ما الراجح في دم الجروح الذي يصيب الثوب؟
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: أن الدم الذي يصيب الثوب وغيره من الدماء الخارجة من بني آدم من الجروح وغيرها، هذه الدماء قد أجمع العلماء على أنها نجسة، حكى الإجماع جمع كبير من أهل العلم منهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيما نقله ابن تيميه في “شرح العمدة” وابن القيم في كتابه “إغاثة اللهفان”، ونقل الإجماع ابن حزم وابن عبد البر وابن قدامة، وجمع كبير من أهل العلم.
فالعلماء مجمعون على أن الدم نجس، وإنما حصل النزاع في الدم القليل، وفي دم الشهيد، وفي دم مأكولات اللحم، أما أصل الدم فإنه نجس.
فعلى هذا الدم الذي يخرج بسبب الجرح ويصيب الثوب فإنه نجس، لكن ينبغي أن يفرق بين الدم الكثير والقليل، فإن هناك فرقًا بين الدم الكثير والقليل كما أجمع الصحابة على ذلك، حكى الإجماع ابن قدامة رحمه الله تعالى كما هو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنه وجماعة من صحابة رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، فإذا أصاب الثوبَ دم قليل فإنه لا ينجِّسه، أما إذا أصابه دم كثير فإنه ينجسه، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
والعمدة في ذلك على آثار الصحابة.
فإن قيل: ما الضابط في الكثير والقليل؟
فيقال: الضابط في ذلك ما فحش في النفس، كما ثبت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأيضًا جاء عن قتادة بن دعامة السدوسي وعن غير واحد من أهل العلم، فالضابط في ذلك ما فَحُشَ في النفس، فما كان في نفسك كثيرًا فإنه يعد كثيرًا، وما كان قليلاً فإنه يعد قليلاً، وإذا شككت فاحتَطْ فإن الاحتياط مطلب شرعي.