يقول السائل: ما الموقف السلفي في التعامل مع أهل البلد من غير المسلمين من النصارى والوثنيين ومعابدهم؟
يقال: الموقف ما يلي:
الأمر الأول: يجب بُغضُ الكافرين؛ لأنهم كافرون، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51]، هذا في أهل الكتاب فغيرهم من باب أولَى.
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1].
فإذًا يجب بُغضُهم، وكما ثبت عن عمر عند البيهقي، أنه قال: «والله لا أُعزِّهم، وقد أذلّهم الله، ولا أكرمهم وقد أهانهم الله، ولا أدنيهم وقد أقصاهم الله»، فيجب بغضهم بُغضًا دِينيًّا؛ لأنهم كفار.
الأمر الثاني: لا يجوز الاعتداء عليهم بظُلْمٍ، سواء بضرب، أو بسفك دمٍ، أو بتفجيرٍ أو غير ذلك، فإن هذا محرَّم، ومثله لا يجوز، وهو غدر للعَهْد والأمانة.
فإنه بمجرد وجودك معهم في بلادٍ ولو كانت كافرة، فإن بينكم وبينهم أمانًا بألا يعتدي بعضُكُم على بعض.
ومَنْ فَعل هذا؛ فهو آثم، في نفس الفعل، ثم لما يترتَّب عليه من تشويه الإسلام، وتنفيره من الدعوة.
الأمر الثالث: ينبغي الاجتهاد في دعوتهم للإسلام بالمعاملة الحسنة بنشر الكُتُب، وبدعوتهم بالكلمة، وبنشر المسجلات سواء عن طريق الجوالات أو غيرها أو تويتر في نشر الإسلام، وردِّ شبهات المخالفين ونحوها.
هذا هو الموقف الذي ينبغي أن يُراعَى.
والأمر الرابع: هو أن تُلتَزَم الأنظمة التي لا تخالف الشريعة، كنظام المرور وغير ذلك من الأنظمة الكثيرة التي لا تُخالِف الشريعة؛ فإن مثل هذه تُلتَزَم.
وفيما يتعلَّق بمعابدهم يجب أن نعتَقِد بُطلانَها، وأنها معابد شركِيَّة وكفريَّة، لكن في المقابل لا يجوز الاعتداء عليها.
وينبغي أن يُعلَم تأصيلا: أن هناك فرقًا بين حال القوَّة وحال الضعف؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان في مكة، وكان المسلمون في ضَعفٍ، لم يُقاتِل الكُفَّار، ولم يُفسِد عليهم أديانهم إلى غير ذلك، بل دعاهم بالكلمة -صلى الله عليه وسلم-، وهذا بخلاف حال القوة، فإنه لما قَوِي المسلمون، وكان عندهم القدرة، وغلبت مصلحة القتال على مفسدته شَرَع الله القِتَال.
لذا ذكر ابن جرير ثم شيخ الإسلام ابن تيمية ثم ابن القيم: أن آيات السيف التي نزلت في القرآن هي في حال القوة، وأن آيات الصبر التي نزلت في القرآن هي في حال الضعف، فكلٌ يُنزَّل منزلته.
أسأل الله الذي لا إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما عَلَّمنا، وجزاكم الله خيرًا.