تعليق الأمطار بالمنخفضات الجوية والنجوم
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد:
فاتقوا الله وراقبوه، وتجنبوا معصيته وأليم عقابه بفعل أوامره واحتناب نواهييه.
عباد الله: خلق الله الخلق لعبادته وقسم أرزاقهم وأقواتهم، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وأنزل إليهم القطر من السماء فأنبت لهم الزرع، وأدر الضرع.
ومع هذه النعم العظيمة والخيرات الكثيرة، هناك من يجحد نعمة الله -عز وجل- وينسبها إلى غيره -جل وعلا-. وقد ورد النهي والوعيد الشديد، والتغليظ الأكـيد، لمن نسب نعم الله إلى غيره ومما اشتهر في الجاهلية وبقي إلى هذا الزمان نسبة نعمة المطر إلى النجوم أومنازل القمر الأنواء أوإلى حالات الضغط المناخية وهذا الفعل منه ماهو كفر ومنه ماهو دون ذلك كما سيأتي تفصيله.
فالأنواء: جمع نوء، وهو النجم، وفي السنة الشمسية ثمانية وعشرون نجماً، كنجم الثريا، ونجم الحوت تسمى منازل القمر (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ).
وقد جاء عن بعض السلف النهي عن تعلمها لأنها تؤدي إلى ادعاء علم الغيب والكفر بالله وتعليق القلوب بغيره والتشبه بالمشركين بل من تعلم علم النجوم كمن يتعلم السحرالذي هو كفر.
والاستسقاء بهذه الأنواء: كأن يُطلب من النجم أن ينزل الغيث، أو يُنسب الغيث إلى ظهورالنجم، فقد كان أهل الجاهلية إذا نزل مطر في وقت نجم معين نسبوا المطر إلى ذلك النجم، فيقولون: مطرنا بنوء كذا، أو هذا مطر الوسمي، أو هذا مطر الثريا، ويزعمون أن النجم هو الذي أنزل هذا الغيث وهذا من لشرك في الربوبية.
فالاستسقاء المحرم بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن ينسب المطر إلى النجم معتقداً أنه هو المنزل للغيث بدون مشيئة الله وفعله جل وعلا، فهذا شرك أكبر بالإجماع.
القسم الثاني: أن ينسب المطر إلى النوء معتقداً أن الله جعل هذا النجم سبباً في نزول هذا الغيث، فهذا من الشرك الأصغر؛ لأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فالله تعالى لم يجعل شيئاً من النجوم سبباً في نزول الأمطار، ولا صلة للنجوم بنزولها بأي وجه، وإنما أجرى الله العادة بنزول بعض الأمطار في وقت بعض النجوم.
وقد وردت أدلة كثيرة تدل على تحريم الاستسقاء بالأنواء، ومنها:
1- قال الله عز وجل ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي: تشكرون غيرالله وذلك بنسبة إنزال الغيث إلى غير الله تعالى وهذا كذب منكم على الله وكفر به.
2- ما رواه مسلم في صحيحه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا)).
وروى البخاري ومسلم أن النبي قال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) .
فإذا قال المسلم: (مطرنا بنوء كذا وكذا) وكان مقصده أن الله أنزل المطر في وقت هذا النجم، معتقداً أنه ليس للنجم أدنى تأثير لا استقلالاً ولا تسبباً فقد اختلف أهل العلم في حكم هذا اللفظ: فقيل: هو محرم، وقيل: مكروه، وقيل: مباح.
والقول بتحريمه قوي ومن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا شك أن هذا اللفظ يجب تركه، واستبداله بالألفاظ الأخرى التي كأن يقول: (مطرنا بفضل الله ورحمته)، أو يقول: (هذه رحمة الله)، وهذا هو الذي ورد الثناء على من قاله، وله أن يقول: (مطرنا في وقت نجم كذا)، ونحو ذلك من العبارات الصريحة التي لا لبس ولا إشكال فيها، ولايقل(مطرنا بظهور النجم الفلاني ونحوه فاأمر جد خطير على عقيدة المسلم وتوحيده.
عباد الله: لما كان من التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ولاتقبل الأعمال إلا بتحقيقه ومنه الاعتراف لله بتفرده بالنعم ودفع النقم، وإضافتها إليه قولاً واعترافًا واستعانة بها على طاعته؛ كان من الواجب على المسلم إضافة المطر وغيره من النعم إلى الله ثم إن الأنواء ليست من الأسباب لنزول المطر بوجه من الوجوه، وإنما السبب عناية المولى ورحمته وحاجة العباد وسؤالهم فينزِّل عليهم الغيث بحكمته ورحمته بالوقت المناسب لحاجتهم وضرورتهم.
فلا يتم توحيد العبد حتى يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة عليه وعلى جميع الخلق، ويضيفها إليه، ويستعين بها على عبادته وذكره وشكره.
وهذا الموضع من محققات التوحيد، وبه يُعرف كامل الإِيمان وناقصه ….أقول قولي هذا.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمد الشاكرين، أشهد أن لا إله إلا الله رب العرش العظيم، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه أمابعد:
سئل العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – : عن حكم ربط المطر بالضغط الجوي والمنخفض الجوي ؟
فأجاب قائلاً : فمن نسب إنزال المطر إلى الكواكب أو إلى الظواهر الطبيعية كالإنخفاض الجوي أو المناخ فقد كذب وافترى وهذا شرك أكبر.
وإن كان يعتقد أن المنزل هو الله ولكن نسبه إلى هذه الأشياء من باب المجاز فهذا حرام وشرك أصغر، لأنه نسب النعمة إلى غير الله، كالذي يقول مطرنا بنوء كذا وكذا.
وما أكثر التساهل في هذا الأمر على ألسنة بعض الصحفيين والإعلامين فيجب على المسلم أن يتنبه لهذا.
اللهم اهدنا سراطك المستقيم وتب علينا أجمعين واجعل الدائرة على المعتدين وانصر جنودنا الموحدين على الحوثيين الظالمين ودولة الرافضة المشركين وأنجي المستضعفين في سوريا واليمن ومن هم في برك وبحرك أجمعين اللهم صل على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واجعل ماأنزلت علينا من أمطاروخير بركة لنا ومتاعا إلى حين . اللهم عليك بدعاة الفتنة والسفور فإنهم لايعجزونك واحفظ نساءنا من التبرج والسفور وسفاسف الأمور وخذ بنواصي ولاة أمرنا للبر والتقوى ودلهم على مافيه صلاح الدين والدنيا واجعلهم رحمة لرعيتهم يارب العالمين