يقول السائل: ما الفرق بين الرضا بما قدَّره الله لنا، والقنوط؟ مثلًا إذا دعيت الله في شيء سنواتٍ ولم يتحقق لي، ثم تركته، فهل يعنى هذا يأسًا؟ أو أني رضيت بما قسمه الله لي؟ وماذا أفعل؟ هل استمر بالدعاء من أجل أن يتحقق ما أرجوه من الدعاء؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُسْتَجَابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، ويَقُولُ: دَعَوْتُ، فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي))فمذموم في الشرع أن يترك الاستمرار على الدعاء لأجلِ أنه لا يستجاب للداعي، بل الذي ينبغي أن يستمر الداعي في الدعاء؛ لأن أقل ما في الدعاء أنه عبادة، وأنه مُثاب على ذلك، وأنه يصرف عنه من الشر بمثل ما دعا به، إلى غير ذلك، كما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الفرق بين الرضا بقضاء الله والقنوط: ففرقٌ كبير؛ فإن الرضا بقضاء الله يُعَدُّ إحسانَ ظنٍ بالله، أما القنوط فهو إساءة ظنٍ بالله؛ لذا قالت عائشة: ((يستجاب للداعي ما لم يعجل، أو يقنط)).
فالفارق في مثل هذا السؤال بين القانط وغيرهِ، وبين الراضي بقضاء الله وقدره هو النية، فمن أراد شيئًا ولم يفعله قنوطًا فهذا محرَّمٌ، ومن إساءة الظن بالله سبحانه، أما إذا تركه رضًا بالله -عز وجل- فهو إحسان ظنٍ بالله.
والإنسان إذا أراد شيئًا، فدعا الله، فلم يُستَجَب له، ولا يزال راغبًا له، فليستمر في الدعاء، ولا يترك ذلك، لا كسلًا، ولا من باب إساءة الظن بالله من باب أولى، والقنوط منه سبحانه، بل يستمر في الدعاء؛ لكن إذا تغيَّر الحال، ورأى أن الحال تغيّر، وأن نفسه لم تعد مقبلة على الأمر فلعلَ الله برحمته صرفه عن هذا الأمر، وعلى كل حال لابد أن يكون راضياً بالله، وفرقٌ كبيرٌ بين الرضى بالله وبقضائه وقدره وبين اليأس والقنوط من رحمة الله وروحه سبحانه تعالى.