حكم التحالفات الانتخابية في التصويت
مع الأحزاب وأهل البدع
للدكتور حمد بن محمد الهاجري
الأستاذ المساعد في كلية الشريعة بجامعة الكويت
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يجوز التحالف بالتصويت في الانتخابات مع الأحزاب المخالفة للإسلام -كالليبراليين واليساريين -، وأهل الأهواء والبدع – كالرافضة -، وذلك للأدلة الآتية:
1- قول الله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
وجه الاستدلال: أن في التحالف مع أولئك المذكورين تعاوناً على الإثم والعدوان؛ لما ينتج عن هذا التحالف غالباً من إقرار أهل الباطل على باطلهم، والتمكين لهم في المناصب الكبرى في الدولة، والتنازل عن بعض أصول الدين وأحكام الشريعة الثابتة.
2- قول الله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون}.
وجه الاستدلال: أن في التحالف معهم ركوناً إلى الظلمة وتقرباً إليهم حيث تنكبوا صراط الحق في الاعتقاد والشرع، وسلكوا غير المسلك القويم.
3- وقوله عز وجل: {ومن يتولّهم منكم فإنه منهم}.
وجه الاستدلال: أن التحالف مع الكفار والمبتدعة يجرّ إلى تولّيهم، وهو محرم، وما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم
4- أنه بتصويته لهؤلاء قد تنازل عن بعض أمور الشريعة ومكّن لأهل الباطل، حيث رضيهم ممثلين للشعب، وأعانهم على الوصول إلى هذا المنصب الذي يمكّنهم من الإفساد وإعانة من شايعهم في مبدئهم وعقيدتهم، وإيذائهم لمن يخالفهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة.
و أما التحالف مع الكفار بغير التصويت في الانتخابات- كالاستعانة بهم في الحرب- فالأصل عدم الجواز، وكذلك مع الأحزاب وأهل الأهواء المخالفة للشريعة والمفرقة للجماعة. وإنما جوزه العلماء في حال الضرورة أو الحاجة الملحة بضوابط معينة، منها أن لا يترتب عليه تنازل عن حق، ولا رضا بباطل، أو تمكين لأهله.
وأما ما يحصل في واقعنا من التحالفات الانتخابية مع الأحزاب المخالفة وأهل البدع والأهواء فإنها لا تدعو إليها ضرورة معتبرة شرعاً، ولا تقتضيها حاجة ملحة، ثم إن فيها تمكيناً لأهل الباطل، ورضا بطريقتهم، وتنازلاً عن الحق.
والاستدلال بحلف الفضول وحلف خزاعة لتجويز التحالف مع هؤلاء غير صحيح؛ لما في المسألتين من الفرق، حيث كان الدافع والمصلحة وراء الحلفين نصرة المظلوم والدفاع عن الحق، وهما أمران حتميان شرعاً؛ بينما تتضمن التحالفات الانتخابية مع أولئك المذكورين التنازل عن الحق والرضا بالباطل والتمكين لأهله، وهي أمور محظورة شرعاً.