قناة سكوب وحديث مسلم
الحمد لله رب العالمين وبعد
أجرت قناة سكوب حوارا طويلا مع كل من الدكتور شملان العيسى والمحامي لقناة سكوب فيصل العنزي والمحامي خالد الشطي ، وقد اتسم الحوار بالنفس الطائفي وما يناقض الوحدة الوطنية وحتى نكون منصفين فإن المعني بهذا ليس الكل بل هو واحد منهم فهو الذي يجرهم إلى النفس الطائفي وكلما أرادوا الخروج من هذا المأزق أركسهم وأرجعهم مرة أخرى إلى الطائفية ، وعتبي على قناة سكوب أنها استضافت من هو حريص على الإرجاف في المجتمع من ناحية إثارة الطائفية ، وكان من والواجب عليها أن تحرص على العقلانيين الذين يحرصون على الوحدة الوطنية ولا يمزقونها كل ممزق ، والقناة ذات حدين إما سلبي خبيث لا ينفع الناس فيكون معول هدم ، وإما إيجابي فينتفع الناس ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ ) فأتمنى من هذه القناة وغيرها أن تكون قناة إصلاحية تسعى في نشر الفضيلة , وتحرص على كل ما يقوي أواصر المحبة والأخوة وتجتنب كل ما يسبب الفرقة والتدابر بين أبناء المجتمع 0
أما الحديث الذي ذكره المحامي خالد الشطي في أثناء حديثه حيث قال (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا ) قال الشطي الحديث في مسلم 0
ولي معه عدة وقفات :
الوقفة الأولى : قوله الحديث في مسلم: قلت : ليس في الحديث ما يخدم عقيدة الطعن في الصحابة والبراءة منهم وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر أسماءهم ولم يعرفهم بأعيانهم وهو إخبار بصفة عن عدد فقط ليس فيهم بيان أنهم عرفوا بأسمائهم حتى نقول أن المراد فلان وفلان فسقط التعلق بهذا الخبر ،هذا من وجه ، والوجه الثاني ، إذا كان يمتنع غاية الامتناع أن ندخل عليا رضي الله عنه في هذا العدد فكذلك يمتنع أيضا إدخال باقي الصحابة ولا سيما من عرف منهم بالفضل من المهاجرين والأنصار0
الوقفة الثانية : أن العدد لا يدل على الحصر ، مثل قوله (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ ….الخ وقوله (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ …..الخ وقوله ( حد الساحر ضربة بالسيف ) لا يكون لها مفهوم ، يعني : إن مات بضربة أو يضرب ضربتين أو ثلاثا حتى يموت لأن العدد لا مفهوم له .
وقوله تعالى { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً } على وجه المبالغة وَأَنَّ الْعَدَد الْمُعَيَّن لَا مَفْهُوم لَهُ ، بَلْ الْمُرَاد نَفْي الْمَغْفِرَة لَهُمْ وَلَوْ كَثُرَ الِاسْتِغْفَار 0 و قد يراد من العدد ليشدّ أذهان المدعوين ، أويراد من ذكر العدد أن يتمكن السامع من معرفة نتيجة العدد برغبة واشتياق فيسهل عليه حفظ المعدود ويحتمل أن يدل العدد المبهم المجمل على التعظيم أوالترهيب .
الوقفة الثالثة: حاول المحامي خالد الشطي جاهدا أن ينال من الصحابة من باب أنه يوجد منافقون ولذلك ذكر الحديث وهذا الحديث ليس فيه ذم للصحابة وإنما فيه ذم للمنافقين الذين يظهرون صحبته والإيمان به ويبطنون الكفر كما قال تعالى { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } وقوله { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا } وكان المنافقون يخرجون ويجلسون معه ليس حبا في الإسلام ,و إنما خوف من السيف وطمع في المغانم ، وقد تركهم صلى الله عليه وسلم حتى لا يقال أن محمدا يقتل أصحابه ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال أتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ) رواه مسلم0 وقد كان من أشهرهم بالنفاق عبد الله بن أبي بن سلول ولذلك لا تجد له رواية واحدة في كتب الصحاح ، بخلاف عبد الله بن سبأ اليهودي الذي كان أول من طعن في أبي بكر وعمر وعثمان ، ولذلك تجد له ذكر في الكتب التي يعتمد عليها المحامي الشطي ككتاب الوسائل والكشي والتهذيب والمناقب وكتاب النوبختي 0
الوقفة الرابعة : الحديث الذي ذكره المحامي خالد الشطي قبله أحاديث وبعده أحاديث وكلها في صحيح مسلم وهي صريحة في الثناء على الصحابة من المهاجرين والأنصار وعدم التعرض لهم سبا أو استنقاصا إما على وجه العموم كقوله صلى الله عليه وسلم ( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ) رواه مسلم 0 وإما على وجه الخصوص ، كالعشرة المبشرين بالجنة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ممن ذكر أسمائهم في الحديث 0
والصحابة جميعًا عدول ، وأنهم يتفاضلون في الصحبة . وأفضل الصحابة السابقون الأولون في الإسلام من المهاجرين ثم الأنصار ، ثم أهل بدر ، ثم أهل أحد ، ثم أهل غزوة الأحزاب ثم أهل بيعة الرضوان ، ثم من هاجر من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكلا وعد الله الحسنى .
وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين ، وأبو السبطين علي بن أبي طالب رضي الله عمهم 0
إلا أن المحامي خالد الشطي أخذ ما يوافق هواه وعقيدته في الصحابة رضي الله عنهم وترك الكم الكبير والعدد الأكبر من الصحابة الذين نصر الله ورسوله لأجل عشرة من المنافقين وقد صدق الله ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) 0
الوقفة الخامسة :المحامي خالد الشطي قد أخرج ورقة فيها هذا الحديث أثنا حديثه وهذا يدل أنه نوى مسبقا بث مثل هذه الأحاديث للتشكيك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا العمل فيه إثارة للفتنة وإتباع المتشابه ، وقد ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم : “إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم” يعني في قوله تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ }
كتبه / فيحان الجرمان