يقول السائل: في بلادنا الجزائر عندنا ما يسمى بالنقابات، وهي جمعيات للدفاع عن حقوق العمال، حتى ولو كان ذلك بإضرابات، السؤال: ما حكم العمل فيها؟ علمًا أن الراتب الشهري تُسدده الدولة، وهذا العمل بصفة مؤقتة إلى أن يجد طالب العلم عملًا أفضل منه؟
الجواب:
العمل في كل جهة فيها رفع الظلم عن مسلم جائز، لكن بشرط ألا يُرفع الظلم إلا بطريقة شرعية، ورفع الظلم بالإضرابات والمظاهرات والاعتصامات هذا خلاف الشريعة ولو أذنت به الدولة، فلذا إذا كان من يعمل في مثل هذا يستطيع ألا يُشارك في الطرق غير الشرعية لرفع الظلم، إذا استطاع ذلك فيجوز العمل، أما إذا عمل فيه وهو لا يستطيع إلا أن يُشارك فيما حرم الله بأن يسعى إلى رفع الظلم بطريقة محرمة كالإضرابات ونحو ذلك، فمثل هذا لا يجوز.
لكن لو عملَ ابتداءً فيه واتقى الحرام، وكلما ضيقوا عليه حاول ألا يفعل الحرام إلى أن يُوسِّع الله عليه، فهذا جائز إلى أن يُوسع الله عليه ويجد فرجًا، لكن المهم أن العمل في أي جهة مسموحة من جهة الدولة وفيها رفع الظلم عن أي جهة، فهذا جائز بشرط أن يكون بالطريقة الشرعية.
فإن كانت الطرق ما بين شرعية وغير شرعية، فلو عملَ أحدٌ فيها وسلك الطرق الشرعية واجتنب غير الشرعية جاز له، إلى أن يجد عملًا خاليًا عما حرم الله سبحانه وتعالى.
يقول السائل: ما حكم تعيين الكافر بالنار بعد موته؟ وما عقيدة أهل السنة في ذلك؟ وهل هناك قولان لأهل السنة في هذه المسألة؟ وإذا قلنا لا نُعين الكافر بالنار فكيف نفهم حديث: «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار»؟
الجواب:
إنني قد رأيت علماءنا المعاصرين على قولين في هذه المسألة، ولم أقف على تحريرٍ لقول لأهل السنة في العلماء السابقين، بحيث إنه يُقال هذا قول أهل السنة وما عداه ليس قولًا لأهل السنة، لكن من الأصول التي أجمع عليها أهل السنة أن هناك فرقًا بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، وكرر ذكر هذا الأصل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في المجلد السابع من (مجموع الفتاوى) وغيره.
إلا أنني لم أقف على قول يُقرر قول أهل السنة في هذه المسألة بحيث إن ما عداه يُقال ليس قولًا لأهل السنة، أما علماؤنا المعاصرون فهم على قولين في هذه المسألة.
والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه لا يجوز أن يُعين أحد سواء كان مسلمًا أو كافرًا بجنة أو نار، وإن مثل هذا لا يجوز لأن هناك فرقًا بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، يُقال في الدنيا كافر لكن لا يُحكم بعينه بأنه في النار، كما هو أحد قولي علمائنا.
أما حديث: «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» فالجواب عليه من جهتين:
الجهة الأولى: أنه ضعيف، وقد ضعفه الدارقطني -رحمه الله تعالى-.
الجهة الثانية: أنه لا يلزم من التبشير أن يكون كذلك، فإن الميت لا يسمع وإنما المراد تنفير الحي من هذا الكفر.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.