رجل اختلعت منه امرأته ووافق على ذلك، ثم وطئها في عدتها، هل يعتبر زان محصن؟


يقول السائل: رجل اختلعت منه امرأته، ووافق على ذلك، ثم وطئها في عدتها عالمًا بعدم جواز ذلك، ألا يعتبر ذلك زنًا، يحد له في البلد الإسلامي؟ ورجل وطأ مطلقته المبتوتة متعمدًا عالمًا بالمنع، هل ينطبق عليه نفس الحكم؟

الجواب:

الخلع من حيث المعنى العام: هو أن امرأة إذا أرادت أن تنفصل عن زوجها، فتُقدم له مالًا مقابل أن تنفصل عنه، فهو فراق الزوجة بعوض، أي: بمال يأخذه الزوج منها، أو يأخذه من غيرها، هذا الخلع.

والخلع على أصح أقوال أهل العلم ليس طلاقًا، بل فسخ، ذهب إلى هذا الإمام الشافعي في قول، والإمام أحمد في رواية، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقد ذكر الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أن أصح ما روي ما جاء عن ابن عباس من أنه فسخ.

ومما يؤكد ذلك أن الله -عز وجل- ذكر الطلاق في سورة البقرة، فقال: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ‌حَتَّى ‌تَنْكِحَ ‌زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230] وهي الطلقة الثالثة، وقبل أن يذكر الطلاق قال: ﴿‌فَإِنْ ‌خِفْتُمْ ‌أَلَّا ‌يُقِيمَا ‌حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229] فلم يجعله طلقة، بل ذكر أولًا الطلاق، فدل هذا على أن الخلع فسخ وليس طلاقًا.

ثم إن اختلعت المرأة من زوجها، فلا يصح له أن يرجعها، فالخلع ليس كالطلاق، فالرجل إذا طلق زوجته الطلقة الأولى أو الثانية فله أن يرجعها ما لم تنتهِ العدة، أما الخلع فلا رجعة فيه، هذا قول أكثر أهل العلم، ذهب إلى هذا مالك، والشافعي، وأحمد، وإنما لو أراد أن ترجع هذه المرأة زوجة له مرة أخرى وهي موافقة، فإنه يعقد عقد نكاح جديد: بشاهدَين، وبولي، وبرضاها، وبصداق …إلخ.

ولو قُدِّر أنه أراد أن يتزوجها رجل آخر، فإن عدتها حيضة واحدة، بمعنى: إذا اختلعت من زوجها فإنها تجلس إلى أن تحيض، ثم تطهر، ثم بعد ذلك يحق أن يتزوجها زوجٌ آخر، ثبت عند أبي داود عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عدة المختلعة حيضة واحدة، وذهب إلى هذا الإمام أحمد في رواية، وأصح ما رُويَ -والله أعلم- أثر ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا.

لكن ما سأل عنه السائل من أن هذه المرأة اختلعت من زوجها، ثم وطئها الزوج بعد الخلع، وبعد تمام الخلع، فإن هذا الوطء محرم، وهو زنا -عافاني الله وإياكم- ويعامل معاملة الزنا، فيقام عليهما الحد الشرعي.

ومثل ذلك: من طلق زوجته البتة بالبينونة الكبرى – ثلاث طلقات- وكانت في العدة، ثم واقعها، فإن فعله هذا زنًا، ويقام عليهما حد الرجم كما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عند البيهقي وابن حزم، وذكر هذا ابن قدامة -رحمه الله تعالى-، هذا ملخص ما سأل عنه السائل.

وينبغي أن نعرف أحكام الطلاق والخلع، فإن كثيرًا من المسلمين يقدم على كثيرٍ من الأفعال، وهو لا يعرف الأحكام الشرعية، فينبغي لمن أراد أن يتزوج أن يعرف أحكام الزواج.

وأيضًا لمن أراد أن يطلق أن يعرف أحكام الطلاق، ومن أراد أن يختلع أن يعرف أحكام الخلع، فالأمر سهل وليس صعبًا بالرجوع إلى أهل العلم الموثوقين وبسؤالهم، والله سبحانه يقول: ﴿فَاسْأَلُوا ‌أَهْلَ ‌الذِّكْرِ ‌إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7].

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما علَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى:
0