يقول السائل: هل مسّ الذكر يُنقض الوضوء مطلقًا؟ وهل مسّ المرأة ذكر صبيها وزوجها يُنقض وضوءها؟
الجواب:
إنَّ مسَّ الذكر يُنقِض الوضوء، لما ثبت عند الخمسة من حديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «من مسَّ ذكرهُ فليتوضأ»، وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد وهو قول الإمام مالك على تفصيل عنده.
وعارض ذلك حديث طلق بن علي -رضي الله عنه- أنَّ النبي ﷺ سُئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة، أينقض الوضوء؟ قال: «لا، إنما هو بضعة منك»، وهذا الحديث من طريق قيس بن طلق بن علي عن أبيه، وقد تكلم الإمام الشافعي والإمام يحيى بن معين في قولٍ له، وأبو حاتم في قيس بن طلق، فيدل على أنَّ في قيس بن طلق ضعفًا، فمثله لا يُقاوم حديث بسرة بنت صفوان، لاسيما وحديث بسرة بنت صفوان ناقلٌ عن الأصل، والقاعدة الأصولية: أنَّ الناقل عن الأصل يُقدم على غيره.
فالمقصود أنَّ مسَّ الذكر ينقض الوضوء لما تقدم ذكره.
وما سأل عنه السائل من مسِّ المرأة لذكر صبيّها عند تغسيله وغير ذلك، فإنها إن فعلت ذلك انتقض وضوؤها، وهذا قول الشافعي وهو قول الإمام أحمد.
فإن قيل: إنَّ الحديث جاء في مس الرجل ذكره، لا أن تمسّ المرأة ذكر صبيها؟
فيقال: الحديث خرج مخرج الغالب، والقاعدة الأصولية: أنَّ ما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له. ومثل ذلك إذا مسَّت المرأة ذكر زوجها فإن وضوءها ينتقض لما تقدم ذكره، فإذن كل من مسّ ذكر رجل فإنَّ وضوءه ينتقض لحديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها- سواء في تغسيل المرأة لولدها أو لغير ذلك.
ثم مما ينبغي أن يُعلم أنَّ مسَّ الذكر يُنقض الوضوء ولو لم يتعمَّد الماس، فقد ثبت عند مالك في الموطأ أنَّ ابن عمر -رضي الله عنه- اغتسل، فلما انتهى من اغتساله وقعت يده على ذكره فأعاد وضوءه، أي لما وقعت يده على ذكره انتقض وضوؤه.
فإذن من وقعت يده على ذكره ولو بلا تعمّد فإن وضوءه ينتقض لأنه مسّ ذكره، مثله مثل لو خرج منه ريح بلا تعمد فإنّ وضوءه ينتقض.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.