يقول السائل: قاعدة: ليس كل من وقع في بدعة فهو مبتدع، كيف يوفق بينها وبين قاعدة: أن المبتدع يبدَّع ولو كان جاهلًا أو متأوِّلًا؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: المبتدع يبدَّع فيما وقع فيه من البدع مما يستحق به التبديع، كأن يخالف في أمر كلي أو جزئي اشتهر الخلاف فيه بين أهل السنة وأهل البدعة، فإذا كان كذلك، فإنه يبدَّع، ولا يكون الجهل والتأويل مانعًا كما تقدم تفصيل هذا.
أما إذا وقع فيما ليس كذلك بأن وقع في بدعة جزئية لم يشتهر الخلاف فيها بين أهل السنة وأهل البدعة، ففي مثل هذا لا يبدَّع، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى” أن القاضي شريحًا أوَّل صفة العَجَب، وأنكر قراءة {بَلْ عَجِبْتُ} ، قال: ومع ذلك هو إمام من الأئمة بالاتفاق.
فإذًا لما وقع القاضي شريح رحمه الله تعالى في بدعة جزئية لم يشتهر الخلاف فيها بين أهل السنة وأهل البدعة لم يبدّع.
فعلى هذا ليس كل من وقع في بدعة يبدع، لكن إذا وقع فيما يستوجب تبديعه، فإنه يبدَّع ولا يكون الجهل ولا التأويل مانعًا، فبهذا أظن تعرف طريقة الجمع بين الأمرين.