فضل عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي فضَّل بعض الأيام على بعض، وخصَّها بأجناس من الطاعة من النفل والفرض.
أحمده سبحانه على بالغ نعمته، فأسأله تبارك اسمه أن يمن علينا بعفوه وعافيته، ومغفرته ورحمته.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا معبود بحق سواه، الذي خلق الجن والإنس لعبادته، وأمر أن لا تعبدوا إلا إياه.
وأشهدُ أن محمداً – صلى الله عليه وسلم – عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، وأمينه على وحيه، وسفيره إلى عباده، في تبليغ وبيان هداه ودينه.
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الأمة من بعده في استباق الخيرات، والسبق إلى المغفرة والرضوان والجنات.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله كما وصيتم، وأطيعوه سبحانه كما أمرتم، وتوبوا إليه واستغفروه من سائر ما اقترفتم، واغتنموا مواسم الطاعات في استباق الخيرات، واجتناب المنهيات، تسبقوا إلى المغفرة والجنات، ورضوان رب الأرض والسماوات، كما هديتم وبشرتم في محكم الآيات، فإن الفرص لا تدوم، وإن الصوارف عن الخير يبتلى بها كل جهول ظلام، وإن الآجال مخبأة ولا تأتي إلا بغتة، والبقاء للحي القيوم، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد امتن عليكم بمواسم خير، وفرص بِر، يغتنمها أولوا الألباب، فيما يطمعون أن يدخلهم الله به الجنة بغير حساب، والله يرزق من يشاء بغير حساب، وما يذكر إلا أولوا الألباب.
أيها الناس:
لعلَّ من حكمة تفضيل الله تعالى بعض الأيام على بعض، بمزيد عمل وفضل، أن تتجدد الرغبة في العمل الصالح، وأن يتبين فضل العمل والزمن لمريد المتجر الرابح، وأن يتميز مستبقوا الخيرات، من أهل الغفلة والركون إلى الشهوات، ليتبين فضل الله تعالى على من يشاء، وعدله جل وعلا فيمن يشاء، فإن الله تعالى يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ويؤت الحكمة من يشاء وهو الخلاق العليم.
عبادَ الله:
إن أيام عشر ذي الحجة من أيام الله العظيمة، ومواسم الطاعات المباركة، والفرص الكريمة التي يغتنمها أهل الحزم، وأولوا العزم في الإتجار مع الرب الغفور، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].
عبادَ الله:
إن عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره في محكم الآيات: ﴿ لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر))، وفي سنن الدارمي بإسناد حسن عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى))، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر)) رواه البزار وأبو يعلى وصححه الألباني.
أيها المسلمون:
لو تواطأ محكم التنزيل العظيم، وما صح عن الرسول الكريم، وما ثبت عن الصحابة والتابعين على إثبات فضل عشر ذي الحجة، وما ادخل الله تبارك وتعالى فيها من الخير لهذه الأمة، وأن العمل الصالح فيها أحب وأفضل وأزكى وأعظم أجراً عند الله عز وجل منه في سائر أيام العام، وأن العمل الصالح فيها وإن كان مفضولاً فهو أعظم أجراً وأكرم أثراً من العمل الفاضل في غيرها، وإنما فضلت هذه الأيام على غيرها بتفضيل الله لها، وهو تعالى أحكم في تفضيله، وأعلم حيث يجعل فصله، فإنه تعالى يجتبي ما يشاء، ويؤت الحكمة من يشاء، ويختص بفضله ورحمته من يشاء، ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، ولا يسأل عما يفصل، وكان الله واسعاً حكيماً.
أيها المسلمون:
ومما يدل على فضلها، وعظم شأنها، وكريم ما ادخر الله تبارك وتعالى لعباده من الكرامة فيها، أن الله تبارك وتعالى أقسم بلياليها، وجمع أمهات الطاعات فيها، من التوحيد والصلاة والصدقة والصوم والحج، وجعلها سبحانه من أيام أشهر الحج، ومن أيام الأشهر الحرم، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، وهما يمان عظيمان من أيام الإسلام، ويوم الأضحى أو النحر هو يوم النسك العام الذي يشترك فيه الحجاج والعمار وأهل الأمصار، بالتقرب إليه سبحانه بالهدي والأضاحي، مغيظين للمنافقين والكفار، فهي أيام عظام يوحد فيها ذو العظمة والجلال، بالأقوال والأفعال والأموال والأحوال، فهنيئاً لمن وفقه الله للتقرب إليها فيها بصالح وأزكى الأعمال.
معشر المسلمين:
إن أعظم وأوجب وأحب ما تقرب به المسلم في هذه العشر أداء فرائض الطاعات، فإنه قد ثبت في الحديث القدسي الصحيح أن الله تبارك وتعالى يقول: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه))، فالتقرب إلى الله تعالى بفرائض الطاعات، كالصلاة، والزكاة، وقضاء الصوم الواجب من رمضان، أو نذر، وكذلك أداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، ومثل ذلك بر الوالدين، والتوبة من كبائر الذنوب المعلومة، مثل: الكذب، والزنا، والربا، وشرب الخمر، ومظالم الخلق، فالتوبة النصوح من هذه الذنوب وأمثالها أوجب وأحق، قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
معشر المسلمين:
ومن جليل العمل الصالح في أيام العشر، ذكر الله تعالى، لقوله سبحانه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وفي المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل)) وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 – 43]، وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، فأكثروا ذكر الله تعالى، واجهروا به في مساجدكم، وأسواقكم، ومنتدياتكم، وملتقياتكم، فإن الذكر والجهر به في هذه الأيام، شعيرة وخصلة مبرورة، وسنة مأثورة، باتت في كثير من المجتمعات الأمصار مهجورة، فتعاونوا على تجديدها.
أيها المسلمون:
ومن جليل العمل الصالح، وأسباب الفوز بالمتجر الرابح، صيام ما تيسر من هذه العشر، فإن الصوم زينة العمل، وقد اختصه الله تعالى لنفسه، وأدخر ثوابه عنده، ففي الحديث القدسي الصحيح قال تعالى: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي))، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بالصوم فإنه لا مثل له)) وفي رواية: ((لا عدل له))، وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل عن صيام يوم عرفة، فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية))، وفي سنن أبي داود وغيره عن إحدى أمهات المؤمنين: ((أن النبي – صلى الله عليه وسلم -كان يصوم هذه العشر)) صححه الألباني، وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((من صام يوماً في سبيل الله – أي مبتغياً به وجهه أو مرابطاً في سبيله – باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.
أيها المؤمنون:
وكما تصدق الله تبارك وتعالى عليكم بموسم الخير، وشرع لكم أنواعاً من خصال البر، وعظم لكم المثوبة والأجر، فتصدقوا في هذه العشر، فإن الصدقة تمحو الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء، ويضاعف لكم ما أنفقتم، ويخلف الله لكم، ويبارك فيما أبقيتم، ألا وإن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وإن الله تبارك وتعالى يربي الصدقة بعدل ثمرة من الكسب الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، حتى تكون مثل الجبل العظيم، فصدقوا بالصدقة في هذه الأيام إيمانكم بربكم، واحتسابكم ثواب صدقتكم، وصدقوا بصدقتكم ودكم لمحاويجكم وفقرائكم، وخوفكم من ربكم، يوماً عبوساً قمطريراً، يقيكم الله شر ذلكم اليوم، ويلقيكم نضرة وسروراً، ويجزكم بما صبرتم جنة وحريراً.
معشر المؤمنين:
ألا وإن صلة الرحم، والإهداء إلى القريب والجار، والإحسان إلى مستحقه، وغير ذلكم من وجوه الإحسان والإنفاق الذي يبتغى فيه وجه الله تعالى وتتحرى فيه سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – من نفيس الطاعات، وجليل القربات، والفاضل من الأعمال الصالحات، فإن صلة الرحم صلة من الله تعالى بالخير للواصل، ومحبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنشأة في الأثر، ألا وإن كل معروف صدقة، وكل نفقة يبتغى بها وجه الله فهي صدقة، ورفعة ودرجة، وأنهما تقي مصارع السوء، وتنال بها المغفرة والجنة، فإن امرأة سقت كلباً فغفر لها، ورجل نحى شوكاً عن طريق المسلمين فأدخل به الجنة، ورجل أحسن إلى جاره فأحسن الله إليه، ورجل كان يداين الناس ويتجاوز عن المعسر، فتجاوز الله عنه.
معشر المؤمنين:
ومن لم يحج وهو مستطيع فليبادر هذا العام لأداء حجة الإسلام، لقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كتب عليكم الحج فحجوا))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام))، ولما روي عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((بادروا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))، وقوله: ((حجوا قبل أن لا تحجوا))، وقول عمر رضي الله عنه: ((لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى أهل هذه الأمصار، فمن وجدوا عنده جدة أي استطاعه ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين)).
أمة الإسلام:
ومن من الله تبارك وتعالى عليه بأداء فريضة الحج والعمرة، فليستزد في هذه العشر من نافلتهما، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمه))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة))، ألا وإن الحج والعمرة من أعظم أسباب العتق من النار، والفوز بالجنة دار الأخيار، فابتغوا مثوبة الله وفضله في الحج، واعلموا أن أحب الحج إلى الله العج والثج، أي ما تحقق فيه رفع الصوت بالتلبية ونحر الهدي قراناً أو تمتعاً، تقبل الله منكم.
أمة الإيمان:
ومن نفيس العمل الصالح في هذه العشر الأضحية، قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر:2]، وقال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:34]، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: ((ضحى النبي – صلى الله عليه وسلم – بكبشين أملحين أقرنين))، وفي المسند وغيره بإسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((أقام النبي – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة عشر سنين يضحي))، وقال: ((ضحى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمسلمون))، والذبح يوم النحر من ملة إبراهيم عليه السلام، وسنة محمد – صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام:90]، وفي الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم)).
الخطبة الثانية
الحمد لله الحميد المجيد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه من كل ذنب واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم، وتأسوا بمحمد – صلى الله عليه وسلم – رسولكم، واتبعوا سبيل صالح سلفكم تلحقوا بهم في العلم والزكاء والاهتداء، وما وعدوا به من المغفرة والرضا، وجنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك جزاء من تزكى.
عباد الله:
بحسب حظ العامل من الإخلاص لله تعالى في القصد والنية، وإتباعه للنبي – صلى الله عليه وسلم – في الأداء والكيفية يكمل الأجر، ويحط الوزر، ويرتفع الذكر، ويبارك في الأثر. قال تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة:112]، فإسلام الوجه لله هو ابتغاء وجهه ومرضاته، والإحسان هو إتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – في أداء العمل وكيفياته، ومما يدخل في ذلكم من السنن في عشر ذي الحجة أمور:
الأول: أن يجهر المسلمون بالذكر والتكبير المطلق من أول يوم من ذي الحجة إلى نهاية اليوم الثالث عشر منه، قائلين: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل مكان وحال يشرع فيه الذكر، من المساجد والبيوت والطرق والأسواق ومواقع العمل، رفعاً للذكر، وتجديداً للسنة، وتذكيراً للغافل، وتعليماً للجاهل، وتنشيطاً للمتكاسل.
الثاني: من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئاً حتى يذبح أضحيته، لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) رواه مسلم، وفي لفظ: ((فلا يمسن من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي)).
الثالث: أن يتذكر المضحي قول الله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، فيختار من الأضحية أكملها خلقة، وأجملها صورة، وأسلمها من العيوب القادحة، وأغلاها ثمناً، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر باستعظام الأضاحي واستحسانها، واستشراف القرن والأذن -أي للتأكد من سلامتها- ومراعاة السن أن يكون جذعاً من الشأن، أو ثنياً من المعز، وضحى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بكبش أبيض أقرن، ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويطأ في سواد، ويبرك في سواد، أي فيه سواد في هذه المواضع