العوني وغلاة الطاعة
الحمد لله رب العالمين .
وبعد :
لقد أرسل أحد الأخوة ونحن مجموعة في القروب مقالا بعنوان” كيف يسقط المستقيمون في اختبار السياسة؟! ” وكتب على المقال مهم في تشخيص غلاة الطاعة .
فاطلعتُ على المقال وهو للدكتور حاتم العوني ولا اعرف عن صاحبه شيئا ولم اقرأ له قبل هذا المقال شيئا . ولكن كما قال تعالى ( ولتعرفنهم في لحن القول ) ولا يتمارى اثنان عاقلان سلفيان ترعرعا على منهج السلف وأخذا العلم من العلماء الربانيين ، أن عنوان المقال سيئ جدا ولا يعنونه على صفحات الجرائد والمنتديات أدنى سلفي ،
لأنه عنوان يراد به العلماء الذين استقاموا ولكنهم سقطوا كما يظن أو ما وافقوا منهجه !!! ، ويوافق أيضاً من يرمي العلماء بالغلو في طاعة ولاة الأمر ، أما بالنسبة محتوى المقال فقد يكون في جانب من الحق والصواب ، فيوجد من الشباب ومن طلبة العلم من عنده مثل هذا هداه الله ، ولكن مع الأسف ، مَثَل هذا المقال كمثل من أخذ الحق من السماء ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان فقال ليسوا بشيء فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة ) متفق عليه .
فِمثل هذا المقال لا يجوز نشره أمام العامة وأمام الناس وفي المنتديات وذلك من وجوه .
الوجه الأول : حتى لا يستغله العلمانيون وأعداء الإسلام فيطعنون به العلماء ويصفونهم بعلماء سلطة وبغلاة الطاعة.
الوجه الثاني : حتى لا يظن أن المقصود به هم علماء السعودية ، هذا إذا أحسنا الظن بصاحب المقال وقلنا إنه لا يقصدهم !!!!!!!! . والرزية كل الرزية أنه يحذر من غلاة الطاعة ثم لا يذكرهم ليتجنبهم الناس .
قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ترك قتل المنافقين لكي”لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه . فالقول أو الفعل قد يفهم على غير مراده وهو حق وصواب ، فكيف إذا كان الكلام ومحتواه بعيدا عن الحق والصواب ، وفيه إيهام وقد ينطلي على السذج من الناس والبلهاء فيتصورون أن المقصود به علماء المسلمين لا سيما هيئة كبار العلماء ، فيتمكن هذا المفهوم في أذهانهم فيترعرع ، فيترتب على ذلك المفهوم ، الإعراض عنهم وترك فتاويهم ، والالتفاف حول دعاة الثورة والخروج على ولاة الأمر ، والاقتداء بمن يصفون العلماء بأنهم ” غلاة الطاعة ” ولذلك كُتب على المقال وعُلِق عليه مهم يشخص غلاة الطاعة .
الوجه الثالث : لا يؤخذ من فِعْل طالب علم أو ما فوقه ، التعميم وإخراج ما هو خاص أو شاذ فيعمم ، فَثَم تضرب وتترك الأحاديث التي جاءت في السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف والصبر على أذاهم .
الوجه الرابع : لأن حقيقة ما يريدونه من نشر كلمة ” غلاة الطاعة” أن تتناول كل أحدٍ ينادي ، لطاعة ولاة الأمر ، أو تتناول كلمة ” غلاة الطاعة ” كل من يدعو إلى السمع والطاعة ، أو تتناول من يدعو على المنبر لولاة الأمور ، فيريدون أن تسري هذه الكلمة في قلوب العامة وتتشرب نفوسهم أن هؤلاء هم المراد .
الوجه الخامس : من الذي يحكم على الوجه الصحيح أن هذا من غلو طاعة ولي الأمر ؟ هل هم أهل العلم ؟ أم هم دعاة أهل الثورات ؟ !! أم هم عامة الناس ؟! .
كتبه / فيحان الجرمان