يقول السائل: ما حكم الأجبان التي لا يُعرف من أين أُخذت؟ وأنفحتها قد تكون من الخنزير أو من حيوان حلال مذبوح أو غير مذبوح؟
الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن الحياة نوعان: حياة إحساس وشعور، وحياة نمو وزيادة. وما كان من النوع الأول وهو حياة الإحساس والشعور، فإنه ينجس بموته وغير ذلك، وتحل فيه النجاسة، كاللحم وكالعصب ونحو ذلك، أما ما كان حياته حياة نمو وزيادة كالعظم والظفر والشعر فإنه لا ينجس ولا تحله النجاسة، وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة والإمام أحمد في رواية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.
إذا تبيَّن هذا فإن الأنفحة التي توضع في الأجبان ومثلها اللبن، فإنه لا ينجس لكونه من حيوان نجس أو للموت بأن يُؤخذ من حيوان ميت لم يُذك، إلى غير ذلك، لأن حياته حياة نمو وزيادة لا حياة إحساس وشعور، وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة وأحمد في رواية وهو اختيار ابن تيمية، بل هو الثابت عن سلمان الفارسي، وحكى ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كما في (مجموع الفتاوى) وفي (منهاج السنة) إجماع الصحابة على ذلك، وأن الأنفحة لا تنجس، وأن الصحابة -رضي الله عنهم- لما دخلوا بلاد الكفار بلاد الفرس، أكلوا من أجبانهم ولم يسألوا عن هذه الأجبان أهي حلال أم لا، بل جوزها سلمان الفارسي -رضي الله عنه-.
إذن هذا أمر ينبغي أن يُعرف، وبه تنجلي كثير من الأمور -إن شاء الله تعالى- وقد ذكر شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في كتابه المطبوع: (لقاءات وفتاوى الأقليات المسلمة) أن الأجبان لو كانت مصنوعة من أنفحة الخنزير فإنها حلال، وهذا صحيح على ما تقدم تأصيله، أسأل الله أن يغفر له وأن يجمعنا وإياكم وإياه في الفردوس الأعلى.