تقول السائلة: أريد أن أعرف هل هذه دورة شهرية؟ أم أنها استحاضة؟ جاءتني الدورة في اليوم الثامن من شوال إلى الآن، لكن دم متقطع، وقليل جدًا ومستمر، في اليوم أجد بقعة صغيرة أساسًا أشعر بحبسها، وعلمًا أن لدي خلل في المبايض من شهرين تقريبًا؛ لأنها غير منتظمة في الفترة الأخيرة.
فهل هذه استحاضة أم دورة؟ علمًا أني أشعر بضيق لطول المدة، ولم أصلِّ فترة، طولها تقريبًا ستة عشر يومًا إلى الآن؟
يقال جوابًا عن هذا السؤال: إن أقل الحيض يوم وليلة، أي: أن أقل الحيض أربع وعشرون ساعة، فإذا استمر الدم أربع وعشرين فإن الدم دم حيض.
وأما إذا كان أقل من ذلك؛ فإن الدم دم استحاضة، وقد ثبت هذا عن عطاء رضي الله عنه أنه قال: أقل الحيض يوم وليلة.
وقال الإمام أحمد: أرفع ما في هذه المسألة قول عطاء.
فإذًا يكون قول عطاء حجة، وإلى هذا القول ذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية، هذا أقل الحيض.
فإذا استمر الحيض عشرة ساعات، أو عشرين ساعة، فمثل هذا لم يعد حيضًا بل استحاضة.
وكذلك أكثر الحيض خمسة عشر يومًا، فإذا زاد على خمسة عشر يومًا، فإن الدم دم استحاضة، وليس دم حيض، وقد أفتى بهذا عطاء، كما رواه البيهقي بسند صحيح عنه، وإلى هذا القول ذهب الشافعي وأحمد في رواية.
فعلى هذا، من استمر الدم معه ستة عشر يومًا فإنه يتبين الدم دم استحاضة وليس دم حيضٍ، فترجع إلى عادتها، لنفرض أن عادتها سبعة أيام، فالسبعة أيام حيض، وما زاد على ذلك فهو استحاضة، وتقضي ما زاد على الأيام السبعة؛ لأنه في زيادة الدم على خمسة عشر يومًا تبين أن ما زاد على العادة فهو دم استحاضة.
وهذه الأخت التي تقطع معها الدم، إن كان الدم الذي يأتي قليل جدًا كما هو ظاهر السؤال.
فمثل هذا الدم استحاضة؛ لأن هذا التقطع تقطع يجعل الدم غير مستمر أقل الحيض وهو أربع وعشرون ساعة، فمثل هذا يتبين – والله أعلم- أنه دم استحاضة.
لكن لنفرض أن هذا الدم استمر أيامًا وهو بتقطع، فإن كان التقطع تقطعًا بينه جفاف فمثل هذا يعتبر دمًا متقطعًا، ولا يجمع بعضه إلى بعض.
أما إذا كان التقطع تقطع ليس بينه جفاف، فيجمع بعضه إلى بعض، وإذا تعدى يوم وليلة فإنه يكون دمَ حيض.
فالخلاصة أن التقطع نوعان: تقطع ليس بينه جفاف، بل يتصل بعضه ببعض مع تقطع قليل، وليس بينه جفاف، بحيث لو وضعت شيئًا وجدت الدم، فإن مثل هذا يعد متصلًا، فإن كان يومًا وليلة فأكثر فإن الدم دم حيضٍ.
أما إذا كان هذا التقطع أقل من يوم وليلة فإنه دم استحاضة، لأن أقل الحيض يوم وليلة، هذا الحالة الأولى.
الحالة الثانية: إذا كان هذا التقطع تقطع بينه جفاف، فمثل هذا يعتبر غير متصل، فيكون الدم دم استحاضة، ولو استمر أيامًا.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.