يقول السائل: أريد أن أطرح مسألةً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (الاقتضاء) خصوصًا لمن يعيش في بلاد الأقليات، يقول: فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء لم تُشرع المخالفة لهم، فلما كمُلَ الدين وظهرَ وعلا شُرِعَ ذلك.
ومثل ذلك اليوم لو أنَّ المسلم بدار حرب أو بدار كفر غير حرب لم يكن مأمورًا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليهم أن يشاركم في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحةً دينية …إلى آخر كلامه.
الجواب:
هذا الكلام من شيخ الإسلام صحيح، فإنَّ مخالفة المشركين وعدم مشابهتهم مطلبٌ شرعيّ من باب المشروع لغيره لا لذاته، فالشريعة منعت مشابهة المشركين لا لذاته وإنما لغيره، والقاعدة الشرعية أنَّ ما مُنع لغيره -أي لسدِّ الذريعة- فإنه يجوز للمصلحة الراجحة.
فالأصل هو عدم مشابهة المشركين، والأصل هو مخالفتهم، كما ثبت عند أحمد وأبي داود أنَّ النبي ﷺ قال: «من تشبَّه بقوم فهو منهم»، لكن إذا ترتَّب على مخالفتهم ضرر فإنَّ الضرر يُزال، وما مُنع سدًّا للذريعة جاز للمصلحة الراجحة.
والغالب من حال المسلمين اليوم في بلاد الكفار أنهم إذا خالفوهم أنه لا يحصل عليهم ضرر فيما أعلم، وليس معنى هذا أن يُشاركوهم في أعيادهم، فإنَّ المشاركة في الأعياد محرمةٌ حرمة شديدة، بخلاف ما كان ممنوعًا من باب التشبُّه فإنه ممنوعٌ لغيره ومثله يجوز للمصلحة الراجحة -والله أعلم-.