فقد وقفت على حساب في “التويتر” لشخص مجهول، يبث من خلاله بعض الشبه والأباطيل، ويلبِّس على الناس دينهم, ويصوّر لهم البدعة على أنها سنة!!
ومن تلكم البدع التي يروجها بدعة “الاحتفال بالمولد النبوي”.
وسأتناول الرد على باطله من خلال النقاط الآتية بحول الله بما أرى أن فيه كفاية لكل منصف أراد الحق والهداية وتجنب الردى والغواية.
وقبل البدء بالرد أود أن أذكر القارئ بقول ابن سيرين: “إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم!!
أولا: الأصل في العبادات المنع:
الأصل في العبادات المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، لقول الله تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] وقال تعالى ” {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر:7].
ومما لا شك فيه أن الاحتفال بالمولد إنما يفعل بقصد التعبُّد والتقرّب وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد دليل واحد لا في الكتاب ولا في السنة يدل على جواز التقرّب إلى الله بالاحتفال بالمولد النبوي، بل ولم يأت عن أحد من أصحاب القرون الثلاثة الأولى المفضلة أنه فعله، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
ومن العجب أنه يقول: ” أقول: أن الذي أعلمه أنه لم يأت في حديث واحد ولا أثر في التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ترك شيئًا كان ذلك الشيء حرمًا أو مكروهًا”
أقول: هذا من التلبيس على الناس، فإن ترك النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الأمور المباحة والأمور الدنيوية فلا شك أنه على الإباحة، ولا يقال فيه أنه محرمة، أو مكروه، مثل تركه صلى الله عليه وسلم أكل الضب.
وأما ما كان على سبيل التقرُّب والتعبد فترْكُهُ دليلٌ على أنه غير مشروع، وهذا الذي يسمى بالسنة التركية.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه “الرسالة” (ص 84) عند تعليله عدم إخراج الزكاة من غير الذهب والورق :”وللناس تبرٌ غيره، من نحاس وحديد ورصاص، فلما لم يأخذ منه رسول الله ولا أحد بعده زكاة، تركناه، اتباعًا بتركه، وأنه لا يجوز أن يقاس بالذهب والورِقِ”
ومن الأدلة على السنة التركية: ما رواه مسلم (1971) عن عمارة بن رؤيبة ، قال : “رأى بشر بن مروان على المنبر رافعًا يديه، فقال : قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة”
والأدلة على ذلك كثيرة جدًا واللبيب تكفيه الإشارة.
فَعُلِمَ مما سبق أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته للاحتفال بالمولد هو من قبيل السنة التركية، ودليلٌ على أن هذا الفعل من البدع التي يجب إنكارها خصوصًا وأن فيه تشبهًا بالنصارى في احتفالهم البدعي بمولد عيسى عليه السلام، ونحن مأمورون بمخالفتهم.
قال السيوطي في الحاوي (1/188): “وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة….”
قلت: كونه لم ينقل، كافٍ في الدلالة على وجوب ترك التعبّد به؛ لأن العبادات تحتاج إلى دليل ولا يصح فيها القياس.
وأما صوم النبي صلى الله عليه وسلم كل اثنين فهو مما سنَّه لأمته، ولما سئل عنه قال: “ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه”.
قلت: لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه خصَّ يوم مولده بالصوم، إنما كان يصوم كل اثنين فتنبه!!.
فمن كان مقتديًا فليصم كل اثنين فإنه من السنة.
تنبيه مهم: لا يصلح الاستدلال بالأدلة العامة على مسألة خاصة كما فعل هذا المجهول ولبَّس على الناس بسرد بعض الآيات التي فيها ذكر الأنبياء وقصصهم والفرح والسرور بنعم الله…إلخ فقد استدل بهذه العمومات على استحباب الاحتفال بالمولد!!.
وهذا الاستدلال أوهى من بيت العنكبوت، وانظر إلى ما قاله العلامة المحقق شمس الدين ابن القيم رحمه الله في كتابه تهذيب سنن أبي داود (3/288) عند كلامه على هذا النوع من الاستدلال:”..وهذا موضع يغلط فيه كثير من قاصري العلم، يحتجون بعموم نص على حكم، ويغفلون عن عمل صحاب الشريعة وعمل أصحابه الذي يبين مراده ومن تدبر هذا علم به مراد النصـوص وفهم معانيها”.ثانيًا: لا تصح الأعمال عند الله إلا بأمرين لا يجزئ أحدهما إذا تخلَّف عنه الآخر:
قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]
1- فلا يكون العمل خالصًا إلا إذا أُريد به وجه الله.
2- ولا يكون العمل صوابًا إلا إذا كان على هديِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الاحتفال بالمولد ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم دل ذلك على بطلان التعبُّد به؛ ولو كانت النية خالصة لوجه الله؛ لأن العبادة لا تقبل إلا باجتماع الشرطين.
وأما استدلاله بأن “أول من احدث هذا المولد الملك المظفر أبو سعيد كوكبري المتوفى سنة 633 وأنه رجل صالح زاهدٌ…الخ”
فأقول: صلاح الرجل وزهده ليس دليلاً على صحة فعله؛ لما تقدَّم من بيان الشروط التي يُعْرَفُ بها ما إذا كان العمل صحيحًا أم لا!!.
وهل يعقل أن تمرَّ على الأمة الإسلامية قرابة الخمسة قرون وهم بعيدون عن هذه الفضيلة؟!!
زد على ذلك أن المؤرخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي المقريزي (ت845) قال في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (ص490) :”.. وكان للخلفاء الفاطميين في طوال السنة أعياد ومواسم, وهي موسم رأس السنة وموسم أول العام ويوم عاشوراء ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد علي ابن أبي طالب…”
وانظر ما نقله الحافظ ابن كثير من كلام ابن الجوزي على هذه الطائفة: “.. وفي هذه السنة تحركت القرامطة، قبحهم الله، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك، وكانا يبيحان المحرمات…” [البداية والنهاية 7/477].
وقد يقول قائل ألا يدخل هذا الفعل تحت قوله صلى الله عليه وسلم ” من سن في الإسلام سنة حسنة..”
فالجواب: لا يدخل تحته البتة؛ لأن الحديث معناه من فعل عبادة مشروعة واقتدى به الناس فله أجر مثل أجور من عمل بهذا العمل، وسيأتي مزيد بيان حول هذا الحديث في النقطة الرابعة.
ثالثًا: دين الله كامل لا يقبل الزيادة:
قال ابن الماجشون: سمعت مالكًا يقول: “من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائد: 3]،
فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا” [رواه ابن حزم في الإحكام من أصول الأحكام (6/58)].
رابعًا: كل البدع ضلال وليس في الإسلام بدعة حسنة:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين…” [رواه أحمد (4/126)].
بوب الإمام ابن أبي عاصم (ت284) على هذا الحديث في كتابه “السنة” بقوله: “باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “تركتكم على مثل البيضاء” وتحذيره إياهم أن يتغيروا عما يتركهم عليه وأمره بسنته وسنة الخلفاء الراشدين بعده”.
والحديث يدل على أن كل ما تحتاجه الأمة من أمر دينها قد بيَّنه عليه الصلاة والسلام أتمَّ بيان؛ ولذلك قال:”قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ” أي على جادة الطريق .
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى حدوث الاختلاف بعد وفاته بقوله “ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا”. وأرشدنا -صلوات الله وسلامه عليه- إلى سبيل النجاة من هذا الاختلاف فقال:”فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين..”
وفي رواية عند أحمد قال “فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وإن كل بدعة ضلالة”
فالسَّلامة بالتزام سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، لا سبيل للسَّلامة في غيره كما قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] والمؤمنون في الآية هم الصحابة ومن سار على نهجهم من بعدهم، ولذلك أكَّد عليه بقوله “وعضوا عليها بالنواجذ”.
ثم حذَّرنا من أمر خطير وهو الابتداع في الدين فقال: ” وإياكم ومحدثات الأمور”وهي التي لا أصل لها في الشرع أو لها أصل في الشرع ولكن أضيف عليها كيفية أو هيئة غير مشروعة.
و”كل محدثة بدعة” كل من صيغ العموم، والمعنى أن كل ما أُحدث في دين الله مما لا أصل له فهو بدعة.
و”كل بدعة ضلالة” هذا أيضًا عموم، فكل البدع ضلال، ليس فيها شيء حسن البتة.
فكيف يسوغ لنا أن نقول: هناك من البدع ما هو حسن؟!
ومن أين لنا أن نخصص العموم بدون دليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!
ومن زعم أن في الإسلام “بدعة حسنة” فليأتنا بالدليل من الكتاب أو السنة؛ فدين الله مبني على الاتباع لا الابتداع.
وقد يقول قائل عندنا دليل وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة ، فعُمل بها بعده ، كتب له مثل أجر من عمل بها ، ولا ينقص من أجورهم شيء..”.
فالجواب: ليس في هذا الحديث حجة؛ لأن الحديث له قصة يُفهم منها أن المراد بقوله” سن سنة حسنة” أي: ابتدأ العمل بأمر مشروع واقتدى به الناس في ذلك.
وهاك نص الرواية من صحيح مسلم (6975): قال جرير بن عبد الله: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم الصوف، فرأى سوء حالهم، قد أصابتهم حاجة، فحث الناس على الصدقة فأبطؤوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه.
ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة من وَرِقٍ ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور فى وجهه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ” من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء…”
نلاحظ من خلال القصة أن الرجل لم يأت بأمر مبتدع أصلاً، إنما أتى بأمر مشروع وهو الصدقة، فكان أول من استجاب لحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، وتبعه الناس على ذلك، ومعلومٌ أن الصدقة مشروعة بالقرآن والسنة.
وهذا الحديث يصدق أيضًا على من أحيا السنن التي ماتت عند كثير من الناس بسبب جهلهم بها أو اشتغالهم بأمر دنياهم وبعدهم عن تعلم دينهم.
والخلاصة: الحديث واضح في أن المراد به من ابتدأ عمل أمر مشروع لا أمر محدث ممنوع فتنبَّه!!.
وقد استدل بعضهم بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:”نعمت البدعة هذه..” [ رواه مالك في الموطأ 240] في قيام رمضان على أن هناك بدعة حسنة.
وهذه من أوهى الحجج والرد علىها كالتالي:
أولا: البدعة لها معنى لغوي ومعنى شرعي:
– معناها في اللغة: من بدع الشيء يبدعه بدعًا وابتدعه: أي أنشأه وبدأه.
– معناها في الشرع: ما أحدث في الدين على غير مثال سابق.
ثانيًا: هل المراد بقول عمر رضي الله عنه المعنى الاصطلاحي أم المعنى اللغوي؟
الجواب: المعنى اللغوي وهو أنه ابتدأ هذا العمل الذي هو في الأصل مسنون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سن الاجتماع لصلاة القيام في رمضان لما صلى بهم ثلاثة ليال، ثم امتنع صلوات الله -وسلامه عليه- وعلل امتناعه بقوله “خشيت أن تفرض عليكم” ومعلوم أن علة ترك صلاة القيام جماعة انتفت بموته صلى الله عليه وسلم وعليه ففعل عمر رضي الله عنه ما هو إلا إحياءً لسنته صلى الله عليه وسلم.
ثم لو فرضنا جدلاً أن عمر رضي الله عنه يقول بأن هناك بدعة حسنة فلا يكون قوله حجةً لمخالفته النص الصريح وهو قوله صلى الله عليه وسلم “..وكل بدعة ضلالة” فتنبه!!.
خامسًا: تحريم الإحداث في الدين:
لا يجوز الإحداث في الدين أيًا كان نوعه، فمن أحدث عبادة لا دليل عليها، أو قيَّد ذكرًا بعدد أو زمن أو مكان لا دليل عنده على تقييده، فقد استدرك على هذا الدين، وشرع للناس أمرًا لم يأذن به الله كما قال تعالى:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وعملهم هذا مردود على وجهوههم لقوله صلى الله عليه وسلم “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” [رواه البخاري 2697]
وليس الأمر مقتصرًا على من أحدث فقط!!
بل كل من عمل به فلا يقبل منه، وهو مردود عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” [رواه مسلم 4514].
سادسًا: التفريق بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية:
لابد أن نفرّق بين المسائل الخلافية وهي ما كان فيها مخالفة لإجماع السلف أو مصادمة للنص من كل وجه، وبين المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها السلف والأدلة تحتملها.
فالمسائل الخلافية لا يسوغ الخلاف فيها، ومن خالف جُزِمَ بخطئه وأُنكر عليه، بخلاف المسائل الاجتهادية فلا ينكر فيها على المخالف ولكلٌ رأيه وحجته.
وهنا يأتي السؤال: هل مسألة الاحتفال بالمولد النبوي من المسائل الخلافية أم الاجتهادية؟
الجواب: لا شك أنه من المسائل الخلافية التي يجب الإنكار فيها على المخالف لأمور منها:
1- لم يثبت فيه نص.
2- أنه يقصد به تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم.
فكونه لم يأت فيه نص ولم يفعله أحد من السلف يكفي في إثبات أنه ليس من المسائل الاجتهادية؛ لمصادمته النص وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” وقوله: ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” وأيضًا هي خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأصحابه.
وزد على ذلك أنهم يقصدون بهذا الاحتفال التقرب إلى الله بتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم فهل التقرب إلى الله بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم اجتهادي؟!!
هذا لا يقوله عاقل!!
بل تعظيمه صلى الله عليه وسلم واجب من واجبات الدين قال تعالى:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ..} [الفتح: 9].
فكيف يكون المولد واجبًا من واجبات الدين ولم يأت عليه دليل؟!!.
والناظر في واقع الموالد يجد أنها قل أن تخلو من القصائدة الشركية واعتقاد حضور النبي صلى الله عليه وسلم إليها والرقص وغيرها من الضلالات..!!
فمن خلال ما سبق يتضح أن الاحتفال بالمولد من البدع التي يجب إنكارها.
وختاما أقول: لا يجوز التهاون في البدع والسكوت عنها لأنها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ضلالة ” والضلالة تجر بصاحبها إلى الهلاك والعياذ بالله.
وأنقل لكم ما كتبه الشيخ حمد العتيق وفقه الله وتأمله وقارنه بما هو واقع الموالد اليوم:
“…فوقع بعض الناس في بدع أحدثوها يريدون بذلك أول ما أحدثوها الخير والازدياد في طاعة الله، ثم ما لبث الشيطان أن هوى بهم بسببها إلى غياهب الشرك والكفر بالله نعوذ بالله من الشيطان وعمله، ومن ذلك ما رواه الدارمي وغيره عن عمرو بن سلمة قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن؟
قلنا: لا فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيرًا.
قال: فما هو ؟
فقال: إن عشت فستراه، رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصًا، فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، ويقول سبحوا مئة، فيسبحون مئة.
قال : فماذا قلت لهم ؟
قال : ما قلت لهم شيئًا أنتظر رأيك أو أنتظر أمرك .
قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟.
ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم وقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصًا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح . قال : فعدوا سيئاتكم، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد، أو مفتحوا باب ضلالة .
قالوا: والله يا أبا عبدالحمن ما أردنا إلا الخير.
فقال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: إن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم .
وأيم الله ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم .
فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج .أ.هـ.
فانظر رعاك الله كيف كانت بداية هؤلاء النفر، كانت جلسات ذكر!! أحدثوا فيها صفات للذكر لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها أصحابه رضوان الله عليهم، أحدثوا فيها الذكر الجماعي وعد الذكر بالحصى وكان مقصدهم كما قال أحدهم لابن مسعود والله ما أردنا إلا الخير، ثم اننتهى بهم الأمر إلى تكفير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلهم وقتالهم”
هذا وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
✍🏻بقلم/ حمد بن دلموج السويدي