زاد المحتاج
في دفع شبه حجاج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي جعل في كل زمان
طائفة منصورة ، منصورة بالعلم والحجة والبيان وإظهار الحق وكشف الزيغ والضلال
الحمد لله الذي فضل هذه الأمة على كل الأمم وجعلها خير أمة أخرجت للناس
بقدر التزامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان به سبحانه
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
التصدي لشبهات المنحرفين والمنظرين
الذي أضعفوا الأمة وفرقوا شبابها وخربوهم
وهيجوهم على علمائهم وأمرائهم ،
وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد
القائل :
(السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه البخاري.
وبعد :
فهذا رد مختصر على الأخ حجاج بن فهد العجمي ، رددت فيه على بعض الشبهات التي بثها في ( موقع التويتر ) ، وأحجبت عن ذكر كثير منها
طلبا للاختصار وتبينا – فقط – للحال ، فكل سلفي محب للعلماء متبع للدليل ما إن يقرأ هذه التقريرات وهذه المجازافات التي يكتبها حجاج إلا ويعلم أنه ترك جادة العلماء ، واستبدل غرسهم المبارك المأخوذ من مشكاة النبوة ب شبهات المنظرين المنحرفين الذين زاد شرهم – خصوصا – في مثل هذه الأيام : أيام الفتن .
ووالله ما كتبتها إلا نصيحة له أولا ، ثم لمن قد يغتر به
لأننا – وللأسف – في زمن قد صعد فيه ( طلبة العلم ، والوعاظ ) مصعد العلماء!!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله .
يقول حجاج : ” الشريعة أوجبت السمع والطاعة للإمام الأعظم الوحيد ، بقيد وهو
( يقودكم بكتاب الله ) ” .
ويقول : ” أحاديث الصبر على الجور والظلم إنما هي باتفاق في حق الإمام الأعظم الخليفة لا في حق دول سايكس بيكو المتفرقة التي رسَّمها العدو ” .
ويقول : ” السنة قيدت طاعة السلطان بثلاثة قيود : 1- ما لم ترو كفرا بواحا
2- يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا 3- ما أقام فيكم الصلاة ” .
ويقول حجاج : ” سؤال ( 1 ) هل منهج أهل السنة والجماعة يرى تعدد الأئمة وتعدد البيعات ؟
سؤال ( 2 ) إذا قلنا بتعدد الأئمة والبيعات فهل تجوز مبايعة من لم يحكم بالشريعة ويعطي لنفسه حق التشريع ؟ ”
وهذه الشبهات التي بثها الأخ حجاج العجمي فيها أغلوطات لا تخفى على كل طالب علم ؛ ولكن وللأسف الشديد أنه – وأمثاله – يجازفون بنقل الإتفاق ليرهبوا الناس ويكثِّروا أتباعهم . والله المستعان .
قوله : ” السمع والطاعة للإمام الأعظم الوحيد ” .
أقول : من خلال كلامه هذا وتنظيره الـمـحْدث ، اعلم – أخي القارئ – أنه لا يوجد إمام له سمع ولا طاعة في وقتنا هذا !!! إذ من هو الإمام الأعظم في نظره الآن ؟!
وهذا الذي يقرره حجاج شر كبير وخطر عظيم ، وهو بهذا يحتذي حذو الشيخ والدكتور المادح له في ( موقع التويتر ) د . حاكم العبيسان ، إذ يقول في كتابه ( الحرية أو الطوفان ص 126 ) : ” وما نعيشه اليوم هو زمن فتنة لا إمام فيه ولا بيعة ” .
والرد على هذه الشبهات من خمسة أوجه :
أولا : أن الأحاديث النبوية التي وردت في السمع والطاعة لمن ولَّاه الله أمرنا جاءت عامة ، وهي كثيرة جدا جدا ، بل قد بلغت التواتر المعنوي كما قال ذلك أهل العلم . منها :
1- عن عُبَادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال :” دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعنا فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة ، في مكرهنا ومنشطنا، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمرَ أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا ، عندكم فيه من الله بُرْهان ” متفق عليه .
2- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال:
“من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني ” . متفق عليه .
3- عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ” على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ” . متفق عليه .
4- عن وائل بن حجر – رضي الله عنه – قال: قلنا يا رسول الله : أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم ؟ فقال : ” اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم . رواه مسلم .
5- عن أم حصين قالت : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” إن أُمِّرَ عليكم عبدٌ مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا”.رواه مسلم .
6- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية ” رواه البخاري .
ثانيا : يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : “فطاعة الله والرسول واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم ، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال، فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق “. الفتاوى ( 35/16 ) .
وقال أيضا : ” يجب أن يُـعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها ” . الفتاوى (28 / 390 ) .
فلابد من وجود راع ووال يتولى أمور الناس ويفصل بينهم ، ويرجعون إليه .
وعامة أهل العلم على اختلاف بلدانهم ومذاهبهم وعصورهم ذكروا – ولا زالوا – يأمرون الناس بالسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرهم ، وأن لا يخرجوا ولا ينزعوا يد الطاعة بسبب فسق أوظلم أو جوْر ، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة ، فهم يستدلون ثم يعتقدون ، خلافا لأهل البدع الذين ينظِّرون ويقعدون ثم يستدلون !!!
يقول الحافظ بن رجب رحمه الله: ” وأما السمع والطاعة لوُلاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنظيم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم”. جامع العلوم والحكم ( 2/117 ) .
فالذي يوليه الله أمرنا ولم نر منه الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان ( لا شبهة ولا ظن ولا شك ) يجب علينا السمع له والطاعة في المعروف .
وسأسرد لك أخي القارئ جملة من أقوال السلف – عليهم رحمة الله – ولو أردت الزيادة لاستطعت إلى ذلك سبيلا والحمد لله – فهي كثيرة جدا – ؛ لكن حسبي الإشارة والبيان :
قال الإمام أحمد – رحمه الله – : ” والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين ” ( رسالة أصول السنة للإمام أحمد ، ضمن شرح متون العقيدة للشيخ الشثري ص70 ) .
وقال الأشعري – رحمه الله – : ” وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين ، وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضىً أو غلبة ، وامتدت طاعته من برّ وفاجر ” . ( رسالة إلى أهل الثغر ص 297 ) .
وقال الصابوني – رحمه الله – : ” ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم برَّا كان أو فاجرا ، ويرون جهاد الكفرة معهم ، وإن كانوا جورة فجرة ويرون الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق والصلاح ، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ” . ( عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص 129 ) .
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ – رحمه الله – : ” ولم يدر هؤلاء المفتونون ، أن أكثر ولاة أهل الإسلام ، من عهد يزيد بن معاوية – حاشا عمر بن
عبد العزيز، ومن شاء الله من بني أمية – قد وقع منهم ما وقع من الجراءة ، والحوادث العظام ، والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام ؛ ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام ، والسادة العظام معهم ، معروفة مشهورة ، لا ينزعون يداً من طاعة ، فيما أمر الله به ورسوله ، من شرائع الإسلام وواجبات الدين ” . الدرر السنية (8 / 378) .
ويقول الشيخ العلامة محمد العثيمين – رحمه الله – : ” وأما قول بعض الناس السفهاء : إنه لا تجب علينا طاعة وُلاة الأمور إلا إذا استقاموا استقامة تامة ، فهذا خطأ ، وهذا غلط ، وهذا ليس من الشرع في شيء ، بل هذا من مذهب الخوارج ، الذين يريدون من وُلاة الأمور أن يستقيموا على أمر الله في كل شيء ، وهذا لم يحصل منذ زمن فقد تغيرت الأمور ” .
( شرح رياض الصاحين 2 / 425 ) .
ثالثا : السمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين واجب علينا ما لم يأمروا بمعصية أو منكر ، وأما حصر السمع والطاعة للإمام الأعظم الوحيد ! فهذا فهم غريب ، وعامة أهل العلم على خلافه ، بل وحكى الإمام الشوكاني والإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – الإجماع على خلاف هذا الفهم الغريب .
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – : ” الأئمة مجمعون من كل مذهب، على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحدا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام، لا يصح إلا بالإمام الأعظم ” . الدرر السنية (9 / 5) .
وقال الإمام الشوكاني – رحمه الله – ( وهو كلام في غاية الأهمية ) : ” وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه ، فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولاية إلى إمام أو سلطان، وفي القطر الآخر أو الأقطار كذلك ، ولا ينفُذ لبعضهم أمر ولا نهي في قطر الآخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته ، فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين ، وتجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه ، كذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته ، وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يُقتل إذا لم يَـتُب ، ولا تجب على أهل القطر الآخر طاعته ، ولا الدخول تحت ولايته لتباعد الأقطار ، فإنه قد لا يبلغ إلى ما تباعد منها خبر إمامها أو سلطانها ، ولا يُدرى من قام منهم أو مات فالتكليف بالطاعة والحال هذه تكليف بما لا يطاق ، وهذا معلوم لكل من له اطلاع على أحوال العباد والبلاد ، فإن أهل الصين والهند لا يدرون بمن له الولاية في أرض المغرب فضلا عن أن يتمكنوا من طاعته ، وهكذا العكس ، وكذلك أهل ما وراء النهر لا يدرون بمن له الولاية في اليمن ، وهكذا العكس ، فاعرف هذا ، فإنه المناسب للقواعد الشرعية ، والمطابق لما تدل عليه الأدلة ، ودع عنك ما يقال في مخالفته ، فإن الفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أول الإسلام وما هي عليه الآن أوضح من شمس النهار ، ومن أنكر هذا فهو مباهتٌ لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها ” .
( السيل الجرار، ص 941 ) .
وقال أيضا – رحمه الله – : ” ثم لما اتسعت أقطار الإسلام ، ووقع الإختلاف بين أهله ، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطانٌ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه ، وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد ، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغاية ” . ( السيل الجرار ، ص 936 ) .
واقرأ أخي … بإنصاف وتمعن وتجرد عن الهوى ، فلا يغررك تلون المارقين عن السمع والطاعة، الذين ليس لهم هم إلا أن يتربصوا بالنوازل والحوادث ، فيروجوا فيها بضاعتهم المزجاه وشبهاتهم المتكررة في كل زمان وفتنة .
وها هو العلامة الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – يصدق قوله قول إخوانه من العلماء ، فيقول : ” الإمام هو ولي الأمر الأعلى في الدولة ، ولا يشترط أن يكون إماماً عامّاً للمسلمين ؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي ) ، فإذا تأمر إنسان على جهةٍ ما، صار بمنزلة الإمام العام ، وصار قوله نافذاً ، وأمره مطاعاً ، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان – رضي الله عنه – والأمة الإسلامية بدأت تتفرق ، فابن الزبير في الحجاز ، وبنو مروان في الشام ، والمختار بن عبيد وغيره في العراق ، فتفرقت الأمة ، وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم ، وإن لم تكن له الخلافة العامة ؛ وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول : إنه لا إمام للمسلمين اليوم ، فلا بيعة لأحد !! ـ نسأل الله العافية ـ ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟! أم يريدون أن يقال: كل إنسان أمير نفسه؟!
هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية – والعياذ بالله – ؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها ، فهو إمام فيها ، وقد نص على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام وقال : إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه ، وهذا هو الواقع الآن ، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك ، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً ؟!! هذا لا يمكن ” . الشرح الممتع ( 8/9 ) .
رابعا : قيد حجاج ! السمع والطاعة للإمام الأعظم ! وهذه الشبه تقدم الرد عليها،
ثم عطف بقوله ( يقودكم بكتاب الله ) !
وهذا الفهم هو سبب ضلال عامة أهل الفرق والأهواء ، وهو أنهم يجزئون النصوص ولا يميزون بين المحكم والمتشابه ، المطلق والمقيد ، المجمل والمفسر ، العام والخاص .
يقول أبو بكر الأثرم – رحمه الله – ( ت : 273 هــ ) وذلك بعدما سرد أحاديث السمع والطاعة للأئمة :
” فاختلفت هذه الأحاديث في ظاهرها، فتأول فيها أهل البدع .
فأما أهل السنة: فقد وضعوها مواضعها، ومعانيها كلها متقاربة عندهم .
فأما أهل البدع: فتأولوا في بعض هذه الأحاديث مفارقة الأئمة والخروج عليهم.
والوجه فيها أن هذه الأحاديث يفسر بعضها بعضاً، ويصدق بعضها بعضا ” .
ثم قال – رحمه الله – : “وحديث أم الحصين رضي الله عنها قد اشترط فيه
( يقودكم بكتاب الله) .
وحديث علي رضي الله عنه قد فسره حين قال : إنما الطاعة في المعروف .
وحديث ابن عمر أيضاً مفسر أنه : إنما أوجب الطاعة ما لم يؤمر بمعصية .
وكذلك حديث أبي سعيد رضي الله عنه ( من أمركم بمعصية فلا تطيعوه ) .
وأما : حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( لا طاعة لمن عصى الله عز وجل ).
وحديث أنس رضي الله عنه ( لا طاعة لمن عصى الله عز وجل ) .
فهما اللذان تأولهما أهل البدع فقالوا : ألا تراه يقول لا طاعة لمن عصى الله عز وجل ، فإذا عصى الله لم يطع في شيء ، وإن دعا إلى طاعة . وإنما يُرد المتشابه إلى المفسر ، فما جعل هذا على ظاهره أولى بالاتباع من تلك الأحاديث بل إنما يُرد هذا إلى ما بُيّن معناه فقوله: “لا طاعة لمن عصى الله “، إنما يريد أنه لا يطاع في معصية. كسائر الأحاديث ” . انتهى .
( ناسخ الحديث ومنسوخه ، ص 251) .
ويقول النووي – رحمه الله – : ” قوله ( يقودكم بكتاب الله ) قال العلماء معناه ما داموا متمسكين بالاسلام ، والدعاء إلى كتاب الله تعالى ، على أي حال كانوا في أنفسهم ، وأديانهم وأخلاقهم ، ولا يشق عليهم العصا ، بل اذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا .
شرح النووي على مسلم(9 / 47) .
ويقول العلامة السندي – رحمه الله – : ” قوله ( يقودكم بكتاب الله ) إشارة إلى أنه
لا طاعة له فيما يخالف حكم الله تعالى ” حاشيته على النسائي ( 7/154 ) .
وحكامنا آل الصباح – حفظهم الله – لا نشك في إسلامهم وولايتهم أبدا ، ولا ندعي فيهم العصمة أبدا ، فالعصمة ليست إلا لأنبياء الله فيما يبلغون عن الله .
وهم – أعني الحكام – بشر تقع منهم المعاصي والكبائر فلا يكفرون بها ، ولا يطاعون أبدا في أمر فيه معصية الله ومعصية رسوله عليه الصلاة والسلام .
ومسألة : عدم تحكيمهم لكتاب الله ، لا تخرجنا عن السمع والطاعة لهم ، ماداموا – ولله الفضل – في دائرة الإسلام ، ويأخذون بالنصح ، ويمنعون كثيرا من المنكرات والشرور .
فاترك التشكيك ورمي الشبهات التي لا تزيد الأمة إلا تمزيقا وتشتيتا .
خامسا : يشترط حجاج في السمع والطاعة للإمام ، قوله عليه الصلاة والسلام ( ما أقام فيكم الصلاة ) .
الجواب : هذا الشرط ولله الفضل والمنة متحقق في ولاتنا ، ولكن انتبه يا حجاج ! ولينتبه كل مغتر بك أو في فكرك الخطير !!! ، أن هذا الشرط معناه : أي ماداموا على الإسلام ظاهرين ولم يرتدوا عن الدين الحنيف .
يقول القاضي عياض – رحمه الله – : ” قوله ( ما صلوا ) أي ما كان لهم حكم أهل القبلة والصلاة ، ولم يرتدوا ويبدلوا الدين إلى غيره ” . شرحه على مسلم ( 6/137 ) .
وأما شرطه الأخير ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( مالم ترو كفرا بواحا ) !!!
فأقول : هذا الشرط مجمع عليه عند العلماء ، قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
” قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ،
ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ” . فتح الباري (13/ 7) .
وإني لأرجو الله ياااا حجاج !!!
أن تأخذ بهذا الإجماع وتعمل به ، فإن الإجماع كما لا يخفى عليك – وعلى كل المنظرين -حجة .
وأنقل لك يا حجاج – وللإخوة القراء – كلاما نفيسا جدا للعلامة الشيخ محمد
العثيمين – رحمه الله – : ” فقولوا ثلاثة شروط ، وإن شئتم فقولوا أربعة :
1- أن تروا
2- كفراً
3- بواحاً
4- عندكم فيه من الله برهان .
هذه أربعة شروط ، وإذا رأينا هذا مثلا فلا تجوز المنازعة حتى تكون لدينا قدرة على إزاحته ، فإن لم يكن لدينا قدرة فلا تجوز المنازعة ؛ لأنه ربما إذا نازعنا وليس عندنا قدرة يقضى على البقية الصالحة ، وتتم سيطرته ” . شرح رياض الصالحين ( 1/493 ) ط. دار السلام .
وأخيرا ،،،
يا حجاج ! الزم غرس العلماء واترك الثورين والتكفيرين والقعدية ، فما هم إلا دعاة فتنة وشر، ولا تغتر بمدح د . حاكم عبيسان ، ولا ثناء د . نبيل العوضي ، ولا بالتوصيات والتزكيات التي تغمر أسماعك من داعية الفتنة والخارجي الكبير سعد الفقيه ، الذي اتخذ أحضان الكفرة الغرب حصنا حصينا له في مواجهة دولة التوحيد والسنة !
فهؤلاء حزب واااحد
وإن اختلفت مسمياتهم ، فكلهم ضد الدعوة السلفية المباركة ، ضد دعوة : ابن باز والعثيمين والألباني – رحمهم الله – .
وضد دعوة إخوانهم من أصحاب الفضيلة : الفوزان والعباد واللحيدان والمفتي عبد العزيز آل الشيخ وربيع المدخلي .
هذه نصيحة لك جعلتها جهرية علانية ، لا سرية ولا مخفية ؛ لتغشاك وتغشى من بلغت أسماعهم شبهاتك .
والمنكر إن حصل جهارا أُنكر جهارا .
أسأل الله أن ينفعك بما كتبه أخوك ، وأن ينفع به كل من قرأه
والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين .
كتبه / منصور بن عبد الله العازمي
5 / رمضان / 1433 هـــــ
Mnsour4160@hotmail.com