يقول السائل: كيف يكون ضم العقبين في السجود، وهل ورد ضم لهما أصلًا؟ فقد قرأت في كتاب “صفة الصلاة” للشيخ بكر أبو زيد أنه لا يجوز ضم العقبين، وتبقيان مثل ما يكون في القيام، فما العمل؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن المشهور في كتب المذاهب الأربعة أن القدمين عند السجود لا يتعمد إلصاقهما ولا تفريجهما، بل يكونا على حسب حال الإنسان وهو قائم إلى غير ذلك، فلا يتعمد الإلصاق ولا التفريج.
أما القول بالإلصاق فليس مشهورًا عند أهل العلم، والحديث فيه شاذ كما أشار لذلك الحاكم في “مستدركه”، فإنه لما يروى الحديث قد تفرد به يحيى بن أيوب المصري، وأصل الحديث في “صحيح مسلم” بدون هذه الزيادة.
وهناك قاعدة مهمة ذكرها الحاكم في “معرفة علوم الحديث”، أنه إذا كان أصل الحديث في “البخاري” و”مسلم” أو في كليهما، وجاءت زيادة من الطريق نفسه في خارج الصحيحين وزادت زيادة، فإنه يدل على شذوذها، وقد جزم بذلك الحاكم.
والجزم صعب، لكن أقل ما يقال: إن هذا من باب الغالب، فينبغي التأمل في مثل هذا، وأنبه إلى أمرين:
الأمر الأول: أن من أراد أن يصحح حديثًا، فلينظر إلى صنيع أهل العلم من جهة الدراية، هل هم يعملون بهذا الحديث أم لا.
فإذا لم يثبت أنهم يعملون به أو لم يكن العمل به مشهورًا، وإنما عمل به بعض المتأخرين فينبغي أن يتأنى كثيرًا في تصحيح أمثال هذا الحديث.
التنبيه الثاني: ينبغي أن يعلم أن تبويب المحدثين لا يدل على أنهم يتبنون هذا الفقه، وإنما يذكرونه من باب الإخبار، وإن كانوا يخالفون ذلك، لذا تراهم في بعض الأحاديث الضعيفة كما يصنع النسائي وغيره يبوب عليه، ثم بعد ذلك يضعِّفها.
فالتبويب من باب الإخبار أن هذا الحديث يستفاد منه كذا وكذا، وليس من باب التبني، و أنه يُعمل بذلك، والله أعلم.