رسالة أخيرة إلى شباب التغيير على أرض الحرمين قبل خروجنا للمظاهرات المنتظرة
معلومات خطيرة تخص الشاب والشابة السعوديين الثائرين تنشر لأول مرة
اقرأها بالكامل قبل أن تندم على عدم قراءتها
بسم الله الرحمن الرحيم
من رجل عاش كثيراً من حياته خارج أرضه، وطاف قارات الأرض باحثاً عن الحقيقة والتغيير وناشراً لها.
إلى كل شاب وشابة عاقلين ينشدون الحقيقة والتغيير.
إلى كل شجاع وشجاعة لا يهابون الردى.
ولا يخشون العدى.
إلى كنز الحاضر وأمل المستقبل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
كثير منا يرى حال البلد الذي لا يحتاج إلى برهان، فهل سنقف كالأحجار الجامدة الجوفاء؟!
إلى متى السلبية والسعي وراء الترهات والشهوات التي خدرت الشباب عن دورهم العظيم؟
لماذا لا نعلنها صريحة مدوية: إلى التغيير؟!
إن الشباب من حولنا غيروا العالم، وغيروا الخارطة كما يقال.
فهل سنفعل مثل ما فعلوا؟!
هيا لنحسبها جيداً ثم لنتوكل على الله فهو خير معين ولا خوف ولا وجل فالله معنا.
أولاً: معلوم عند كل مطلع أن بلادنا تتكون من طائفتين سنة وشيعة، ومعلوم لكل عارف بما يدور حولنا: أن الشيعة وإن كانوا يحملون الجنسية السعودية، إلا أن ولاءهم الديني يوجب عليهم التبعية السياسية والطائفية لإيران، ولا يخفى على أحد منا المطامع الإيرانية الفارسية، في البلاد الاسلامية والعربية عموماً وفي هذه البلد المباركة خصوصاً، ولقد حاولوا مرات عدة للنيل من هذا البلد وأهله، كما في مظاهراتهم الغوغائية في مكة أيام الحج التي راح ضحيتها الكثير، وفي محاولتهم التفجير في الحجاج، التي كشفتها أجهزة الأمن السعودية قبل وقوعها، ودعم الحوثيين للاعتداء على بلادنا، وغيرها.
وتتركز الطائفة الشيعية في المنطقة الشرقية والغربية والجنوبية، من بلاد الحرمين، ولنتصور اختلال الأمن في هذه البلاد بسبب المظاهرات كما حدث في مصر وتونس وليبيا، هل يظن عاقل أن إيران الشيعية التي نفخت في تلك الفتن كلها وأضرمتها مع قوة الدولة السعودية وثباتها، ستقف مكتوفة الأيدي عند ضعفها وزعزعها –لا قدر الله-؟!.
تنبهوا يا أهل (الشرقية والغربية والجنوبية) ماذا يخطط لكم عن طريق أناس مغرر بهم أو مدفوع لهم.
من منا يحب أو يرضى أن تكون بلاد الحرمين كبلاد الرافدين؟!
فبعد أن كانت القوة لأهل السنة، صارت للشيعة، حتى أهانوا أهل السنة وفعلوا بهم الأفاعيل في دمائهم وأموالهم وأعراضهم!!
ومن لا يدري عن جرائمهم فيكفي أن يبحث في اليوتيوب عن (جرائم الشيعة في العراق) وسيقشعر بدنه لما سيراه.
وهذا لا يعني أن أبناء السنة سليمين من الظلم والحيف، كلا بل منهم من سيقابل الظلم بالظلم، والقتل بالقتل، والدم بالدم، والإفساد بالإفساد، ثم تغرق البلاد -لا قدر الله- في فتنة عمياء، وحرب هوجاء بين السنة والشيعة.
ثانياً: بلادنا تضم طائفة عظيمة من قبائلنا العربية، ومعلوم أن قبائلنا هذه تتميز بالشدة والأنفة والشجاعة والكرم والنخوة والمروءة، ويغلب على بعضنا الحمية والعصبية القبلية، ولنا في (مزاين الأبل) أكبر شاهد على مدى تجذر العصبية القبلية عند الطبقة العليا والمتعلمة منا فضلاً عمن دونهم، حتى إن كثيراً منا يصرح بذلك ويفاخر به، بل نتذكر الأيام الخوالي قبل استتباب الأمن في الجزيرة العربية، ليفخر بعضنا على بعض بانتصاراته، أويعير بعضنا بعضاً على خساراته، ولنا موروث شعبي وهو (شعر الرد) يذكي العصبية القبلية ويزيدها إضطراماً.
لذلك صار من المألوف أن تجد منا من يقف مع الظالم على المظلوم لأن الظالم من قبيلته والمظلوم من خارجها، حتى بين طلابنا في المدارس، بل حتى في المرحلة الابتدائية.
ثم زد فوق ذلك كله: أن كثيراً من أبنائنا في هذه القبائل بسبب طبيعة العيش في البادية والبرية، محتاج إلى اقتناء السلاح واستخدامه، والمهارة في ذلك، فلو تصورنا أن الأمن في بلاد الحرمين قد اختل بسبب المظاهرات كما في البلاد الأخرى، ما الذي نظن أنه سيحدث؟!
إذا كان بعض شبابنا الطائش لا يتورع أحياناً عن قتل ابن عمه القريب لسبب تافه مع وجود الأمن وسيادة النظام، فماذا سيفعلون بابن القبيلة الأخرى عند ذهاب الأمن وزوال النظام، ولنا في حادثة الطائف المفزعة التي راح ضحيتها الكثير على يد رجل واحد أعظم عبرة وآية على تلك العصبية القبلية الممقوتة.
فهل منا من يحب أن يعود الرعب والقتل والنهب بيننا كما كان ذلك هو السائد قبل الدولة السعودية، حتى إن المار للحج لا يمكنه الوصول إلا بدفع المكوس لكل قبيلة يمر بها ليكون في جوارها وليسلم من سفهائها وغيرهم، ثم يجوز إلى القبيلة التي تليها لتأخذ منه كما أخذت الأولى؟!
ثالثاً: بلادنا بسبب ما منّ الله به عليها من خيرات صارت مأوى لكثير من الجاليات والأقليات والعمالة، وكثير من هؤلاء من جنس بني آدم الذين يقع في قلوبهم الحسد لمن هو فوقهم في المال والجاه، ومنهم من يكون قد وقع عليه ظلم من بعض الناس أو حتى المسؤولين بقصد أو بغير قصد، فصار يتمنى الساعة التي يشفي بها غليله ممن حسده، أو ممن سبق أن ظلمه.
فمثلاً في مكة وجدة: جاليتان كبيرتان جداً، ومعروفتان بالفقر والجهل، -وهذا من أخطائنا ولا شك في معالجة مشكلتهم- لكن ما الذي ينتظره أهل مكة وجدة من هؤلاء لو اختل الأمن ساعة؟!
وفي الرياض جاليات أكثر وأكثر، ولو شئت لسميتها، لكن لا حاجة لذلك.
وليس معنى كلامي هذا أن هذه الجاليات كلها بهذا الوصف، كلا والله!
بل منهم من هو خير من عشرات السعوديين علماً وعملاً وتقوى وعبادة، فإن التفضيل عند الله بالتقوى، لكن الكلام عن السفهاء الذي ينتظرون أوقات الفتن ليستفيدوا منها بقدر الإمكان.
رابعاً: خوارج العصر (القاعدة) أتباع ابن لادن الذين أبغضهم أكثر الناس، حتى تبرأ منهم من كان يدافع عنهم في يوم من الأيام ولم نعد نسمع إلا الذم لهم والتحذير منهم، هذه الشرذمة ينشطون في بعض البلاد الإسلامية والعربية دون بعض، فما القاسم المشترك للبلاد التي ينتشر فيه اتباع ابن لادن والقاعدة؟!
إنه شيء واحد: ضعف الأمن أو ذهابه، ولنا في العراق وأفغانستان واليمن والصومال، أظهر مثال، فكلما ضعف الأمن ظهروا، والعكس بالعكس، فمن منا يا شباب البلاد يحب ظهور الخوارج وأتباع ابن لادن فيها، وحتى تعلم المخازي التي يرتكبونها باسم الإسلام -وهو بريء منها ومنهم- في تلك الديار فابحث في اليوتيوب عن (جرائم القاعدة) وسترى بأم عينك ما يشيب لهوله الولدان.
خامساً: إن الكفار اليهود والغربيين وعلى رأسهم أمريكا، إنما يقتاتون ويتقوون على ضعف العرب والمسلمين، فكلما ضعف العرب والمسلمون ازدادت قوة اليهود واستغلال الغرب والأمريكان لعرب والمسلمين، وكلما قوي العرب والمسلمون لم تستطع أمريكا ولا الغرب أن يصلوا إلى ما كانوا يصلون إليه حين ضعف المسلمين، واشتد فزع اليهود.
فأكبر المستفيدين من ضعف وتفكك العرب والمسلمين هم الغرب وأمريكا، كما أن أمن إسرائيل يقتضي أن تكون الدول المحيطة والمجاورة لإسرائيل دولاً ضعيفة متفككة أو مضطربة، لذلك تجدهم يشجعون الثورات، ويرون أن إيقافها بالقوة في البلاد العربية والإسلامية ضد الحكام مناف لحقوق الإنسان، مع أن الغرب وأمريكا يقمعون الثورات بالقوة في خارج بلادهم، كما يفعلون في العراق وأفغانستان، وكما يباركون ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين مما يبكي العدو قبل الصديق.
بل حتى في الداخل: لما قامت ثورة السود بسب الحكم الجائر الذي كان في مصلحة أحد البيض وكان فيه ظلم واضح على أحد السود، خرج السود ثائرين لم يتوقفوا عن ثورتهم إلا بالقوة ونزول الجيش الأمريكي في تلك المدينة.
ولا شك أن بلادنا من أكبر البلاد الإسلامية، وأعظمها تأثيراً في المنطقة، وهذا مما لا يحبه ولا يرضاه الغرب ولا أمريكا، لذلك سيكونون أول المدافعين عن الثورات في بلادنا، حتى إذا ضعفت دولتنا أو تزعزعت وجدوا الذريعة للتدخل المباشر في هذه البلاد بحجة حماية مصالحهم ورعاياهم، أومحاربة القاعدة، وغير ذلك من الحجج التي لن تجد أمريكا والغرب صعوبة في تلفيقها كما فعلت في العراق بلا حياء ولا خجل.
ثم سيقومون -بعد هذه المسرحية التي يؤدي أدوارها بعض الأغبياء والحمقى- بتسليمها لوكيلهم الشيعي أو العلماني كما فعلوا في أفغانستان والعراق وباكستان ولبنان وسوريا، ولكي يتحقق لأمريكا وإيران الحلم بإسقاط هذه الدولة التي هي عدوهم المشترك ومعقل الإسلام والسنة. ويخسر الثائرون دينهم ودنياهم.
قال بعض المفكرين عن الثورات الحديثة: يقول اللبراليون فعلها : دعاة الحرية والليبرالية والديمقراطية والتعددية ..
والإسلاميون يقولون : فعلها من يخرج على الطاغوت الذي حرق الحجاب وأهان الشريعة وحكم بغير ما أنزل الله ..
واليساريون يقولون : فعلها الجائعون من طلبة الرغيف والعيش …
وفي النهاية سوف تثبت الأيام أن الذي فعلها ، هي قوى خفية تريد أن تمرر أجنداتها الخفية في العالم الإسلامي ) إ . هـ .
ومن جميل جميل ما قرأت ما قاله ذلك الإنسان الذي رضع من لبان الاشتراكية والرأسمالية في مقالته المعنونة تحت اسم : ” من الثورة إلى الانقلاب ومن الانقلاب إلى الثورة ” … بتاريخ 23 / 1 / 2011 م
( من الملاحظ أنه في معظم الثورات التي عرفها تاريخ البشرية ، تتجه الأمور إلى الفوضى والفراغ السياسي ، أو لنقل عدم الاستقرار السياسي أول الأمر ، ثم لا تلبث الأمور أن تتجه نحو الانقلاب ، سواء كان عسكرياً أو غير ذلك ، وهو انقلاب يعد بتحقيق الجنة على الأرض ، ويرفع شعار الظرف الطارئ ، وأنه مجرد إجراء مؤقت لا تلبث الأمور أن تتجه بعده نحو إعادة السلطة إلى الشعب صانع الثورة ، بعد فترة تعديل مسار الأمور ، ولكن الانقلابيين في النهاية يستمرئون السلطة ، فإدمان السلطة ولذتها تفوق أي إدمان وكل لذة أخرى ، ويبقون في السلطة حتى يزالون بانقلاب آخر أو ثورة شعبية جديدة .
فالثورة الشعبية الفرنسية عام 1789 ، انتهت في مرحلتها الثالثة ” 1794 ـ 1799 ” إلى قيام الضابط نابليون بونابرت بانقلاب عسكري قضى على الجمهورية ، وأعاد النظام الإمبراطوري والدكتاتورية إلى فرنسا ، فكان وكأنما الثورة لم تقم ، رغم أن نابليون نشر أفكار الثورة الفرنسية في مختلف أصقاع أوروبا، وكان جزءاً من ” مكر التاريخ ” الذي تحدث عنه فيلسوف الألمان الأشهر فريدريك هيغل.
وفي فيراير من عام 1917 ، قامت في روسيا ثورة شعبية ضد القيصرية ، ظاهراً احتجاجاً على الحرب المشاركة فيها روسيا والتي أكلت أبناء الطبقات الدنيا، فكان فرار الجنود من الجبهة إلى المدن، وخروج الناس إلى الشوارع، ليسقط القيصر في النهاية، ومن ثم يُعدم هو وأسرته على يد البلاشفة ” الحزب الشيوعي الروسي لاحقاً ” في النهاية. لقد كانت الثورة احتجاجاً على الحرب ظاهراً، ولكنها في التحليل الأخير كانت ثورة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الروسية، التي كان فيها الفلاحون مجرد أقنان ” عبيد الأرض ” ، وكان الفساد ينخر القصر والمستفيدين منه، وما كان التذمر من الحرب إلا الشرارة التي فجرت الأوضاع. المهم، في أكتوبر من نفس العام، أو في نوفمبر حسب التقويم الروسي، استغل البلاشفة بقيادة لينين الأوضاع المتردية في روسيا بعد ثورة فبراير الشعبية، سواء الأوضاع الاقتصادية أو ضعف الحكومة المؤقتة بقيادة كيرنسكي في ضبط الأمور، فقاموا بالانقلاب على حكومة كيرنسكي المؤقتة، ومن يومها تحولت روسيا إلى الديكتاتورية حتى سقطت في النهاية في تسعينات القرن الماضي وعن طريق ثورة شعبية جديدة، كانت برستوريكا غورباتشوف وثورات أوروبا الشرقية هي شرارتها .
وفي عام 1979 ، قامت في إيران ثورة شعبية ضد دكتاتورية الشاه وانتهاكات حقوق الإنسان وفساد القصر الملكي والحاشية، وكان شعارها القضاء على الدكتاتورية والفساد وإعادة كرامة الإنسان، وانتهى الأمر بإيران إلى ديكتاتورية دينية هي أقسى من ديكتاتورية الشاه الدنيوية، ولكن ها هو الشعب الإيراني يستعد لجولة أخرى من الثورة تعيد الأمور إلى نصابها، وذلك كما حدث في فرنسا وروسيا، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
وفي يوليو من عام 1952 ، قام الجيش المصري بانقلاب عسكري على الملكية في مصر ، احتجاجاً على فساد القصر، والتبعية للاستعمار، والهزيمة المذلة في فلسطين نتيجة الأسلحة الفاسدة، كما كان مطروحاً، وكان الضباط الأحرار يقولون إن الانقلاب ليس إلا إجراءا مؤقتا لا تلبث أن ترجع بعده السلطة إلى الشعب بعد فترة وجيزة، ولكن العسكر عضوا على السلطة بالنواجذ ولم يتركوها .
وهو ذات ما حدث في العراق ولكن بسيناريو مختلف ، بحيث إن الدكتاتورية في العراق لم تنته إلا بتدخل خارجي، ولكن النتيجة كانت أسوأ من الدكتاتورية ذاتها، حيث برزت الطائفية وكل تناقضات المجتمع العراقي التي كان يحجبها عنف الدكتاتورية، فلما زال الرماد اشتعلت نيران لم يخلقها الغازي ولكنه كشف الغطاء عنها ليس إلا.
وفي الجزائر قامت ثورة ضد الاستعمار كلفت الجزائر مليون شهيد ، حسب ما قيل لنا، وانتصرت الثورة التي وعدت الجماهير بالحرية والازدهار والانعتاق من الرق، فإذا الثورة في النهاية تنقلب على نفسها، وتتحول إلى دكتاتورية تلو أخرى، وانقلاب تلو آخر، والشعب، الذي ضحى بكل غال ونفيس من أجل الثورة، هو الضحية في النهاية ) ا . هـ .
سادساً: هل بلادنا كالبلاد التي قامت فيها الثورات وسقطت فيها الحكومات؟؟
إن الذين يسعون للمظاهرات والثورات في بلاد الحرمين حاولوا -ولا زالوا- أن يصوروا ذلك للناس، فهل صدقوا فيما قالوا؟ لننظر في الواقع ثم لنحكم بأنفسنا:
1-يصرح ملوكنا وأمراؤنا أن الحكم في هذه البلاد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الدين في مشارق الأرض ومغاربها.
وحكام بلاد الثورات يصرحون أن الحكم للديمقراطية والدستور، ومعنى الديمقراطية: أن الشعب يختار الحكم بما شاء، ومعنى الدستور: القانون البشري الذي اختاره الشعب.
2-في بلادنا تظهر شعائر الدين فتغلق الأسواق للصلاة، والحجاب والستر هو الغالب على النساء، والناس يتعلمون الدين الذي كان عليه السلف الصالح من المرحلة الابتدائية إلا أن يتخرج الطالب من الجامعة.
وفي بلاد الثورات تطمس معالم الدين فيحارب المصلون، ويمنع الحجاب، ولا يتعلم المسلمون من دينهم إلا البدع والخرافات.
3-في بلادنا يدعو الداعية إلى الله بلا خوف ولا وجل، ويأمر الآمر بالمعروف وينهى عن المنكر، باسم الدولة في وزارة الشؤون الإسلامية ورئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويتقاضون على ذلك أجراً.
وفي بلاد الثورات يطارد الدعاة والمحتسبون ويزج بهم في السجون، وينفون من البلاد، ويقتلون في المحاكم العسكرية وغيرها.
4-في بلادنا يحترم علماء الشريعة ويُعرف لهم قدرهم، فترى الولاة يجعلون العلماء عن يمينهم وشمالهم إذا حضروا، ويخصونهم بالزيارة في المناسبات دون غيرهم.
وفي بلاد الثورات يهاجر العلماء من بلادهم، أو يَلزمون بيوتهم على خوف من حاكمهم أن يفتنهم.
5-في بلادنا يأتينا الناس من كل حدب وصوب ليعملوا في بيوتنا خدماً، وليأكلوا من خيرات بلادنا التي أفاضها الله علينا.
وأما في بلاد الثورات فقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت حتى هاجروا من بلادهم ليجدوا لقمة عيشهم.
(هل يستويان مثلاً؟!) لا وجه للمقارنة لا في أمر الدين ولا في أمر الدنيا، فضلاً عن أن يكونا متساويين فالله حسيب كل مخادع وماكر يريد أن يصور للمغفلين والحمقى أن بلادنا كالبلاد التي قامت فيها الثورات والانقلابات، حتى يجعلوهم لسذاجتهم وحماقتهم حطباً يوقدون بهم الثورة، فهم ما بين مقتول أو جريح أو فقير وعلى أحسن تقدير (خرج من المولد بلا حمص) كما يقال في المثل المصري أو الشامي، وأما المحرضون على الفتنة فإن الفتنة تقوم وتنتهي، ولم تمس لهم ولأهلهم شعرة.
ثم يتبرأون من الفتنة وممن وقع فيها كما فعل كثير منهم مع الإرهابين، كانوا يحرضونهم فلما أوقعوهم وورطوهم، ولم ينجحوا في تلك الفتنة، تبرأوا منهم والعياذ بالله.
ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنني أنفي وجود النقص أو الخطأ أو الظلم عندنا، كلا.
بل هذا موجود حتى في الأزمان الفاضلة، لكن مقصودي: أن وجود النقص أو الخطأ أو الظلم لا يجوز أن يستخدم لنفي الخير والصلاح الكثير الذي عندنا، والسعي في ذهابه من حيث لا نشعر.
بل الواجب أن ينظر الإنسان بعين العدل والإنصاف الذي أمرنا الله به.
ولا بد أن نعلم أيضاً أن حكام المسلمين منهم وليسوا من غيرهم، وما سلط الله الحكام الظالمين على المسلمين إلا بظلم الرعية لأنفسهم ولعباد الله، ولا طريق لإصلاح الحكام إلا بإصلاح الرعية لأنفسهم، قال الحسن البصري رحمه الله: اعلم – عافاك الله – أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى، ونقم الله لا تلاقى بالسيوف، وإنما تتقى وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب، إن نقم الله متى لقيت بالسيف كانت هي أقطع ا.هـ (آداب الحسن البصري لابن الجوزي )
وأخرج الآجري في الشريعة: عن عمر بن يزيد قال: سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب قال: وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم، ويغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال: والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قِبَل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه، ووالله ما جاءوا بيوم خير قط، ثم تلا: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) ا.هـ
وقال الطرطوشي -رحمه الله في سراج الملوك-: (لم أزل أسمع الناس يقولون: (أعمالكم عمالكم، كما تكونوا يولى عليكم) إلى أن ظفرت به في قوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ).
وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: (فتنة كل زمان بحسب رجاله وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وفتن ما بعد ذلك الزمان بحسب أهله وقد روى أنه قال: كما تكونوا يولى عليكم وفي أثر اخر يقول الله تعالى أنا الله عز و جل ملك الملوك قلوب الملوك ونواصبهم بيدي من أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم… والذنوب ترفع عقوبتها بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفرة).
وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: (وتأمل حكمته تعالى في تسليط العدو على العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه كيف يسلط عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سواء وهذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنيا الى ان تطوى الارض ويعيدها كما بدأها وتأمل حكمته تعالى في ان جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس اعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم فإن استقاموا استقامت ملوكهم وإن عدلوا عدلت عليهم وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبـخلوا بها عليهم وإن اخذوا ممن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم اخذت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة فعمالهم ظهرت في صور اعمالهم وليس في الحكمة الالهية ان يولى على الاشرار الفجار الا من يكون من جنسهم ولما كان الصدر الاول خيار القرون وابرها كانت ولاتهم كذلك فلما شابوا شابت لهم الولاة فحكمه الله تأبى ان يولي علينا في مثل هذه الازمان مثل معاوية وعمر بن عبدالعزيز فضلا عن مثل ابي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم وكل من الامرين موجب الحكمة ومقتضاها ومن له فطنه إذا سافر بفكره في هذا الباب رأى الحكمة الالهية سائرة في القضاء والقدر ظاهرة وباطنة فيه كما في الخلق والامر سواء).
وأخيراً: ما دورنا نحن الشباب في هذه الفتنة؟!
إن هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها بلادنا تحتم على كل شاب عاقل أن لا يقف مكتوف الأيدي ليتفرج على ما سيحدث وما ستنتهي إليه الأمور، كلا بل نحن في سفينة واحدة، مصيرنا واحد، فإما أن ننجو جميعاً إن قمنا بما أوجب الله علينا، وإما أن نغرق جميعاً إن فرطنا وأهملنا.
وإن مما يجب علينا في هذه الأيام ما يلي:
1-الرجوع والتوبة إلى الله جميعاً حكاماً ومحكومين، لأن أعظم ما يدفع الفتن أويرفعها الرجوع إلى الله تعالى، فبالطاعة والتوبة تعم النعم، كما قال تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) وبالمعصية تحل النقم، قال تعالى: (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ).
2-نشر كلام أهل العلم الراسخين في العلم عن المظاهرات والانقلابات والخروج على ولي أمر المسلمين، والتحزير من دعاة السوء الذين يروجون للثورة.
3-بيان ما وصلت له الثورات التي قامت من الفساد والإفساد وأنها لم تجلب لأهلها خيراً، بل نسوا أهم شيء، وهو الحكم بالشريعة، ولم تدفع عنهم ثورتهم ما يعد من أكبر الظلم وهو الحكم بالقوانين والديمقراطية المكذوبة، والواقع أكبر شاهد أن هذه الثورات كالثورات التي سبقتها، فمثلاً ثار المصريون على الملك فاروق، فأسقطوا الملكية، فجاءهم من هو أشد وأنكى الحكم الجمهوري الذي أسقط الحكم بالشريعة، ليحكم الدستور كما يزعمون.
4-الحذر كل الحذر من المشاركة في هذه الفتن، بل يجب الرد على كل من يدعو للفتنة وخصوصاً في الإنترنت عبر مواقع التواصل كالفيس بوك وتويتر واليوتيوب وغيرها من المواقع، وهذا لمن كان عنده علم وقدرة، وأما من لم يكن عنده علم فيكتفي بنقل كلام أهل العلم وإشاعته في المواقع والمنتديات ولا يدخل معهم في نقش حتى لا يفسدوا عليه دينه.
5-التعاون مع الجهات المسؤولة للتصدي لكل من يريد العبث ببلادنا وأمننا ويسعى لنشر الخوف والفرقة بيننا.
6-الدعاء وخصوصاً في أوقات الإجابة فإن الله يقول: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم).
أخيراً يا شباب البلاد لنعلنها صريحة مدوية: لا للتغيير الشيعي الأمريكي؟!
وإلى التغيير الرباني الذي يحبه الله ويرضاه.
أسأل الله أن يوفقنا حكاماً ومحكومين إلى ما يحب ويرضى، وأن يحفظنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يرفع ويدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(لا تقف عنك بل أرسلها لغيرك لتشارك في حماية خير البلاد على وجه الأرض بلاد الحرمين)
ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
أخوكم: حمد بن عبدالعزيز العتيق
مدير مكتب الدعوة بالعزيزية بالرياض
http://www.islamancient.com
1 / 4 / 1432 هـ