شروط “لا إله إلا الله”
الحمد لله اللطيف الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله للثقلين ورحمة للعالمين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ..أما بعد:
فيقول ربنا سبحانه:﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾، ﴿ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾.
دين الإسلام عباد الله هو ناسخ الأديان قبله وهو السؤال الثاني من أسئلة القبر العظيمة، وهذا الدين لا يتحقق اعتناقه إلا بتحقيق أساسه وهو النطق بشهادة أن لا إله إلا الله كلمة التوحيد العظيمة التي لا تقوم بقية أركان الدين إلا بالإقرار بها، فإن كان هذا الأساس سليماً قوياً استقامت سائر الأعمال وكانت مقبولةً عند الديان، وانتفع بها صاحبها، وإن اختل هذا الأساس فسدت سائر الأعمال وصارت هباءاً منثورا وحسرة وخسارة يوم القيامة.
لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يركز على هذه الشهادة ويدعو الناس إليها قائلا: «قولوا لا إله إلا الله تفلحوا»، وذلك قبل أن تفرض الفرائض وتحرم المحرمات.
واستمر في الدعوة إليها حتى آخر حياته ولعظيم امر هذه الكلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن قال: «ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية أن يوحدوا الله» متفق عليه.
ولكن اعلم رحمك الله أن هذه الشهادة لا تنفع قائلها حتى يحقق ثلاثة أُمور:
1- تكون عقيدة في القلب.
2- ونطق باللسان.
3- وعمل بالجوارح والأركان.
عند هذا ينتفع قائلها يُحرَّم جسده على النار وتفتح له الجنة أبوابها، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»، وقال أيضا: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»، وقال: «مفتاح الجنة لا إله إلا الله».
عباد الله، هذه الشهادة لها معنى ولها مقتضى ولها شروط ولابد للناطق بها أن يعرف ذلك،
قيل لوهب بنِ منبه رحمه الله: أليست لإله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال بلى ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فُتح لك وإلا لم يُفتح لك.
وجاء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبين بمجموعها أسنانَ هذا المفتاح ومن مجموع هذه الأحاديث استنبط العلماءُ رحمهم الله شروطاً تسهيلا لتعلمها، مع انتفاء الموانع التي تخل بها وتنقضها.
وهذه الشروط أخي المسلم هي أسنان المفتاح الذي أشار إليه الإمام وهب بن منبه، وهي سبعة على المشهور:
أولها: العلم المنافي للجهل، قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة»، حيث أن لكل كلمة معنى، فمعنى “لاإله إلا الله”: لا معبود حق إلا الله، أي الإقرار بأنه لا يستحق العبادة إلا الله والموت على ذلك وأن تعتقد أن كل معبود سواه باطل كما قال سبحانه: ﴿ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل﴾.
وهذا يبين ضلال الذين يصححون دين النصارى أو يلحقهم شك في كفرهم فمن فعل لن تنفعه حينئذ لا إله إلا الله ومصيره سيكون جهنم وبئس المصير وكذا ضلال من يلحقه شك في بطلان اعتقادات الرافضة وغيرهم من أهل البدع فهو على خطر عظيم .
الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك، وهو أن يجزم بمدلولها لا يلحقه شك في أحقية العبادة لله وحده
قال الله سبحانه : ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا﴾، فلا بد من تيقن القلب، فإن لم يحصل فهو النفاق المحض، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما تحقق دعاءه بالبركة على طعام صحابته بعد نفاد طعامهم «أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأنيِّ رسول الله لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ غير َشاكٍ فيهما إلا دخل الجنة» مسلم .
ثالث شروط كلمة التوحيد: القبول المنافي للرَّفض أو الرد، وذلك بأن تذعن لما تضمنته هذه الكلمة بالقلب واللسان، فمن ردَّ دعوة التوحيد ولم يقبلها كان كافراً، سواء كان ذلك الردُّ بسبب الكبر، أو العِناد، أو الحسد، كحال المشركين الذين قال الله فيهم: ﴿إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون﴾.
أوكحال أهل الكتاب: ﴿ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم﴾.
الشرط الرابع: الانقياد والتسليم المنافي للاستكبار والرضا والإذعان لأحكام الشرع العملية أمرا ونهيا وأن يموت وهو كذلك قال سبحانه: ﴿ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾. فقد ينقاد المنافق ولا يقبل قلبه ذلك فلابد من القبول والانقياد.
الخامس من الشروط: التصديق المنافي للكذب، فليس كل من قالها كان صادقا قال الله سبحانه في ذمِّه للمنافقين: ﴿يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم﴾، وقال سبحانه: ﴿والله يشهد إنهم لكاذبون﴾.
سادساها: المحبة لهذه الكلمة وما دلت عليه المنافي للكره، ﴿والذين آمنوا أشد حبا لله﴾، وعلامة حبِّ العبدِ ربه هو تقديم محابِّ الله وإن خالفت هواه، وأثر تقديم المحبة تظهر باتباعُ رسولِه صلى الله عليه وسلم واقتفاءُ أثرِه قال سبحانه: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾.
سابعاً: الإخلاص المنافي للشرك والرياء، قال الله: ﴿وما أُمرو إلا ليعبدو الله مخلصين له الدين حنفاء﴾، أقول …..
خ/2
الحمد لله حمدا حمدا والشكر له شكرا شكرا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
عباد الله، من مقتضيات شروط لا إله إلا الله أن تشهد أن محمدا عبدالله ورسوله وذلك باعتقاد أن الله أرسله إلى الثقلين الجن والإنس وأنه خاتم الرسل ولا يقدم قول أحد على قوله وأن نحبه أشد من حبنا لأنفسنا وآبائنا وأولادنا وأنه يسمع سلام المسلم عليه وتسن زيارة قبره، إلا أنه لا يشد الرحال إله فإنه ليس من خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله وهو معنى قول سبحانه: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾.
ونؤمن أنه ميت في قبره في حياة برزخية لا ينفع احدا وأنه لا ينطق عن الهوى وأن سنته محفوظة بحفظ الله للقرآن والعمل بما دلت عليه هذه الشهادة وذلك بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع صلوات ربي وسلامه عليه فأكثروا من الصلاة والسلام عليه كما أمرنا بذلك صلى الله عليه وسلم فإن صلاتكم تبلغه.
اللهم اهدنا سراطك المستقيم واغفر لنا ولمن يعز علينا أجمعين وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين ..اللهم ول علينا خيارنا وارزقهم البطانة الناصحة التي تدلهم على الخير وتجنبهم الشر والفساد ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء فما أصابنا فهو بسبب ذنوبنا لكن عفوك أوسع ورحمتك ألطف ولا حول ولا قوة لنا إلا بك نعوذ برضاك من سخط وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك وصل اللهم وسلم على نبينا وعلى أله وصحبه وسلم.