الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين أما بعد.
اطلعت على كتب الإمامية في صيام يوم عاشوراء، وقد حوت أحاديث كثيرة عن أهل البيت ومعظم تلك الأحاديث لا خطام لها ولا زمام بل هي مكذوبة على أهل البيت، ويراد بها التفريق بين الآل والأصحاب، وبعضها لا يمكن القول فيها لمتزاج أخبارها بأخبار التقية فيها.
وقد اعترف صاحب الحدائق يوسف البحراني بأنه لم يعلم من أحكام دينهم إلا القليل بسبب التقية.
حيث قال: فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقية. كتاب الحدائق ليوسف البحراني 1/ 5.
ولذلك حاول العلامة المجلسي الشيعي أن يوفق ويجمع بين تلك الأحاديث التي تعارض صيام يوم عاشوراء، فحملها على من صام من باب الشماتة والفرح، وهي أحاديث أيضا لا تصح في مقابل الأحاديث الصحيحة التي تحث على صيام يوم عاشوراء وهي صحيحة سنداً ومتناً.
قال المجلسي الشيعي في كتابه أنوار البحار: قال اعلم أن الروايات وردت متظافرات في تحريم صوم يوم عاشوراء على وجه الشماتات وذلك معلوم بين أهل الديانات، وردت أخبار كثيرة بالحث على صيامه، منها عن أبي عبدالله ع عن أبيه أن عليا ع قال: صوموا من عاشوراء التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة. كتاب بحار الأنوار للمجلسي 95/ 341.
قلتُ: ولا شك أن صيام يوم عاشوراء لا دخل له في مصيبة أهل البيت أو في مقتل الحسين ع ورضي الله عنه وأرضاه، وإنما يصام من باب العبادة والتقرب إلى الله ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صامه وذلك، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وهو يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فيه مُوسَى، وأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقالَ أَنَا أَوْلَى بمُوسَى منهمْ فَصَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ.رواه البخاري في صحيحه.
وقد أشارت كتب الشيعة إلى هذا المعنى.
عن أبي جعفر ع قال: يوم عاشوراء هو اليوم الذي خلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى ع فرعون …الخ.كتاب التهذيب للطوسي 4/ 300.
قال المجلسي في كتابه بحار الأنوار : فلما كانت وقعة بدر وفي هذه السنة صام عاشوراء وأمر بصيامه وفي هذه السنة أسلم عبدالله بن سلام. كتاب بحار الأنوار 19/ 129.
قال الكليني في كتابه الكافي 4/ 86.
وأما الصوم الذي صاحبه فيها بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس وصوم البيض وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء..الخ
وقال أبو جعفر الباقر ع : وأما الصوم الذي صاحبه بالخيار فصوم يوم عاشوراء. كتاب التهذيب للطوسي 4/ 296، وكتاب وسائل الشيعة للحر العاملي 10/ 457.
وعن أبي الحسن علي بن أبي طالب ع قال: صام رسول الله صلى عليه وسلم يوم عاشوراء. كتاب التهذيب للطوسي 4/ 299، كتاب الإستبصار للطوسي الملقب بشيخ الطائفة 2/ 134.
وعن أبي جعفر عن أبيه ع قال: صيام يوم عاشوراء كفارة سنة. كتاب التهذيب للطوسي 4/ 300، وكتاب الإستبصار للطوسي الملقب بشيخ الطائفة 2/ 134، وكتاب وسائل الشيعة للحر العاملي 10/ 457.
وعن علي بن الحسين ع أن في الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر صوم عاشوراء. كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي 10/ 458.
فقه الرضاء ع قال عن صيام يوم الجمعة والخميس وصيام أيام البيض وصيام يوم عاشوراء فيه الخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر. كتاب مستدرك الوسائل للنوري 6/ 380.
وقال الرضاء ع وفيه عشر من محرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم إلى أن قال فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله.كتاب مستدرك الوسائل للنوري 7/ 523.
عن جبير قال: قالت عائشة من أفتاكم بصوم يوم عاشوراء قالوا علي قالت أما إنه أعلم الناس بالسنة. كتاب بناء المقالة الفاطمية للسيد بن طاووس ص 203، وكتاب العدد القوية لبن المطهر الحلي ص 240.
باب الصيام يوم عاشوراء
كان علي ع يقول صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطا فإنه كفارة للسنة التي قبله، وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم صومه. كتاب الجعفريات ص 63، وهو لإسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام.
والحمدالله رب العالمين.
كتبه / أبو محمد فيحان الجرمان