يقول السائل: جاءني أحد المشككين في السنة وذكر لي الحديث الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان بكتابة أسماء المنافقين، وقال بعد ذلك: هل يعرف أحد هذه الأسماء؟ قلت: لا، قال: إذن من الممكن أن يكون أحد منهم دخل في الأسانيد والعلماء لم يعرفوا أنهم منافقون.
كيف الجواب على هذه الشبهة؟
الجواب:
قد ثبت في البخاري أن أبا الدرداء -رضي الله عنه- ذكر أن حذيفة بن اليمان هو كاتم سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحافظ في شرحه على البخاري بأنه كان عارفًا بأسماء المنافقين، لكن ليس معنى هذا أنه يُمكن أن يكون أحد الصحابة الذين تُروى عنهم الأحاديث من هؤلاء المنافقين، فإن هذا لا يمكن البتة؛ وذلك لأمر عظيم وهو أن الله قد حفظ دينه، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].
فحفظ الله القرآن وكل ما به يُفهم القرآن كسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر هذا الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- فإذن السنة محفوظة مع القرآن؛ لأن القرآن لا يُفهم إلا بالسنة.
فمن ذكر مثل هذا الاحتمال، فهي احتمالات عقلية ضعيفة لا يصح أن يُرد بها ما هو معلوم يقينًا من حفظ الله لدينه، فإنه لا أغير ولا أحرص على الدين من الله رب العالمين، فلذلك لا يصح أن يُلتفت إلى هذا البتة، ولا يُنظر إليه.
ثم لو قدر أن أحد هؤلاء المنافقين كان يروي الأحاديث، وحصلت الفتنة به، فلن يسكت عن هذا حذيفة بن اليمان، بل سيُبينه -رضي الله عنه-.
فالمقصود أن مثل هذا لا ينبغي أن يُلتفت إليه، ويجب أن نعلم أن السنة قرينة القرآن، وأن القرآن يُفهم بالسنة، وأن السنة منزلة كما أن القرآن مُنزل، كما قال سبحانه: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44] وأنها وحي كما قال سبحانه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3-4].
هذا كله دالٌ على أنه لا يصح أن يُلتفت إلى هذه الشبهة الساقطة.