يقول السائل: بعض طلاب العلم يقولون بأن مصطلح أهل السنة أوسع من مصطلح السلفية؛ لأن هناك من الناس من يحذِّر منهم ومن يضلِّلهم، ومع ذلك لا نبدِّعهم ولا نصفهم بالسلفية، وعقيدتهم في توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات سلفية، فلذلك نقول: إنهم أهل السنة وليسوا سلفيين، هل هذا كلام صحيح؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن مصطلح أهل السنة والسلفية مصطلح واحد، وهذه أسماء لمسمى واحد، فيقال: هذا الرجل من أهل السنة، أو يقال: إنه سلفي، أو من أهل الحديث -أي:فيما يقابل أهل البدع- أي بمعنى: أنه من أهل السنة إلى غير ذلك من هذه الأسماء، فإنها أسماء لمسمى واحد، ولا فرق بينهما.
فإن ما يُخرِج الرجل من السلفية هو الذي يُخرِجه من أهل السنة، كمن وقع فيمن يوجب خروجه من السلفية، فإنه هو الذي يخرجه من أهل السنة، ومن أهل الحديث إلى غير ذلك، فإن هذه أسماء لمسمى واحد.
وذلك أن أهل الحق فرقة واحدة، كما أخرج أحمد وأبو داود من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة».
فهذه الواحدة لها أسماء عدة، منها: يسمون بأهل السنة، ويسمون بأهل السنة والجماعة، ويسمون بأهل الحديث، ويسمون بالسلفية.
فإذًا لا فرق بين هذه الأسماء، ودلالتها على مسمى واحد، فمن فرَّق بينها فقد أخطأ، ولا شك وخالف ما عليه أهل السنة.
لكن من وقع فيما يوجب التبديع بُدِّع، إلا أنه قد يحذر من الرجل وإن لم يكن مبتدعًا، فقد يكون سلفيًا من أهل السنة ويحذَّر منه، وذلك بأن يقع فيما يوجب التحذير منه، والنبي صلى الله عليه وسلم هجر الثلاثة الذين خُلِّفوا، كما في حديث كعب بن مالك الذي أخرجه البخاري، وهؤلاء صحابة، وهم من أهل السنة رضي الله عنهم وأرضاهم، بل هم من أئمة أهل السنة، فإن الصحابة أجمعين أئمة لأهل السنة، ومع ذلك هجرهم.
فالهجر والتخطئة إلى غير ذلك ليس خاصًا بأهل السنة، وكذلك التحذير ليس خاصًا بمن خالف أهل السنة.
أما التضليل لا يصح إلا لمن خالف أهل السنة، أو خالف السلفية، أو خالف أهل الحديث.
أما الهجر والتحذير فهو أوسع، ويراعي في ذلك المصالح والمفاسد.
إلا إني أشير إلى أمر، وهو أنه قد تطلق السلفية بالمعنى العرفي، فتقول في رجل مهتم بالسلفية: هذا سلفي، وقد تقول في عامي لا يهتم بها: ليس سلفيًا، لا تريد أنه مبتدع، وإنما تريد ليس معتنيًا بالسلفية والدعوة إليها، وهذا إطلاق عرفي، أي نُفِيت عنه السلفية بالمعنى العرفي، أي بمعنى الحرص عليها والاجتهاد عليها، وأُثْبِتَت للآخر بالمعنى العرفي.
فقد يكون لبعض الأمور إطلاق عرفي وإطلاق شرعي كإطلاق الصحبة، فإن الصحبة تُطلَق بالمعنى العرفي وبالمعنى اللغوي، وبالمعنى الشرعي.
والمعنى الشرعي كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ولو كان ساعة أو لحظة.
أما إطلاق العرفي فهو من آمن به وأكثر صحبته، بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “منهاج السنة”، وكما في “مجموع الفتاوى”، وكذلك بيَّنه العلائي في كتابه “منيف الرتبة في فضل الصحبة”.
فالمقصود أنه أحيانًا قد تطلق السلفية ويراد: المعنى العرفي، لكن لا يلزم أن من سُلِبَت منه السلفية بالمعنى العرفي أن يكون مبتدعًا ضالًا، فلا بد من التفريق بين هذه الأمور.