جوابي لبعض الفضلاء عن وصفه لي ولكتابي ” الإلمام ” بالإرجاء
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …………… أما بعد:
فقد ذكر أحد أهل العلم والفضل يوم الثلاثاء (19/3/ 1432هـ ) أن في كتابي ” الإلمام في شرح نواقض الإسلام ” إرجاء
https://www.islamancient.com/?p=15324
بسبب أنه مقرر فيه العذر بالجهل لمن وقع من المسلمين في الشرك الأكبر بلا تفريط حيث سئل: وجدت كتاباً يباع في المكتبات اسمه ” الإلمام بشرح نواقض الإسلام ” وقد قرر فيه مؤلفه أن العذر بالجهل عام في كل مكفر، وأن المشرك الذي يعبد غير الله إذا كان ممن ينتسب للإسلام وينطق بالشهادة .
فقال: هذا إرجاء هذا قرأناه وأدركنا إنه كتاب إرجاء وهو خلاف النواقض التي ذكرها شيخ الإسلام، هو بزعمه يشرح، وهو يرد على الشيخ، هذا الكتاب يجب أن يصادر ولا يغتر به ا.هـ
فأردت كتابة إجابة على ما ذكر – وفقه الله لهداه -، وذلك تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال:” على رسلكما إنها صفية بنت حيي” ثم قال:” إن الشيطان يجرى من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً ” متفق عليه واللفظ لمسلم، وذلك بعد إشارة إلى مقدمات مختصرات :
المقدمة الأولى/ إن أقوال العلماء يحتج لها لا بها، وهذا من الأصول المتفق عليها عند أهل السنة والجماعة السلفيين، ففي مجموع الفتاوى لابن تيمية (26 / 202) قال: وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية ا.هـ
وما أحسن ما أخرج إسحاق بن راهويه كما في المطالب العالية (1306) بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه قال: من ههنا تؤتون نجيئكم برسول الله وتجيئون بأبي بكر وعمر . صححه الحافظ ابن حجر .
وقال الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد ص 483: وهذا الكلام قاله ابن عباس لمن ناظره في متعة الحج، وكان ابن عباس يأمر بها، فاحتج عليه المناظر بنهي أبي بكر وعمر عنها أي: هما أعلم منك وأحق بالاتباع. فقال هذا الكلام الصادر عن محض الايمان، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه و سلم، وإن خالفه من خالفه كائناً من كان، كما قال الشافعي: أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد. فإذا كان هذا كلام ابن عباس لمن عارضه كأبي بكر وعمر وهما هما ا.هـ
فإذا ذكر العالم حكماً في مسألة أو في شخص أو في كتاب، فهو مطالب عند أهل العلم والعرفان أن يدلل على ذلك حتى يقبل منه، فإذا ذكر دليلاً مقنعاً قبله أهل العلم والإيمان، وإلا ردوه ولم يقبلوه مهما كان القائل مع حفظ منزلته إذا كان من أهل السنة.
فإن قيل: كنا بالأمس نتكلم على الحزبيين؛ لأن العلماء الموثوقين تكلموا فيهم، وكنا نعيب على أتباعهم: لماذا لا يقبلون كلام العلماء فيهم، فما بالنا اليوم نسلك مسالكهم، ولا نرجع إلى كلام العلماء إذا جرحوا الرجل أو كتابه وتكلموا فيه، والجواب على هذا من أوجه:
الوجه الأول: إن هناك فرقاً بين جرح العلماء لمن لم يعدل، فمثل هذا يقبل فيه الجرح المجمل، بخلاف المعدل فلا يقبل فيه الجرح إلا إذا كان مفسراً، ففرق بين الجرح المجمل في المعدل وغير المعدل، قال الحافظ ابن حجر في النزهة : لأنه إن كان غير مفسر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به، أيضاً، فإن خلا المجروح عن تعديل قبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب، إذا صدر من عارف على المختار ا.هـ
هذا كله في الجرح المجمل، فكيف بجرح فسر بما ليس جرحاً، لأنه بسبب مسألة خلافية بين أهل السنة، وإلا لو فتح هذا الباب لبغى أهل السنة بعضهم على بعض .
الوجه الثاني: لم يكن الاعتماد على مجرد كلام بعض العلماء فيهم، بل كان الاعتماد على ما أظهروه من سوء وخلل يستحقون به التبديع، وكلام العلماء فيهم كان يتناقل على وجه الاعتضاد لا الاعتماد؛ لذا لم يقبل كلام الإمام ابن باز في الثناء على جماعة التبليغ سابقاً قبل تراجعه، ولا كلام الشيخ العلامة ابن عثيمين لما أثنى على جماعة التبليغ، ثم تراجع في آخر حياته ولله الحمد ، بل ولم يقبل كلام ابن باز والألباني في ثنائهم على سلمان العودة قديماً قبل تراجعهما، ولو كان الاعتماد على كلامهما دون الحجة والبينة لاطرد هذا وقت ثنائهم ومدحهم لمن تقدمت الإشارة إليه، والواقع أن السلفيين لم يقبلوه ذاك الوقت، مع إجلالهم وتعظيمهم لهذين الإمامين .
لذا من ظن أن السلفيين يتابعون العلماء، ولو خالفوا الحجة والبينة فهو مغالط، بل إن من أعظم شعارات السلفيين ذم التقليد بغير حق وهو ترك البينة والحجة، لقول أي أحد كائناً من كان .
المقدمة الثانية / إن التفصيل في مسائل الإيمان والتكفير بمقتضى الدليل والحاجة مطلوب شرعاً؛ لأن من أعظم أسباب الضلال الإجمالات، قال ابن تيمية في منهاج السنة (2/130): وأما الألفاظ المجملة؛ فالكلام فيها بالنفي والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال. وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء ا. هـ وقال ابن القيم في شفاء العلَّيل (1/324): قيل أصل بلاء أكثر الناس من جهة الألفاظ المجملة التي تشتمل على حق وباطل، فيطلقها من يريد حقها فينكرها من يريد باطلها . فيردُّ عليه من يريد حقَّها ا.هـ
وقال ابن القيم :
فعليك بالتفصيل والتبـيـين فا لإطلاق والإجمال دون بيـان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا ال أذهان والآراء كـل زمـان
وتزداد الحاجة إلى التفصيل إذا وجد من أهل الباطل والغلو من يتمسك بالإجمالات في التكفير بغير حق؛ لذا أكثر الأئمة من التفصيل في هذه المسائل كما نقلته في كتابي ” الإلمام بشرح نواقض الإسلام” .
ولعل هذا هو الذي دعا الشيخ العلامة صالحاً الفوزان يفصل في شرحه الثاني على نواقض الإسلام أكثر من شرحه الأول الذي قد فهم منه خلاف ما قرره في شرحه الثاني، ومن ذلك ما قرره – حفظه الله – في شرحه الثاني أن الرجل لا يكفر بمجرد إعانة الكفار حتى تكون إعانتهم لأجل الدين.
المقدمة الثالثة/ إن مما أعتقده وأشهد الله عليه -وهو العالم بما في السرائر-: أن الله قد رحمنا بدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله رحمة واسعة -، وله فضل كبير علينا، فهو إمام هدى، ومصباح من مصابيح الدجى، ومجدد كبير للإسلام والسنة، فلا يوجد – فيما أعلم – بعد شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم من يدانيه في تجديده، فضلاً عن أن يساويه. وهذا أذكره ديانة، واعترافاً بالجميل لهذا الإمام المجدد، بل قد أجرى الله على يديه نوعاً من التجديد بمعاونة السلطان، ما لم يجر على يد الإمامين ابن تيمية وابن القيم – رحمهما الله- .وقد من الله عليّ، ودافعت عن هذا الإمام ودعوته وأنصاره من آل الشيخ وغيرهم في درس مسجل بعنوان ” أصول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ”
https://www.islamancient.com/?p=17604
وقد شاع – ولله الحمد – ووزع بالآلاف. وكذلك دافعت عنه وعن دعوته وأنصاره ورددت على الشبه التي تثار عليه وعلى دعوته في أكثر من مناسبة كحلقة في إذاعة القرآن الكريم .
وإن الواجب شديد على أهل العلم والإيمان في صد عدوان من أخذهم الحركيون من أبنائنا من بين أيدينا، فعزلوهم عن دعوة التوحيد والسنة، ومنها دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب .
ومن شناعات الحركيين اتهام عوض القرني كتاب ” الدرر السنية ” بأن منه انطلق الغلو في التكفير (صحيفة الوطن (العدد 1193)) ، واتهام سلمان العودة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب على وجه التنقص بأنها دعوة تقليدية (في قناة المجد في اليوم الرابع والعشرين من الشهر السابع لعام أربع وعشرين وأربع مئة وألف من هجرة النبي r ببرنامج ساعة حوار ).
المقدمة الرابعة/ إني أبرأ إلى الله من كل بدعة في الاعتقاد أو العمل، صغيرة كانت أو كبيرة، ومن ذلك بدعة الإرجاء!!
يا سبحان الله كيف تنسب لي هذه البدعة، ولي جهود – بفضل الله – في إنكارها بالتصريح، وبتقرير قول أهل السنة، والرد على المرجئة كمثل كتابي ” الإمام الألباني وموقفه من الإرجاء ”
https://www.islamancient.com/?p=29895
وكمثل درس مسجل بعنوان : مقدمة في الإيمان عند أهل السنة ( مقدمة على شرح كتاب ” الإيمان الكبير ” لابن تيمية )
https://www.islamancient.com/?p=15249
ودرس مسجل بعنوان: التحذير من فتنة الإرجاء
https://www.islamancient.com/?p=17558
زيادة على تقريري لمسائل الإيمان على طريقة أهل السنة في تعليقات على العقيدة الطحاوية، والواسطية، ولمعة الاعتقاد، وكلها مسجلة ومتداولة .
يا سبحان الله أيصح أن يوصف بالإرجاء من يعتقد ما يلي – وأنا بحمد الله من أولئك -:
1- أن الإيمان: قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. وسيأتي – إن شاء الله – النقل عن ” الإلمام ” .
2- أن الكفر يكون: بالقول والعمل والاعتقاد؛ بالقول كسب الله، والعمل كالسجود للأصنام، والاعتقاد كاعتقاد أن أحداً يعلم الغيب.
قلتُ في كتاب ” الإلمام بشرح نواقض الإسلام” ص85: الإيمان عند أهل السنة يكون بالقول والعمل والاعتقاد ، وهو يزيد وينقص ، وهكذا الكفر عندهم بالقول والعمل والاعتقاد قال الفضيل بن عياض : الإيمان المعرفة بالقلب ،والإقرار باللسان ، والتفضيل بالعمل .ا.هـ ( السنة لعبد الله بن أحمد ( 1 / 347 )). وقال وكيع : أهل السنة يقولون : الإيمان قول وعمل ا.هـ (شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة ( 4 / 930 )).
وقال الآجري في الشريعة ( 2 / 611 ) : اعلموا – رحمنا الله وإياكم – أن الذي عليه علماء المسلمين : أن الإيمان واجب على جميع الخلق؛ وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح ا.هـ . وحكى الإجماع ابن عبد البر في التمهيد ( 9/ 238 ) ، وأبو عمرو الطلمنكي كما نقله ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 7 / 330 ، 332 ) .
ومن الأقوال والأفعال التي يكفر بها المسلم ما قاله إسحاق بن راهويه: ومما أجمعوا على تكفيره، وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد، فالمؤمن الذي آمن بالله تعالى، وبما جاء من عنده، ثم قتل نبياً أو أعان على قتله، وإن كان مقراً ويقول: قتل النبي محرم فهو كافر، وكذلك من شتم نبياً، أو رد عليه قوله من غير تقية ولا خوف ا.هـ (تعظيم قدر الصلاة ( 2/ 930 )).
ومن الاعتقاد الكفري من لم يطع أمر الله استكباراً . قال ابن تيمية في الصارم المسلول ( 3 / 970 ) : ولهذا قالوا : من عصى مستكبراً كإبليس كفر بالاتفاق ا.هـ .
3- أنه لا يشترط في التكفير معرفتنا بباطن واعتقاد من نطق أو فعل الكفر في الظاهر . وسيأتي النقل عن ” الإلمام ” – إن شاء الله – .
4- إن الظاهر والباطن متلازمان كفراً وإيماناً، صلاحاً وفساداً. وليس معنى هذا أننا لا نكفر إلا بعد معرفة الباطن، وإنما من أظهر الكفر عومل بما أظهر، لكن للتوضيح وتأكيد التلازم يقال: ما كفر ظاهراً إلا وسبق بكفر الباطن .
قلتُ في كتابي ” الإلمام ” ص84: يقرر أهل السنة التلازم بين الظاهر والباطن تلازماً لا ينفك، فلا يقع كفر في الظاهر إلا ويلزم منه كفر الباطن، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 7/ 187): ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، ولا يمكن أن يتخلف عما يريده القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح :” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ، ألا وهي القلب ” وقال أبو هريرة : القلب الملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده. – ثم قال –
بخلاف القلب فإن الجسد تابع له لا يخرج عن إرادته قط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم:” إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد “، فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الأعمال علماً وعملاً قلبياً، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد ا.هـ
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى ( 14 / 120 ): وما كان كفراً من الأعمال الظاهرة ، كالسجود للأوثان وسب الرسول، ونحو ذلك، فإنما ذلك لكونه مستلزماً لكفر الباطن، وإلا فلو قدر أنه سجد قدام وثن، ولم يقصد بقلبه السجود له، بل قصد السجود لله بقلبه لم يكن ذلك كفراً ا.هـ
وقال الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1 / 74 ): في هذين الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس، وإن كان صار معروفاً في علم النفس، وهو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن، والعكس بالعكس، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، لعلنا نتعرض لجمعها وتخريجها في مناسبة أخرى إنشاء الله تعالى ا.هـ .
وقال أيضاً في (مقدمة رياض الصالحين تحقيقه ص 15) : والحقيقة أنه لا يمكن تصور صلاح القلب إلا بصلاح الأعمال، ولا صلاح الأعمال إلا بصلاح القلوب، وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أجمل بيان في حديث النعمان بن بشير :” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ” وحديثه الآخر :” لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ” أي قلوبكم ، وقوله صلى الله عليه وسلَّم :” إن الله جميل يحب الجمال ” وهو وارد في الجمال المادي المشروع خلافاً لظن الكثيرين ا.هـ.
تنبيه: قول ( لا كفر إلا باعتقاد ) حمالة أوجه؛ فتحتمل معنى صحيحاً وخطأ، فالمعنى الصحيح أنه لا كفر في الظاهر إلا ومسبوق بكفر الباطن، فإن القلب الأصل، والمعنى الباطل أنه لا كفر أكبر إلا في القلب، والجوارح لا توصف بالكفر الأكبر .
ومن المعاني الباطلة: أنه لا كفر إلا بإرادة الكفر، فبما أنها حمالة أوجه، فإذاأطلقها السلفي فتحمل على المعنى الصحيح دون البدعي، علماً أنه أطلق أنه لا كفر إلا باعتقاد المروزي نقلاً عن بعض أهل السنة في كتابه ( تعظيم قدر الصلاة) (2/517-519)، ونقله ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/323- 325)، وابن تيمية نقلاً عن بعض أهل السنة في شرح العمدة قسم الصلاة ص72-73 . انتهى النقل عن ” الإلمام بشرح نواقض الإسلام ” .
5- إن تارك أعمال الجوارح الواجبة كلها كالصلاة، والزكاة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام يكون كافراً كفراً أكبر . وهو ما اصطلح ابن تيمية على تسميته بجنس العمل، وقد قررت هذا في كتابي ” الإلمام ” ص227، ونقلت إجماع أهل السنة عليه .
6- وأدين الله أن تارك الصلاة كافر على أصح قولي أهل العلم، كما تدل على ذلك الأدلة، وكان شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز – رحمه الله- يردد كثيراً أنه كافر على أصح قولي أهل العلم، كما في مجموع فتاوى ابن باز (4 / 23) حيث قال: وهكذا لو ترك الصلاة , ولو قال: إنها واجبة, فإنه يكفر في أصح قولي العلماء كفراً أكبر ا.هـ
7- إن الشخص إذا تلبس بالكفر يكون كافراً عيناً بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع، كما قررت هذا بتفصيل في المصادر المشار إليها، سواء كانت مقروءة أو مسموعة ومنها كتابي “الإلمام”.
وبعد هذا أيصح لمنصف أن يصر على وصف من يعتقد ذلك بالإرجاء، إني لأنصح كل باغ أو من بغى ثم أدرك الحقيقة أن يتدارك العمر بالرجوع عن بغيه، فإن المبغي عليه منصور ولو بعد حين، ومثاب أيما إثابة إذا قابل البغي بالصبر والاحتساب، قال تعالى ( ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ )
المقدمة الخامسة: إليك بعض الضوابط في الفارق والفيصل بين أهل السنة السلفيين، والمرجئة المبتدعين:
الأول / القول بأن الإيمان يزيد وينقص . فمن قال بهذا نقض أصلاً من أصولهم وهو أن الإيمان شيء واحد لا يتجزأ، فمن ثم برئ من الإرجاء كله. سئل الإمام أحمد بن حنبل : عمن قال : الإيمان يزيد وينقص ؟ قال: هذا بريء من الإرجاء . ( السنة للخلال ( 2/ 581) ، والسنة لعبد الله بن الإمام أحمد رقم (600)).
الثاني / القول بأنه يصح الاستثناء في الإيمان، فمن قال بهذا نقض أصلاً من أصولهم وهو أن الإيمان شيء واحد لا يتجزأ . قال عبد الرحمن بن مهدي : إذا ترك الاستثناء فهو أصل الإرجاء ( ذكره الآجري في كتاب الشريعة (2/664))
الثالث / القول بأن الكفر يقع بأعمال الجوارح ، فمن قال بهذا نقض أصلاً من أصولهم وهو إخراج أعمال الجوارح من الإيمان. قال ابن تيمية في الصارم المسلول ( 3/ 965 –966 ): ومنشأ هذه الشبهة التي أوجبت هذا الوهم من المتكلمين أو من حذا حذوهم من الفقهاء أنهم رأوا أن الإيمان هو تصديق الرسول فيما أخبر به ورأوا أن اعتقاد صدقه لا ينافي السب والشتم بالذات ، كما أن اعتقاد إيجاب طاعته لا ينافي معصيته ، فإن الإنسان قد يهين من يعتقد وجوب إكرامه ، كما يترك ما يعتقد وجوب فعله ، ويفعل ما يعتقد وجوب تركه ، ثم رأوا أن الأمة قد كفرت الساب فقالوا إنما كفر لأن سبه دليل على أنه لم يعتقد أنه حرام ، واعتقاد حله تكذيب للرسول ، فكفر بهذا التكذيب لا بتلك الإهانة ، وإنما الإهانة دليل على التكذيب ، فإذا فرض أنه في نفس الأمر ليس بمكذب كان في نفس الأمر مؤمناً ، وإن كان حكم الظاهر إنما يجري عليه بما أظهره ، فهذا مأخذ المرجئة ومعتضديهم ، وهم الذين يقولون : الإيمان هو الاعتقاد والقول وغلاتهم وهم الكرامية الذين يقولون هو مجرد القول وإن عري عن الاعتقاد ، وأما الجهمية الذين يقولون : “هو مجرد المعرفة والتصديق بالقلب فقط وإن لم يتكلم بلسانه ” فلهم مأخذ آخر ، وهو أنه قد يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فإذا كان في قلبه التعظيم والتوقير للرسول لم يقدح إظهار خلاف ذلك بلسانه في الباطن كما لا ينفع المنافق إظهار خلاف ما في قلبه في الباطن ا.هـ .
الرابع / أن الذنوب تضر بالإيمان وتنقصه . قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 7 / 223 ): وقالت المرجئة على اختلاف فرقهم : لا تذهب الكبائر وترك الواجبات الظاهرة شيئاً من الإيمان ، إذ لو ذهب شيء منه ، لم يبق منه شيء فيكون شيئاً واحداً يستوي فيه البر والفاجر ، ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه كقوله :” يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ” ا.هـ
الخامس / القول بأن الإيمان قول وعمل . قال الإمام أحمد : قيل لابن المبارك : ترى الإرجاء ؟ قال: أنا أقول : الإيمان قول وعمل ، وكيف أكون مرجئاً . ( السنة للخلال ( 3/ 566 ) ).
وللاستزادة راجع كتابي : الإمام الألباني وموقفه من الإرجاء.
http://islamancient.com/books,item,399.html
l
ورحم الله التابعي الجليل عبدالله بن المبارك لما قيل ترى الإرجاء ؟ قال: أنا أقول : الإيمان قول وعمل ، وكيف أكون مرجئاً . ( السنة للخلال ( 3/ 566 ) ).
تابع بقية الجواب على الرابط:
https://www.islamancient.com/?p=15265