ومن أدلة إجماع أهل السنة على تحريم الخروج بالثورات أو الانقلابات على الحكام والمسؤولين الظالمين ، ما ورد من أحاديث صحيحة يخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، غما سيقع في أمته من ظلم وجور على أيدي بعض الحكام ، ولم يأمر إلا بالصبر فلو كان الخروج بالسيف مأذوناً به لما تأخر البيان، وهذا وقت الحاجة إليه فمن هذه الأحاديث :حديث ابن عبد الله بن مسعود – متفق على صحته – قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم سترون بعدى أثرة وأموراً تنكرونها ) قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : (فأمر مع ذكره لظلمهم بالصبر وإعطاء حقوقهم وطلب المظلوم حقه من الله ، ولم يأذن للمظلوم المبغي عليه ، بقتال الباغي في مثل هذه الصورة التي يكون القتال فيها فتنة) وقال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : ( فيه الحث على السمع والطاعة ، وإن كان المتولي ظالماً عسوفاً ، فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع ، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره ، وإصلاحه ) .ومن هذه الأحاديث : حديث ابن عباس المروى في الصحيحين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فأنه من فارق الجماعة شبراً فمات ، فميتته جاهلية) وهذه المفارقة معناها – كما قال أهل العلم -، السعي في حل تلك البيعة التي للأمير ولو أدنى شيء ، فعبر عليه الصلاة والسلام عن ذلك بمقدار الشبر ، يقول شيخ الإسلام ابن تيميه : ( وأما ما يقع من ظلم الحكام وجورهم بتأويل سائغ أ, غير سائغ ، فلا يجوز أن يزال لما فيه من ظلم وجور ، كما هي عادة النفوس تزيل الشر بما هو شر منه وتزيل العدوان بما هو أعدى منه ، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد كثر من ظلمهم فيصبر عليهم ، كما يصبر عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) .