يقول السائل: لو ذهبت نساؤنا للرمي لتعبت، ولكان عليها مشقة، ونحن متعجلون، فهل يصح أن نتوكل عنها؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: ينبغي أن يعلم أن المشقة نوعان:
مشقة من جهة التعب، فمثل هذا ليس عذرًا في الشرع.
والنوع الثاني: مشقة من جهة المرض، ونحو ذلك، فهذا عذر في الشرع، ذكر هذا ابن القيم في كتابه “إعلام الموقعين”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في “البخاري” لعائشة: «أجرك على قدر نصبك»، والحج بطبيعته فيه مشقة، لذلك هو جهاد.
وإذا تبين هذا، فإن المشقة لأجل التعب ليس عذرًا لإسقاط الأحكام الشرعية، فلا يصح لأحد أن يرمي عن أمه أو زوجته، وهي تستطيع الرمي، لأنه يترتب على رميها تعب ومشقة، وجهد فمثل هذا لا يصح، بل يجب أن ترمي عن نفسها.
وبعض الناس يتساهل، يريد أن يتعجل فيجعل أمه وبناته مثلًا عند الحرم، ويقول لهم: سأرمي عنكم، وأول ما أرمي عنكم طوفوا، هذا لا يصح إذا كان السبب التعب؛ فإن هذه المشقة ليست عذرًا.
أما إذا كان رميها يسبب مرضًا، أو يؤخر البرء فيصح له أن يتوكل عنها.
والدليل على الوكالة من حيث الأصل ما ثبت عند ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه: «أنه حج مع صبية له، من استطاع منهم رمى، ومن لم يستطع رمى عنه -رضي الله عنه-».
لكن أؤكد أن كثيرًا يتساهلون في مثل هذا، ومن تساهل في مثل هذا، فإنه قد ترك واجبًا، فإن من توكل عنها سواء كانت امرأة أو غيره من الرجال؛ لأن من توكل عنهم، فإنهم قد تركوا واجبًا وعليهم دم، أي: أن يذبحوا شاة، ويوزعوها على الفقراء في الحرم، ويكونوا قد فعلوا إثمًا، ومن فعل إثمًا فإن الإثم مانع للحج المبرور.