يقول السائل: لو تفصل في حكم وجوب المبيت بمنى للحاج لمن غربت عليه الشمس اليوم الثاني عشر؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن الحاج الذي يريد التعجل، أي يريد أن ينفر من منى في اليوم الثاني عشر، فإنه ليس له أن يتعجل إلا إذا خرج من منى قبل غروب الشمس، أما إذا لم يخرج من منى قبل غروب الشمس، فيجب عليه أن يتأخر، قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ} [البقرة: ٢٠٣].
والتعجل يجوز، وإن كان خلاف الأفضل، لكنه يجوز بشرط أن ينفر من منى، أي: أن يخرج من منى قبل أن تغرب شمس اليوم الثاني عشر، ذهب إلى هذا مالك والشافعي وأحمد، وثبت هذا عن ابن عمر رضي الله عنه، فقد «نهى عن النفر من منى لمن غربت عليه الشمس»، أخرجه مالك وغيره، وصححه ابن المنذر رحمه الله تعالى عن ابن عمر.
فإذًا يجب على من غربت عليه الشمس أن لا يخرج من منى، ويجب عليه أن يتأخر.
لكن أنبه إلى أمور:
الأمر الأول: من استعد للخروج، ورتَّب أمره للخروج، لكن عرض أمر وهو زحام أو غير ذلك من غير تفريط منه، فإن مثل هذا إذا رمى، ثم أراد الخروج، وما استطاع لأجل الزحام، فإنه معذور.
التنبيه الثاني: أن من رمى اليوم الثاني عشر قبل أن تغرب الشمس، له أن يتعجل كما تقدم، لكن ليس معنى هذا أنه يخرج حتى من مكة، إنما يخرج من منى، فلو خرج من منى قبل غروب الشمس، وجلس في مكة يومًا أو يومين، لا يضره، أو جلس في مكة بعد ذلك نصف يوم لا يقال: يجب عليه التأخر، أو جلس في مكة ساعات فلا يقال: عليه يجب التأخر، وإنما الأمر متعلق بمنى.
بل إنه لو تعجل وخرج قبل غروب الشمس وذهب إلى مكة لأي سبب كان، ثم رجع إلى منى بعد غروب الشمس لا يجب عليه أن يتأخر؛ لأن المهم أن يخرج من منى قبل غروب الشمس.
هذا ملخص ما يتعلق بالأحكام التي هي مرتبطة بالتعجل والتأخر لمن غربت عليه الشمس، ومتى يصح التعجل، ومتى لا يصح لمن غربت عليه الشمس.