حديث ‹‹مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ››، هل يدل على جواز قضاء الأذكار؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: لعلَّ السائل يريد ما أخرج مسلمٌ من حديث عمر -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ‹‹مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ››، وهذا الحديث – والله أعلم- لا يدل على قضاء الأذكار؛ أي لا يدل على قضاء أذكار الصباح في المساء إذا نسيها، وكذلك لا يدل على قضاء أذكار المساء في الصباح، وهكذا، وذلك لأمرين:
الأمر الأول: أن قياس الأذكار على هذا الحديث يحتاج إلى معرفة العلة، ومن المعلوم أن العبادات غير معقولة المعنى، هي التي ليس لها علة، لا يصح فيها القياس، فليس هناك علة جامعة بين ما ذكر في الحديث، وبين قضاء أذكار الصباح أو المساء.
الأمر الثاني: أني لم أرَ أحدًا من أهل العلم قال بقضاء أذكار الصباح في المساء والعكس لمن نسيها قبل النووي، فلم أرَ إلا النووي -رحمه الله تعالى-، ولما شرح ابن علَّان كتاب “الأذكار للنووي” لم يذكر أحدًا قبل النووي قال باستحباب قضاء أذكار الصباح والمساء، لذا؛ بما أن النووي -رحمه الله تعالى- هو أول من قال -هذا فيما أعلم- فلا يصح هذا القضاء؛ لأننا مأمورون بإتباع السلف، ولو كان السلف الماضون يرون القضاء؛ لنقل ذلك عنهم، فلما لم ينقل عنهم دلَّ على أنهم لا يرون القضاءَ، والخير كل الخير في إتباع مَنْ سلف.
ثم أشير إلى أمر، وهو أن حديث عمر فيه تقييد القضاء بين الصلاتين؛ أي: بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فلو قُدِّر أن رجلاً نسي أن يقرأ حزبه، أو نام عن حِزْبِه من الليل، ثم استمرَّ في نومه لأيِّ سببٍ كان إلى الظهر، فإنه على مقتضى حديث عمر لا يصح له أن يقضيَ بعد صلاة الظهر.
فإذًا هذا القضاء في حديث عمر مقيد، مما يدل على أنه خاصٌ بما جاء في الحديث؛ وهو: ‹‹مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ››؛ أي: من نام عن حزبه كلِّه أو عن بعض حزبه، والشُّرَّاح ذكروا: أن المراد بحزبه، أي: بما يقرأه من القرآن في صلاة الليل، أو ما يقرأه من القرآن خارجَ الصَّلاة.