يقول السائل: أرجو أن توضحوا لي الفرق بين الكيل والوزن، أو المكيل والموزون، حيث إني أقرأه في كتب الفقهاء، لكني لا أعرف الفرق بينهما؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: الكيل يرجع إلى الحجم، هذا من حيث الغالب، أما الوزن فإلى الثِّقَل، ومن أمثلة مَا يكال: التمر والبُر والشعير، والملح إلى آخره، ومن أمثلة ما يوزن: الذهب والفضة.
وهناك أمور لا تكال ولا توزن وإنما هي معدودات.
ثم إن ضابط معرفة ما يكال وما يوزن: هو ما ثبت عند أبي داود من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكيل مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة»، وذلك أن أهل المدينة معروفون بالزراعة، فأُرجِع الكيل إليهم، وأهل مكة لم يعرفوا بالزراعة وإنما بالتجارة فأُرجِع الوزن إليهم؛ لأنهم يزنون الأموال. ذكر معنى هذا الطبري رحمه الله تعالى.
فإذا اختلف في شيء، هل هو يكال أو يوزن؟ فينظر هل هو مما يكيله أهل المدينة، أو مما يوزنه أهل مكة، مما يجعله أهل المدينة مكيلًا، أو مما يجعله أهل مكة موزونًا، فإذا ثبت أن أهل المدينة جعلوه مكيلًا فإنه يكون مكيلًا، وإذا ثبت أن أهل مكة جعلوه موزونًا فإنه يكون موزونًا.
فإذا كان الرجل في بلد، وعنده شيء مما لا يُعرَف عن أهل المدينة أنهم يكيلونها، ولا عن أهل مكة أنهم يزينونه، فإنه يعمل بعرف بلده، فإن كان في بلده أكثر من عرف فيعمل بالعرف الشائع، فإن لم يكن في بلده، وإنما هو في بلد آخر ولا يعرف عرفهم، أو ليس لهم عرف فيه، فإنه يقيس بالأشبه في بلده.
هذه أصح تأصيلات أهل العلم في هذه المسألة، وذلك أن الرجوع إلى كيل أهل المدينة وميزان أهل مكة، ذهب إلى هذا المالكية، والشافعية، والحنابلة، وإلى القول بأنه إذا لم يوجد يرجع إلى عرف أهل البلد فهو قول عند الشافعية، والحنابلة.
وكذلك إذا اختلفت العادات فيأخذ بالأكثر عادة، قرَّر هذا ابن قدامة وغيرهم من أهل العلم .
فالمقصود أن التمييز بينهما قد يشكل في بعض الأمور، فتراعي فيه الضوابط التي تقدم ذكرها، لكن من حيث الجملة: الكيل يرجع إلى الحجم، والوزن يرجع إلى الثقل، على ما تقدم بيانه.