(رسالة إلى كل من يحب رسول الله ﷺ)
هل سألنا أنفسنا ما العلامة الحقيقية لمحبتنا لرسول الله ﷺ؟
إن العلامة الحقيقية هي اتباعه صلى عليه وسلم في كل شيء في فعله وتركه.
فالمحب حقا لرسول الله هو المطيع لرسول الله صلى عليه وسلم في قوله وفعله وفي لباسه وهديه.
وأما من خالف رسول الله فإن محبته لرسول الله ﷺ تنقص بحسب مخالفته.
كما قال الشاعر:
تعصي الحبيب وأنت تزعم حبه … هذا محال في القياس بديع
لوكنت حقا صادقا لأطعته … إن المحب لمن يحب مطيع
ولقد كان أشد الناس محبة لرسول الله وهم أصحابه كانوا يتابعون رسول الله صلى عليه وسلم في كل شيء في فعله وتركه ومنهم عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فقد روى البيهقي عن ابن عمر (أنه سمع رجلا عطس بجانبه فقال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
فقال ابن عمر وأنا أقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ولكن ما هكذا علمنا رسول الله،
علمنا رسول الله إذا عطس أحدنا أن يقول الحمد لله).
قال عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه :
(قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كُفوا، ولهم كانوا على كشفها أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، وإنهم لهم السابقون، فلئن كان الهدى ما أنتم عليه، لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم : حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، ولقد وصفوا منه ما يكفي، وتكلموا منه بما يشفي، فما فوقهم محسر ، وما دونهم مقصر، لقد قصر دونهم ناس فجفوا، وطمح آخرون عنهم فغلوا، وإنهم من ذلك لعلى هدى مستقيم).
قال الإمام أبو عمر الوزاعي رضي الله عنه : ( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول ) .
وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعه ودعا الناس إليها : هل علمها رسول الله ﷺ وأبوبكر وعمر وعثمان وعلي ، أو لم يعلموها ؟
قال : لم يعلموها . قال : فشيء لم يعلمه هؤلاء علمته أنت ؟ قال الرجل : فإني أقول : قد علموها . قال : أفوسعهم أن لا يتكلموا به ، ولا يدعوا الناس إليه ، أم لم يسعهم قال : بل وسعهم ، قال : فشيء وسع رسول الله صلي الله عليه وسلم وخلفاءه ، لا يسعك أنت ؟ فأنقطع الرجل ، فقال الخليفة وكان حاضراً لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم.
وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ، والأئمة من بعدهم ، فلا وسع الله عليه.
فيامن يحب رسول الله ﷺ إسأل نفسك: لو رأيت أحدا أوسمعته يفعل مثل ابن عمر فماذا ستقول؟
هل ستقول إنه لايحب رسول الله لأنه ينهى عن الصلاة عليه!
أم ستقول إنه يحب رسول الله لأنه تابع رسول الله حتى في تركه!
إن كان الأول فراجع نفسك، وإن كان الثاني فاحمد ربك.
يامن يحب رسول الله قبل أن تفعل شيئا من الدين كالإحتفال بالمولد فاسأل عن هدي حبيبك سيد المرسلين: هل فعله أم لا؟
فإذا لم يفعله فاسأل هل فعله أشد الناس محبة لرسول الله وهم الصحابه؟
فإذا لم يفعلوا فاسأل: هل فعله التابعون أو الأئمة الأربعة؟
فإذا لم يفعلوه جميعا، فهل تظن أنهم قصروا في الدين، أم أنهم تركوه عن علم ويقين؟.
والله ما تركوه إلا عن علم ويقين ومحبة لله ورسوله الأمين.
وأخيرا يامن يحب رسول الله صلى عليه وسلم قبل أن تحتفل بالمولد وتهتم به تأمل كيف أن الشيطان يسول لنا ويزين لنا أن نفعل ما لم يفعله النبي ﷺ ولم يأمرنا به، ثم يسهل لنا الوقوع في مخالفته ومعصيته فترى منا من يحلقون لحاهم ويطيلون شواربهم وتتبرج نساؤهم ويختلطن بالرجال ويسمعون آلات اللهو ويتابعون الأفلام والمسلسلات الساقطة ويدخلون القنوات الفاسدة، ثم نزعم أننا نحب النبي الحبيب ﷺ، فهل رأيت كيف خدعنا الشيطان فجعلنا نفعل ما لم نؤمر ونترك ما أمرنا به.
حتى إن بعض من ابتلي بهذه الاحتفالات تجاوز الحد المعقول إلى القول: بأن النبي يحضر معهم في احتفالهم، ويرددون:
هذا النبي مع الأحبـاب قد حـضـر … وسامح الكل في ما قد مضى وجرى
فانظر كيف فعل الشيطان بكثير من المسلمين، حتى أوقعهم في هذا المعتقد الذي لم يدل عليه شرع أو عقل.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واهدنا إلى ماتحب وترضى واجمعنا برسولك وأوردنا حوضه وارزقنا شفاعته واتباعه.
كتبه/ حمد بن عبد العزيز العتيق
مدير الدعوة بالعزيزية بالرياض