى يكون الادعاء مقرونا ببينته ، من هذه الأمثلة ما جاء في كتاب زمن الصحوة ص 250- 256 ما نصه : ” وفي 3 أيار / مايو سنة 1993م ، قام الأعضاء المؤسسون الستة بإصدار بيان يحمل عنوان – إعلان تأسيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية – ] إلى أن قال [… وعلاوة على ذلك ، عرف سعد الفقيه ، في أثناء رحلة إلى لندن سبقت بأشهر إصدار الإعلان كيف يوظف علاقاته القديمة من زمن نشاطه ضمن الإخوان المسلمين والاتصال بالناشط الفلسطيني المنحدر من الإخوان عزام التميمي الذي قبل أن يجعل من منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان ذات التوجه الإسلامي والتي يديرها من لندن منبرا لأنشطة اللجنة في الغرب ، وهكذا تم إرسال هذا البيان الأول بمجرد صدوره إلى منظمة “ليبرتي” التي تكفلت بإيصاله إلى مجموع وسائل الإعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في أوروبا و الولايات المتحدة وفي الرابع من شهر أيار / مايو وصلت إلى هؤلاء أصداء ما تم اعتباره تطورا ملحوظا في المملكة العربية السعودية ، بل إن هيئة الإذاعة البريطانية ( (BBC قامت بمهاتفة منزل عبد الله المسعري لإجراء لقاء معه …. ” .
النص السابق صورة من صورة العمالة والاستقواء بالخارج لدى جماعة الإخوان المسلمين ، فهم لا يتورعون عن تشويه صورة بلدانهم التي ينتمون إليها ، وتأليب الرأي العام داخليا وخارجيا ضد حكامهم من أجل تحقيق هدفهم المهووسين به ألا وهو ؛ الوصول إلى كرسي الحكم ، فتارة يكون ذلك عبر قنطرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – زعموا – .
وتارة أخرى – كما في هذه الحالة – يكون ذلك عبر قنطرة ( حقوق الإنسان و ما يسمى بالنشطاء السياسيين والحقوقيين ) ، وأيا كان الاسم الذي تدثر به أفراد الجاليتين فإن الوصف الشرعي هو أنهم خوارج.
أما فيما يخص العمالة اللبرالية للخارج والاستقواء به فالأدلة عليها كثيرة أيضا بما لا يمكن سرده في هذا المقال المختصر ، ولعل آخر تلك الفصول المخزية من الخيانة اللبرالية ، البيان الذي صدر من رئاسة أمن الدولة ، يوم السبت ، بتاريخ 3 / رمضان / 1439 هـ ، والذي يفيد القبض على 7 أشخاص –” قاموا بتواصل مشبوه مع جهات خارجية ” .
وليس بغائب عن الأذهان أيضا تصريح سمو الأمير نايف بن عبد العزيز –رحمه الله تعالى رحمة واسعة – عندما قال : ” الإصلاح والتقدم الفاسد هذا خطأ ، هؤلاء الناس كذلك غرروا بما عليه الغرب ووظفوا لخدمته ونعرف اتصالاتهم بجهات أجنبية فسنحاربهم ونقطع ألسنتهم ” .
أختم بهاتين النقطتين :
1.لا يوجد أكثر وطنية – بمعناها الشرعي – من السلفيين الذين يرون طاعة ولي الأمر في المعروف قربة يتقربون بها إلى الله عز وجل ، قال ﷺ : (( من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني )) ]متفق عليه[ .
وليس ذلك من أجل طمع دنيوي وإنما كما قلت : امتثالا لأمر الله عز وجل و نبيه ﷺ ثم رحمة بالخلق من آثار الخروج المدمرة على الحكام ، وحرصا على جمع الكلمة وانتظام صف المسلمين خلف إمامهم .
2.اللبراليون والإخوان وإن بدى التنافر بينهم في مراحل إلا أنهم يتعاونون فيما بينهم في سبيل تحقيق غاياتهم وأهدافهم من تغيير نظام الحكم ، و إثارة الفوضى و الدعوة للمظاهرات، ومن أقوى ما يدل على ذلك ؛ البيان المشترك من الجاليتين الذي صدر في عام 2011م ( في خضم ما يسمى بالربيع العربي و قبل موعد ما سمي بثورة حنين ) حيث طالب الموقعون في هذا البيان أسموه : ( نحو دولة الحقوق والمؤسسات ) بالعديد من المطالب من أهمها : ” فصل رئاسة الوزراء عن الملك على أن يحظى رئيس مجلس الوزراء و وزارته بتزكية الملك وبثقة مجلس الشورى ” – وهو ما يعرف بالمليكة الدستورية – هذا نوع خيانة آخر جمع فيه اللبراليون والإخوان بين خبث و مكر في اختيار توقيت المطالبة من جهة ، و علنية النصح لولي الأمر – إن كان يصح تسمية ما كتب في ذلك بالبيان بالنصح ، وإلا فهو نوع من أنواع الخروج ، إذ أن المنهج الشرعي هو نصح الحاكم بالسر ، لا إشهار ذلك في بيانات و مطالبات جماعية – .
وهكذا فإن اللبراليين و الإخوان وجهان لخيانة واحدة .
كتبه :
علي بن يعقوب بن موسى الحافظ