على اعتمادهم العقليات مَن الأغبى: الأشاعرة أم المعتزلة؟ ثم قال: وهل الأشاعرة أقرب للسنة فعلًا؟ يريد بهذا والله أعلم يقول: أيهما أكثر انضباطًا في التمسك بالعقليات هل الأشاعرة أو المعتزلة؟
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: لا شك أن كليهما ضالّان في التمسك بما زعموه عقلًا، وأن العقل الصحيح لو تمسكوا به حقًّا لما صاروا أشاعرة ولا معتزلة، لكن من حيث الجملة: المعتزلة أضبط من الأشاعرة؛ فإن الأشاعرة متناقضون فيما يتعلق بالعقل، فهم في باب التحسين والتقبيح لا يرون العقل، وفي باب تأويل الصفات اعتمدوا على العقل، وقد بين تناقضهم السجزي في “ردِّه على من أنكر الحرف والصوت“، والمعتزلة أكثر انضباطًا في تمسكهم بما يزعمون أن العقل يدلّ عليه.
أما هل الأشاعرة أقرب إلى السنة؟ نعم، الأشاعرة أقرب إلى أهل السنة من المعتزلة ومن الجهمية، لكن هذا لا يعني أنهم قريبون، بل هم بعيدون للغاية؛ لكنهم أقرب من المعتزلة الذين هم أبعد، ومن الجهمية الذين هم أبعد وأبعد.
وهذا لا يتنافى من أن الأشاعرة مبتدعة وضُلَّال، بل هم مبتدعة، وقد ذكر ابن المبرد في رده على ابن عساكر عن ألف عالِم تبديع الأشاعرة، قال: “ولو شئت لنقلت ذلك عن ألفي عالم، بل عن عشرة آلاف عالم، أو أكثر“ فهم لا شك مبتدعة، وعندهم أصول عظيمة استوجبت تبديعهم، منها:
أنهم لا يثبتون إلا الإرادة الكونية.
ومنها: أن عندهم معنى لا إله إلا الله، أي: لا قادر على الاختراع إلا الله، يُرجِعونه إلى توحيد الربوبية.
ومنها: أنهم جعلوا العقل أصلًا في نفي الصفات كُلِّها إلا سبعًا أو ثمانية على خلاف بينهم في صفات المعاني، وإلى غير ذلك من أقوالهم الضالة الكثيرة التي حقيقتها ترجع إلى التأويل.
ومنها أنهم يقولون: إن الله يُرَى إلى غير جهة.
وحقيقة هذا القول: أن الله لا يُرى كما اعترف بهذا الرازي.
ومن ذلك قولهم: إن الكلام نفسي لا لفظي.
وحقيقة هذا القول أن الله لا يتكلم كما بيَّن هذا الرازي.
فالمقصود أن ضلالات الأشاعرة كثيرة، وأدعو أهل السنة أن يعرفوا ضلالات الأشاعرة، وأن يكونوا على حَذرٍ منها، وأن يحذِّروا الناس منها.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وجزاكم الله خيرًا.