يقول السائل: ذكر ابن رجب -رحمه الله تعالى- في أواخر رسالته في تفسير سورة الإخلاص أنَّ النذر لغير الله من الشرك الأصغر، فما توجيه ذلك؟ وهل سُبق إليه؟
الجواب:
المعروف والمتوارد من كلام أهل العلم أنَّ النذر لغير الله شرك أكبر؛ لأنه صرف عبادة لغير الله، ومن المتقرر أنَّ العبادات خاصة بالله، وما كان خاصًّا لله فصرفه لغير الله شرك أكبر، والنذر عبادة كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [البقرة:270].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في [مجموع الفتاوى (33 / 123)]: ” فمن نذر لغير الله فهو مشرك أعظم من شرك الحلف بغير الله وهو كالسجود لغير الله “. وذكر مثل ذلك الإمام ابن القيم في المجلد الأول من (مدارج السالكين)، فإنه لما عدّ أنواع الشرك، ذكر: أن من الشرك الأكبر النذر لغير الله، وقال: وهو أعظم من الحلف بغير الله.
فكلام العلماء كثير في أنَّ صرف النذر لغير الله شرك أكبر؛ لأن النذر عبادة على ما تقدم ذكره، وكلام ابن رجب موجود -كما ذكر السائل- ووجه -والله أعلم- أن النذر لغير الله لا يلزم كما أن الحلف بغير الله لا يلزم الإيفاء به، فمن هاهنا -والله أعلم- شبَّه ابن رجب النذر لغير الله بالحلف بغير الله، ولابن تيمية كلام يدل على هذا، وسياق الكلام يدل على هذا المعنى -والله أعلم-.