يقول السائل: شخصٌ يقتطع من راتبه قدرًا من المال ليجعله في الصدقة، فهل الأفضل أن يدفعه كله في وقت واحد أو أنه يُفرقه مع الأيام للحديث الوارد أنه يُصلح كل يوم ملكان يقولان: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقولان للآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا. فما حكم هذا الفعل؟ وما الفهم الصحيح للحديث؟
الجواب:
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: «ينزل كل يوم من العباد ملكان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».
هذا الحديث ظاهره -والله أعلم- أن الصدقة من الأعمال اليومية، فيتصدَّق كل أحد بما تيسَّر له من المال، قلَّ أو كَثُر، فيحاول في كل يوم أن يتعبَّد إلى الله بالصدقة.
أما جمع المال لأجل الصدقة فهذا -والله أعلم- يحتاج إلى نظر؛ لأمرين:
الأمر الأول: لا أعرف عن السلف أنهم فعلوا ذلك -والله أعلم- والخير كل الخير في اتباعهم.
الأمر الثاني: أنه قد يموت الرجل فيصبح ماله إرثًا ويفوت عليه فضل الصدقة.
لذا من أراد أن يتصدق فليُبادر بالصدقة قلَّ أو كَثُر، وليُحاول كل يوم أن يتصدَّق بما يسَّر الله من قليل أو كثير.
يقول السائل: لو أعطانا نصراني نقودًا لبناء المسجد، هل نقبله ونجعله في المسجد؟ وما الدليل؟ وما المراد من قوله تعالى: ﴿ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر﴾؟
الجواب:
المراد من هذه الآية أن يعمروا أي أن يُصلوا فيها، فإن المساجد حرامٌ على المشركين على الصحيح، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه (أحكام أهل الذمة) أن هذا معروف عند الصحابة وهو مجمعٌ عليه عند الصحابة، أنه يحرم للمشرك أن يدخل المسجد، لذا المراد بالآية أن يعمروها أي بالصلاة والعبادة لا بالبناء.
أما أخذ المال من الكافر والمشرك لأجل بناء المسجد فهذا لا يضر، وليس هناك دليل -والله أعلم- يمنع من مثل هذا، فلو أن كافرًا أعطى المسلمين أموالًا فبنوا به مسجدًا فهذا جائز وليس هناك ما يمنع منه -والله أعلم- والأصل الجواز.
يقول السائل: ما حكم إرسال الزهرة للزوجة على الواتس؟ فقد قيل إن هذا فعل النصارى؟
الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن كلَّ فعلٍ فعله النصارى أو اليهود أو المشركون فإنه يكون تشبُّهًا بهم إذا كان خاصًا بهم، أما إذا انتشر بين المسلمين والكفار فلا يكون تشبهًا، وقد ذكر هذا جمعٌ من أهل العلم كابن جرير، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ويدل عليه كلام الذهبي وابن حجر وغيرهم، وقد قرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الاقتضاء) وكما في (مجموع الفتاوى).
فعلى هذا ما ثبت عند أحمد وأبي داود من حديث ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «من تشبَّه بقومٍ فهو منهم» هذا في الأمور الخاصة بهم، أما إذا شاعَ الأمر وانتشر فلا يُقال عنه تشبُّه، ومثل ذلك إرسال الوردة للزوجة في الواتس أو غيرها من الأعمال التي انتشرت بين المسلمين والكفار، فلا يُقال إنه ممنوعٌ شرعًا لأن الكفار فعلوه؛ وذلك أنه ليس خاصًا بهم بل شاع وانتشر بين المسلمين والكفار.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.