تنبيه على رسالة تتناقل عن التعريف بالصحابة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد انتشر بين بعض الإخوة في رسائل الواتس أب وغيره هذه الرسالة:
(اضغط على أي اسم من أسماء الصحابة يطلع لك قصته، احتفظ بهذا العمل في الملاحظات أو في أي مكان بعيد عن الإلغاء
وأهده لكل القائمة لديك فهو عمل عظيم إن لم تستخدمه فربما غيرك يستخدمه ويستفيد منه ولك الأجر] ا.هـ
ووضعوا رابطاً موصلاً لذلك، وعند دخوله تجد عنواناً في الأعلى(رجال خالدون)، وتحته جملة من التراجم عددها 79 ترجمة
وأحب أن أنبه هنا على أمور باختصار:
أولاً: ينبغي لمن أراد كتابة رسالة أو إعادة إرسالها أن يتأكد من صحتها وثبوتها، لا سيما إن كانت منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أو متضمنة لحكم شرعي، ولا يجوز للإنسان أن يتساهل في مثل هذا؛ لأنه من أسباب انتشار البدع والخرافات والأحاديث الباطلة والموضوعات.
وفي الثابت الصحيح كفاية ولله الحمد.
وفي حديث سمرة في قصة الرؤيا التي رآها رسول الله ورؤيا الأنبياء وحي، قال صلى الله عليه وسلم :[وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة].رواه البخاري
وفي مقدمة صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ماسمع].
وتواتر النهي عن الكذب على رسول الله وأنه من أعظم الكبائر.
قال النووي:(لافرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان فى الأحكام، وما لاحكم فيه كالترغيب والترهيب، والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم فى الإجماع).
ثانياً: الرسالة توهِمُ أن المذكورين المترجم لهم كلهم من الصحابة، وليس الأمر كذلك، بل منهم من جاء بعدهم بسبعة قرون، وممن تُرجم له أناس عليهم مآخذ شتى في سيرتهم أو عقيدتهم.
ثالثاً : لم أتتبع التراجم كلها، لكني وقفت على ما يدل على جهل جامع تلك التراجم، أو فساد عقيدته، وفي ترجمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما يدل على ذلك، ومما ذكر فيها أن علياً كشاف الكرب!! وقسيم الجنة والنار!! وأن مرقده في النجف الأشرف!!…إلخ.
كما أن فيه أحاديث لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبعض ما تقدم كافٍ في الحذر من ترويج هذه الرسالة؛ لا سيما وغالب من ستصل إليه ممن لا يستطيعون التمييز بين الصحيح والسقيم.
فيا إخوتاه: والله إن في كتاب الله وماصح من سنة رسول الله الغنية والكفاية، فلماذا نتتبع غرائب الروايات والقصص والحكايات..
وإذا قرأت حديثاً أو قصة فأعجبك سياقها فلا ترسلها لغيرك حتى تتأكد من صحتها، فإن كانت ثابتة فأرسلها لمن تريد، وإلا فلا تكن معيناً على نشر الباطل.
قال الذهبي:(فيا ليتهم يقتصرون على رواية الغريب والضعيف، بل يروون والله الموضوعات والأباطيل، والمستحيل في الأصول والفروع، والملاحم والزهد، نسأل الله العافية.
فمن روى ذلك مع علمه ببطلانه، وغر المؤمنين، فهذا ظالم لنفسه، جان على السنن والآثار، يستتاب من ذلك، فإن أناب وأقصر، وإلا فهو فاسق، كفى به إثمًا أن يحدث بكل ما سمع،
وإن هو لم يعلم، فليتورع، وليستعن بمن يعينه على تنقية مروياته،
نسأل الله العافية ; فلقد عم البلاء، وشملت الغفلة، ودخل الداخل على المحدثين الذين يركن إليهم المسلمون، فلا عتبى على الفقهاء وأهل الكلام) السير 602/2
وفق الله الجميع لكل خير وعصمنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وكتب أخوكم: حسام بن عبدالله الحسين
1433/5/24