يقول السائل: سمعت أحدهم يقول: إن ما ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يتفرغون في قراءة القرآن لشهر شعبان لا دليل عليه، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة يفعلونه، فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب:
إن ما نُقل عن سلف هذه الأمة كأن يُنقل عن التابعين فإنه حجة يجب العمل به، ولو كان بدعة ومنكرًا لوُجد في طبقتهم من يُنكر ذلك، وقد نقل ابن رجب -رحمه الله تعالى- في كتابه (لطائف المعارف) كلمات للتابعين تدل على أن السلف كانوا يعتنون بقراءة القرآن في شهر شعبان، ولم يكن من فعل أفرادهم، بل كان أمرًا شائعًا، كما نقل عن سلمة بن كهيل أنه قال: كان يُقال شهر شعبان شهر القرَّاء.
ونقل عن حبيب بن أبي ثابت أنه إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القرَّاء. إلى غير ذلك، بل ونقل عمن بعد التابعين كعمرو بن قيس الملائي أنه إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
فالمقصود أن مثل هذا منقول عن التابعين، وفي النقل عنهم ما يدل على أنه شائع، ولو كان منكرًا أو بدعة لوُجد في طبقة التابعين من يُنكر ذلك، ولا يمكن أن نكون أحرص وأفهم وأعلم من السلف، والله يقول: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ﴾ [النساء: 115].